عاجل
الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
قرارات «الحكماء» في مواجهة «أحاجي بركات»

قرارات «الحكماء» في مواجهة «أحاجي بركات»

بقلم : محمد مصطفي أبوشامة

لا أتحمَّلُ متابعة أيِّ مسؤولٍ إسرائيليٍّ يتحدث للإعلام، تنتابني حالة هياج عصبي ورغبة عارمة في تحطيم كل شيء، وهي رغبة لا علاقة لها إطلاقًا بـ«معاداة السامية»، لأننا للأسف أولاد عم.. نحن وهم «ساميون»، هذا ما تقودنا إليه الآية الكريمة من سورة الصافَّات: «وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ»، فكلنا أبناءُ سام ابن نوح عليهما السلام.



لكنّني تحملتُ هذه المرة بفضل قوله تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ»، وجلستُ أتابع رئيس بلدية القدس نير بركات في حديث تليفزيوني سابق لإحدى الفضائيات الغربية أعادت إذاعته مؤخرًا، بحكم أنه اللاعب الرئيسي في أزمة الأقصى الأخيرة، التي اشتعلت عقب إجراءاتٍ أمنية غير مسبوقة اتخَذَتْها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تَمَثَّلَت في إغلاق الحرم القدسي الشريف أمام المصلين لأول مرة منذ عام 1969، ثم محاولة نصب بوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة أمام أبوابه.

كان حديث بركات يعجّ بالأكاذيب والتدليس، ويزدحم بالأباطيل والأساطير التقليدية التي ورثها عن أجداده (حكماء صهيون)، وتعلّمها في مدارس دولته العنصرية، لكن الحديث بدا (لمن لا يعلم) عقلانيًّا ومنظمًا، ويشبه الصدق، على طريقة إسرائيل الملتوية والخبيثة، التي تسوق بها قراراتِها التعسفيةَ، وإجراءاتِها القمعيةَ ضد الشعب الفلسطيني الصامد، ليشتريَها الزبون الغربيُّ ويقتنع بها (للأسف).

وأبرز ما استوقفني في حديث هذا «الأفَّاق الصهيوني» ردودُه «الجاهزة والطازجة»، ودفاعه الحماسي عن أي أسئلة أو اتهامات تُثار حول انتهاكات إسرائيل أو اعتداءاتها المستمرة، حيث يطلق حججه وأحاجيه ويهرب من الإجابة، كما لا يدخر أي فرصة بين أجوبته الضبابية، ليحذر من الإسلام والمسلمين، وخطر «داعش» و«حزب الله» والنووي الإيراني وصواريخ المقاومة الفلسطينية، يخلط كل الملفات والأزمات في كلمة واحدة، ويقذف بها في وجه العالم، محذرًا الجميع (بنبرة مؤثرة) من مخاطر الإرهاب، قبل أن يختتم متقيئًا أحلامه الوهمية بأن القدس عاصمة إسرائيل، مؤكدًا على احترام دولته للحرية الدينية وحرية الحركة وحرية التعبير، فخورًا بأنه لا يوجد مكان يتمتع بذلك في الشرق الأوسط إلا القدس، مرددًا بحماس: «نحن المكان الوحيد المفتوح لكل الأديان».

وعلى صعيد أزمة الأقصى المستمرة، كان رَدُّ المسلمين حاضرًا من خلال بيان مجلس حكمائهم الذي عقد اجتماعًا طارئًا يوم الاثنين (31 يوليو) برئاسة الدكتور أحمد الطيب بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي، وحذر فيه من أن «الصمت على الإرهاب الصهيوني يهدد السلام العالمي، ولا بد من إجراءات صارمة لوقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى». كما حذر من أن «استمرار هذا الإرهاب (الإسرائيلي) يشعل فتيل حرب دينية قد تقضي على المنطقة بأسرها».

كما أعلن مجلس حكماء المسلمين عن مشاركته للأزهر الشريف في عقد مؤتمر الأزهر العالمي عن القدس في شهر سبتمبر المقبل، مؤكدا أن المؤتمر"سيبحث قرارات مصيرية بشأن القدس والتي تمثل قضية المسلمين الأولى".

ويمثل هذا المؤتمر ضرورةً ملحَّةً، في ظل وجود مسئولين إسرائيليين على شاكلة نير بركات وشريكه بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، ومِن ورائهما العصابة الصهيونية، واستمرار أطماعهم في القدس.

لاشك أن إسرائيل قد فوجِئَتْ بالشعب الفلسطيني وتماسُكِه وارتبكَتْ أمام نجاح اعتصامه المتصِل في شوارع القدس القديمة ومحيط المسجد الأقصى لأكثر من أسبوعين، وممارسته للمقاومة الذكية في أبهى صورها، كما أثبت المقدسيون أمام العالم نبل قضيتهم وثقتهم في عدالتها، لهذا تراجعت بلدية القدس عن إجراءاتها مؤقتًا، لكنها أبدًا لن تتراجع عن أهدافها، ولا نملك في هذه اللحظة التاريخية الحزينة التي بلغ فيها الضعف العربي مداه، إلا أن تستمر مقاومتنا، ويتصل دعاؤنا..

و«سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز