عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إعلامنا العربى يكلم نفسه!

إعلامنا العربى يكلم نفسه!

بقلم : رشاد كامل

«لغتنا الجميلة» برنامج إذاعى لا ينساه أبناء جيلى الذى كان يقدمه الإذاعى والإعلامى الشاعر الكبير الأستاذ «فاروق شوشة»، وكان يسبق البرنامج مقدمة بصوت عميد الأدب العربى الدكتور «طه حسين».




وكما أمتعنى برنامج «لغتنا الجميلة» أمتعنى أيضا برنامج «أمسية ثقافية» الذى كان يقدمه التليفزيون العربى لسنوات طويلة واستضاف فيه «فاروق شوشة» نجوم الأدب والفكر، ولفاروق شوشة كتب مهمة وبديعة فى الشعر والنقد وأكثر من ديوان شعرى منها «إلى مسافرة» و«لؤلؤة  فى القلب» و«العيون المحترقة» و«الجميلة تنزل إلى النهر» وغيرها!


توقفت طويلا أمام مقال مهم وعميق كتبه فاروق شوشة جاء فى كتابه «ثقافة الأسلاك الشائكة» «صدر عام 2001» بعنوان «إعلامنا العربى يكلم نفسه» وكأنه مكتوب اليوم وليس منذ 16 سنة، يقول «فاروق شوشة»:


«لم يعد خافيا على أحد أن الإعلام العربى يكلم نفسه بأكثر مما يتجه إلى مخاطبة الآخر ومناطق التأثير فى الرأى العام العالمى، وكثيرا ما تساءلت وأنا أتابع من خلال البث التليفزيونى العربى وفضائياته المتعددة وإذاعاته الصارخة المدوية بأعنف الأحاديث والحوارات والتعليقات لم يوجه كل هذا الكلام لنا نحن المستمعين والمشاهدين المصريين والعرب؟! هل نحن حقا الذين ينبغى أن يصب فى عيوننا وأسماعنا، فى عقولنا ووجداناتنا ليل نهار هذا الفيض الإعلامى الهادر، ولم ترد على كوننا جلوسا فى غرفة مغلقة، يهاتى كل منا لصاحبه ويفرغ طاقته فى أخيه، والآخرون- الذين ينبغى أن يكونوا معنيين - لا يدرون شيئا ولا يصلهم شىء من هذا الذى نبدأ فيه ونزيد ونعيد؟!


وآفة الإعلام العربى أنه استطاع طوال نصف قرن أن يقنع الناس بأن مجرد «القول» يمكن أن يكون بديلا عن «الفعل»، وأن ما يحدثه الكلام العاصف الصاخب فى نفوس مستقبليه من راحة وتطهير يكفى لتحقيق الرسالة الإعلامية، أما الحض على الفعل بزيادة مساحة الوعى، وتوسيع آفاق الحوار الحر وتحديد المسئولية إزاء الأحداث والمواقف، وإلقاء الضوء من زوايا مختلفة على الموضوع الواحد، وتوثيق كل ما يقال بالحقائق والمعلومات والأدلة والبراهين المصورة والمسموعة وإحداث الثقة عند المتلقى بالنقد الذاتى قبل نقد الآخر، والسرعة إلى التصحيح والتصويب والاعتذار فى حالات الخطأ أو نقص المعلومة وتكوين الكوادر العاملة القادرة على أن ترتفع إلى مستوى المسئولية وشرف المواجهة فلا تصبح كوادر مضحكة مبكية عاجزة تسقط فى أى مجال للمواجهة وأى امتحان لوعيها الزائف وسطحيتها الفاقعة وجهلها الناصع وسوقيتها المتدنية وألوانها التى تصبغ دمى ومومياوات!


ويمضى الأستاذ «فاروق شوشة» فيقول: وهو أمر يذكرنا بموقعنا من قناة «الجزيرة» وما سالت به الأقلام والرسوم الكاريكاتورية فى الأيام الأخيرة، ولكأننا اكتشفنا فجأة طبيعة هذه القناة وحقيقتها وأهدافها وتوجهاتها التى لم تكن خافية على كل من تابعها منذ أيامها الأولى، لكن يبدو أن سخونة الأحداث الأخيرة وانكشاف الأقنعة أكثر من كوادرها القبيحة هو الذى فجر هذه المواجهة العارمة من النقد والغضب والهجوم.


الرد الوحيد على قناة «الجزيرة» إعلام عصرى حقيقى يهجم عليها بالوعى والاستنارة واستقطاب من لا يزالون يشعرون بأن إعلام بلادهم يتجاهلهم ولا يتسع لهم فيفتشون عن مكان لهم حتى لو كان المكان قناة «الجزيرة» وكوادر أحسن تدريبها وصقلها ودفعها دفعا إلى مساحات الجرأة والاقتحام وعدم انتظار الأوامر والنواهى لكى تقرر وتتحرك وبرامج مخدومة فى كل شىء تستقطب الاهتمام وتحقيق ثقة المواطن واحترامه، وإلا فالبديل الذى أحذر منه أننا خلال سنوات قليلة لن نجد فقط قناة الجزيرة - التى تنعق كما تنعق الغربان - وإنما سنجد قنوات أخرى عديدة تقلدها وتحاكيها، وتجد فرصتها فى تقاعسنا وعدم جديتنا فى التغيير، مع أن الذى نشكو منه واضحًا لكل ذى عينين!


ليس بحاجة إلى بحث أو استبيان، والذين يتحكمون فى مقادير أجهزتنا الإعلامية العربية يعرفونه جيدا ويدركون خطورته لكنهم لا يتحركون».


ولا يزال حلم «فاروق شوشة» ينتظر أن يتحول إلى حقيقة!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز