عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
في سكك حديد مصر " سيبك .. بيعملوها كتير ! "

في سكك حديد مصر " سيبك .. بيعملوها كتير ! "

بقلم : محمد يوسف العزيزى

مع كل حادث يقع يسقط بسببه ضحايا أبرياء - سواء كان حادث قطار أو حادث غرق عبارة أو أوتوبيس نقل عام أو سياحي أو ما شابه – تنبري الأقلام وترتفع الأصوات تستدعي الحوادث المماثلة وتتذكر ما قيل في مثل هذه المناسبات التي تتكرر كثيرا ، وما أشبه الليلة بالبارحة .. نفس الكلمات وذات التصريحات لا يتغير فيها شيء غير المسئول الذي يصرح وربما يكون نفس المسئول .. بعد يوم أو يومين أو ثلاثة علي الأكثر يتحول الحادث إلي ذكري ويتحول الضحايا إلي رقم في سلسلة التحقيقات التي تنتهي إلي .... ! وتعود الحياة إلي سيرتها الأولي ويركب الضحايا القطارات والأوتوبيسات وكأن شيئا لم يكن .. لا دروس مستفادة ، ولا عظة من موت ، ولا ردع من قانون ، ولا قانون يفرض قوته فيحاسب المهمل !



ولأن الإهمال صورة شديدة البؤس من صور الفساد الذي ينافس الإرهاب في عدد الضحايا الذين يسقطون بسببه فقد توقفت أمام بعض الجمل والعبارات التي جاءت في التحقيقات الأولية في حادث قطاري ( الإسكندرية- خورشيد ) الذي أزهق أرواح 41 ضحية بريئة وتسبب في إصابة حوالي 200 شخص آخرين .

قال سائق القطار المتسبب في الاصطدام لمساعده عند رؤية إشارات التحذير التي تنبهه إلي وجود خطر أمامه " سيبك .. بيعملوها كتير " .. وأشارت التحقيقات إلي أن هناك احتمال فشل تشغيل الفرامل الكترونيا ، والمفاجأة أن مصادر بهيئة السكة الحديد كشفت أن هذا السائق هو نفس سائق قطار حادث المناشي – إيتاي البارود الذي خرج عن القضبان وتسبب في كارثة في 2013 بسبب رعونته وتجاوز السرعة المقررة وتعطيل الجهاز الذي يتحكم في السرعة الزائدة .

( سيبك .. بيعملوها كتير .. فشل تشغيل الفرامل .. سائق متخصص في تجاوز السرعة وصناعة الحوادث ) .. هذه الكلمات لخصت مشكلة هيئة سكك حديد مصر.. المرض واضح ومعروف ، وأسباب التدهور في المرفق يعرفها الكبير والصغير ومع ذلك لا نتوقف عن الكلام وإطلاق التصريحات وإلقاء الاتهامات .. الوزير يستقيل .. رئيس الهيئة يغور في داهية .. الحكومة كلها تستقيل .. و .. و.. !

المشكلة تنحصر في الإهمال .. الاستهانة .. قلة الإمكانات .. الرقابة والمتابعة .. فساد الإدارة .. والسؤال هل يتغير شيء في هذه العوامل كلما غيرنا الوزير أو رئيس الهيئة ؟.. ما أكثر وزراء النقل ورؤساء الهيئة الذين يستقيلون أو يَقالون بسبب حوادث القطارات ، ومع ذلك تقع الحوادث وكل حادث أبشع وأكبر من سابقه !

هل هناك حل يوقف التدهور في هذه الهيئة ؟ وهل هناك طريقة لتجنب هذه الحوادث قدر الإمكان ؟ بالقطع هناك حلول تعالج هذا العوار الموجود منذ سنين طويلة وأظن أنه يتحقق من خلال إدارة رشيدة وتدبير موارد للتطوير والتحديث المطلوب خصوصا ونحن نستهدف الاستفادة من السكة الحديد في نقل البضائع بنسبة كبيرة للتخفيف عن الطرق التي تنهار بسرعة بسبب الحمولات الكبيرة عليها .

مشكلة الموارد يمكن حلها بسهولة من تعظيم الاستفادة من أراضي حرم السكة الحديد والتي تصل إلي 190 مليون متر مربع حسب تقرير جهاز المحاسبات لا تعرف الهيئة شيئا عن 96% منها ، وهذا يعني أنها أغني سكك حديد في العالم ، وحسب خبراء قالوا أن السكك الحديدية تمر في مدن وعواصم المحافظات ويصل سعر متر الأرض في هذه الأماكن إلي 50 ألف جنيه ولو قامت الحكومة بطرح 50 مليون متر بسعر المتر 10 آلاف جنيه فقط ستحصل علي 5 تريليون جنيه وستتحول كل العشوائيات التي تشوه وتغتصب أملاك الهيئة إلي محلات وأسواق حضارية ، وإذا أضفنا قيمة الخردة الموجودة منذ أنشأ الانجليز هذه السكك الحديدية لتوفر لدينا رقم يمكن به تنفيذ أعظم سكك حديدية في العالم بعيدا عن القروض والاستدانة .

أما مشكلة الإدارة فليس هناك بد من خصخصة الإدارة فقط أي إسنادها لشركة متخصصة تستطيع أن تدير المرفق بشكل اقتصادي يحقق خدمة جيدة وآدمية وتحقيق ربح ، وهناك تجارب كثيرة في دول العالم منها بريطانيا أم السكك الحديدية في العالم !

يبقي اتخاذ القرار دون النظر لعواجيز الفرح الذين يجيدون لطم الخدود وشق الجيوب والفرح والشماتة في الموت ومصائب الناس .. !

الذين يصنعون المشاكل لن يكونوا يوما صناع الحلول ، والاستغراق في شعارات تجاوزها الزمن لن ينقلنا خطوة للأمام !

خصخصة الإدارة سوف تطهر الهيئة من الإهمال والفساد وتغلق التكية التي يرتع فيها الفاسدون وتنسف شعار " سيبك .. بيعملوها كتير "    

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز