عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
من يدخل الجنة .. ؟؟

من يدخل الجنة .. ؟؟

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

من يدخل الجنة .. ؟؟ سؤال ما زال وسيظل يراود كل البشر المؤمنين بوجود حساب وثواب وعقاب بعد انتهاء حياتهم في الدنيا ، والسؤال منطقي ومشروع ومن حق كل منا أن يعرف حقيقة مآله بعد الموت ، فكل البشر يموتون ولا مخلد على الأرض ، ولذلك فكل منا يشغله مصيره القادم أحيانا بل وكثيرا خاصة عند الإحساس باقتراب الرحيل أيا كانت الأسباب ، وهي قناعة شخصية بأن لكل عمل نتيجة وبالتالي فلحياتنا على الأرض نهاية وحساب ونتيجة ، ولا عبث في خلق البشر ولا في مآلهم ونهايتهم ، ولا أنكر أنني بحثت كثيرا في كل الأديان السماوية والبشرية الأرضية عما يقنع عقلي الضعيف ويستقر فهمه في نفسي المتواضعة ، ولكني أقر أنني فشلت في إيجاد ما يروي ظمأ نفسي لمنطق مقبول حتى في كل ما كتبه المفسرون وعلماء الأديان الأشاوس في كل الملل والنحل والمذاهب منذ قرون طويلة وهو ما يعتبره المحدثون في كل الأديان (أسفا) مصدرا مقدسا للعلم والفهم ، فكل أصحاب ديانة أو ملة يرون أنفسهم هم أصحاب الجنة هم فيها خالدون ، وغيرهم .. إما كلابا خلقها الله لتخدمهم ولا جنة لهم مثل اليهود ، أو هم خالدون في النار لأنهم لم يؤمنوا بالمسيح المخلص لدى النصارى ، أو بمحمد الرسول الخاتم لدى المسلمين ، فالجميع يرى أن غيرهم لن يدخلوا الجنة ولا يرون ريحها ، حتى المسلمين رغم أن بين أيديهم كتاب علوم الدنيا الشامل المحفوظ حرفه وكلماته من التزوير (كما يقول عنه علماء وكهنة الفاتيكان) ، ولكنهم لا يقرأون ولا يعقلون ما يقرأون ، بل ومنهم من يركنون لتقليد من سبقهم بتزوير المفاهيم وتزييف القيم المطلقة لله في خلقه ، حرصا على مكانات ومناصب وكهنوت مقدس في الدنيا تماما مثل غيرهم من كل رجالات الأديان عبر تاريخ البشرية .



وقبل أن نستعرض كلاما ربما يصدم كثيرا من رجال الأديان ، فنسأل أنفسنا بأمانة ، من منا اختار يوم مولده أو يوم وفاته ، وبالتالي من منا اختار شيئا مما بينهما ، بداية باسمه وأهله ودينه وبيئته وزوجته وأولاده وعمله وعلمه ورزقه وأيام سعادته وحزنه ، من منا تحديدا خيروه في اتخاذ دينه تحديدا ، ثم من منا تحقق وتيقن أن دينه الذي ورثه هو الحق الذي يستحق اتباعه ، أم هو التعصب الأعمى بجهل لموروثات تاريخية التصقت بالإنسان في وهم الحياة على الأرض نقلا عن والديه بميراث عائلة لا وجود ولا قيمة لها إلا عبر أيام عمره التي لم يخير في بدايتها ولا يعرف نهايتها ، وبالتالي فلو صح أن هناك (دينا واحد صحيحا) في مفاهيمه ومعتقداته والباقي على ضلال ، فهل يكون الخالق العظيم .. ظالما لمعظم البشر لأنه رزقهم أديانا ولدوا عليها .. وهي غير دينه الحق الذي اختص به أبنائه وأحبائه أو أوليائه ، وما ذنبي وأنا لا أعرف شيئا .. أن أكون ممن كرههم الخالق بلا ذنب أو جريرة .. فشاء سبحانه أن يكون وجودي في الحياة منتميا لأصحاب الضلال والبهتان ؟؟

حاشا لله ونستغفر الله من كل ذنب عظيم وصغير .. فهو سبحانه هو العدل وهو الحق المبين ، الرحمن الرحيم ، والذي هو أرحم بكل خلقه من الأم برضيعها ، وليس الخطأ فيما شاء الله وقدره على البشر من خلقه ، بل الزور والضلال والبهتان هو في مفاهيم البشر وغباء نفوسهم وحماقة عقولهم وادعائهم على الله الواحد الأحد ودينه الواحد بالباطل ، وأساسه الفطري هو في شهوة كل إنسان منا أن يكون وحده هو الوحيد صاحب الحظوة المميز لدى مالك الملك وخلق الخلق ، وهي آفة البشر منذ آدم ، ونجدها في السلوك الفطري لأطفالنا وهم يمارسون لعبة التقرب للوالدين على حساب تشويه صور اخوتهم لدى الوالدين ، وهو ما فعله أبناء نبي الله يعقوب بأخيهم يوسف (ليخلو لكم وجه أبيكم ، وتكونوا من بعده قوما صالحين) ، وهو ما لم ينتبه له مفسروا المسلمين ، حتى إخوة يوسف أبناء نبي الله يحللون لأنفسهم ارتكاب جريمة قتل أو تشريد أخيهم ، أملا في أن يكونوا بعدها قوما صالحين ، وهو ببساطة ما يفعله كل رجال الدين في كل الأديان ، يشردون ويحكمون بجهنم والعذاب على كل البشر خلافهم ، بادعاء أنهم قوما صالحين وأنهم أبناء الله وأوليائه وأحبابه ، ليحافظوا على قدسياتهم أمام أتباع ضلالهم فهم رجال الدين وأقرب لله المخلص والرحيم ، والله بريء منهم جميعا في الدنيا والآخرة .

ألم يمر في خاطر أيا من رجال الدين أن الخالق العظيم العادل والقاهر فوق عباده ، ربما يكون قد خلقهم مختلفين حتى يختبر كل منهم فيما أعطاه وأتاه من علم ومعتقدات وأرزاق ، وليختبر كل منهم بالآخرين خاصة وأن السباق الوحيد بينهم جميعا هو في إعمار الأرض مهما كانت معتقداتهم ودياناتهم ، بل هو السؤال الأهم للمسلمين ، ألم تقرأوا قول الله تعالى في قرآنكم الكريم .. { .. لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً .. وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً .. وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم .. فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ .. إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً .. فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48 ، أليس هذا إعلانا وبلاغا قاطعا من الخالق أنه سبحانه قد جعل لكل أمة منهاجها وشرائعها ، وأنها مشيئة الله وقضاءه أن يكونوا مقسمين إلى أمم مختلفة وليسوا أمة واحدة ، فقط ليختبر كل أمة باختلافهم مع الآخرين ، وما عليهم جميعا سوى التسابق في الدنيا لإعمارها بالعمل الصالح وما فيه خيرا للجميع ، وسوف يرجعون إلى الله فيوضح لهم ما اختلفوا فيه من قبل.

بل من العجيب أن يقلد المسلمين ورجال دينهم من سبقهم من اليهود والنصارى بقولهم بأنه لن يدخل الجنة إلا من آمن بمحمد ورسالته ،  بل إن بعض المتعصبين من دعاة المسلمين ابتدعوا قصصا وأحاديثا كاذبة تقول أن مفتاح الجنة هو محمد رسول الله ، بل ويصرون أن من قال الشهادتين فهو في الجنة خالدا فيها مهما فعل وحتى لو دخل النار فسوف تنجيه وتخرجه منها إلى الجنة ، وكأنهم لم يقرأوا ولم يفهموا قرار الخالق فيما يدعونه كذبا وزورا في قوله تعالى في قرآنهم الكريم .. {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ، بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة 80 / 81 ، والأعجب أن كثيرا من الدعاة ورجال الدين يشترطون الإيمان بدين أو رسول معين لدخول الجنة وكأن الرسل والأنبياء قد أصبحوا حجة على الله في خلقه ودينه ، فترى النصارى يشترطون الإيمان بالمسيح المخلص ، والمسلمون يشترطون الإيمان بمسمى الإسلام ومحمد الخاتم متعذرين بقوله تعالى .. {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ .. }آل عمران19، وكأنهم لم يتعلموا أن الإسلام بمعناه الحقيقي والبسيط كما يريده الله من خلقه هو تسليم النفس لله والخوف من عقابه والسعي لرضاه ، بل كأنهم لم يقرأوا ولم يسمعوا بشروط الله تعالى فيمن يقبله ربه من عامة البشر غير المسلمين في قوله تعالى .. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 ، والصابئين هنا .. هم الكافرون بكل إله كعبدة البقر والشمس والنار والماء ، فالله يعدد صور الاعتقاد في الدنيا إلى أن تقوم الساعة ويقرر أنه سبحانه قد وضع شروطا ثلاثة فقط يقبل الله بها عبيده وخلقه أيا كان مسميات أديانهم ومعتقداتهم وأن سوف يجازيهم بها كل الخير ويؤمنهم من أي عذاب .. وهذه الشروط الثلاثة .. هي الأيمان بوجود خالق عظيم للكون أيا كان مسماه لديهم ، وأن هذا الخالق سوف يحاسبهم بعد موتهم ، ثم أخيرا يعملون صالحا وهو ما يصلح به وجه الدنيا والبشر وتلك هي الشروط الثلاثة التي يقبل الله البشر من غير المسلمين ، لماذا ؟؟ ، لأن المسلمين هم آخر أمة وبين أيديهم الميثاق الكامل والشامل لحياة البشر فهم مكلفون بما لم تكلف به أمة قبلهم ، وهو ما سوف نتعرض له لاحقا ..

أخيرا .. فالجنة هي ثواب الله العادل والمتاح لكل البشر أيا كان دينهم ومعتقداهم التي ورثوها ( والتي لم يكن لهم أي فضل في اختيارها) ، وشروط الوصول لهذه الجنة بنعيمها بسيطة ومنطقية وهي ثلاثة لا رابع لها ، هي الإيمان بوجود خالق واحد عظيم وقادر ، وأنه سوف يحاسبنا بعد موتنا ، ثم العمل الصالح في الدنيا ، فإذا وجدنا من يعمل صالحا في الدنيا ويعمر الأرض ، فلنعلم أنه قريب من رحمة الله وثوابه ورضاه ، ولا يفصله عن الجنة سوى (إيمان بوجود إله خالق عظيم) يدخل قلبه في لحظة قبل موته ، {.. فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70 ، وليس شرطا أن يؤمن بعيسى المخلص ولا بمحمد الخاتم ولا بموسى الكليم ، وهو ما يقرره سبحانه بقوله تعالى .. {.. لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا .. }الطلاق7 ، فالله لا يحاسب نفسا إلا على قدر ما آتاها وعلمها ورزقها به في عمرها ، ولذلك لن يسألك عن زكاة مالك إلا على قدر ما رزقك به من مال ، ولا يسألك عن عمل لم يرزقك الصحة أو القوة أو العلم لعمله ، وهو عين العدل للخالق العظيم في خلقه وعباده ، وتلك رسالة تنبيه لكل رجال الدين والدعاة في كل دين خاصة المسلمين ، أن لا ننسى ولا تتغافل وأن نمعن الفهم والتدبر في قرار الله الأبدي والعادل في كل خلقه في قوله تعالى .. { .. لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً .. وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً .. وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم .. فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ .. إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً .. فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48 ...

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز