عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الصحافة وإعادة صياغة الشخصية المصرية

الصحافة وإعادة صياغة الشخصية المصرية

بقلم : م/ عبد الصادق الشوربجي

من العبارات المهمة التى أصبحنا نتداولها كثيراً فى الفترة الأخيرة عبارة «إعادة صياغة وبناء الشخصية المصرية»، بعد أن لاحظنا جميعاً وجود تشوهات طرأت على هذه الشخصية المصرية.




ودخلت على هذه الشخصيات سلوكيات وتصرفات شاذة لم يعد يقبلها أحد ويرفضها الجميع لكنها فى تزايد ونراها بوضوح فى كل مكان سواء فى الشارع أو أماكن العمل أو عبر مسلسلات التليفزيون أو حتى فى النظرة المتشائمة التى ننظر بها إلى أمور كثيرة فى حياتنا.


ومن هنا يبرز دور الصحافة وما تنشره من أخبار وتحقيقات ومقالات رأى متنوعة فى إعادة صياغة وبناء الشخصية المصرية التى ظلت على مر التاريخ والعصور تتمتع بصفات ايجابية رائعة مثل الصبر والطيبة والجدعنة والتسابق إلى فعل الخير ومساندة الضعيف والتسامح ومحبة الخير للآخرين وغيرها من الصفات.


والمؤكد أن كثيراً من هذه الصفات مازالت موجودة بداخلنا لكنها تحتاج الى إعادة نشرها عبر صفحات الصحف والمجلات.


والملاحظ أن الصحافة تتسابق فى نشر جرائم وانحرافات وفساد بشكل مستمر مما يخيل إلى القارئ والمواطن البسيط أن مصر أصبحت هكذا ولا وجود للشرفاء فيها.


والصحافة تتوسع بل وتبالغ أحياناً فى نشر تفاصيل العمليات الإرهابية بينما المفروض أن تتوسع فى نشر بطولات أبناء القوات المسلحة والشرطة ونشر بطولاتهم فى التصدى للإرهاب حتى لو كان الثمن هو التضحية بأرواحهم.


لقد لوحظ فى الفترة الأخيرة انشغال الصحافة بالدخول فى معارك صغيرة وفرعية تسىء إلى شكل ومصداقية الصحافة..وكذلك توسعها فى نشر حوادث غريبة وشاذة عن مجتمعنا، حتى لو كانت حوادث فردية.. لكن الإعلام المعادى يعيد تضخيمها ونشرها على أوسع نطاق.


لقد باتت قصص وأخبار الفساد هى المسيطرة على المقالات والتحقيقات أما الإيجابيات وهى كثيرة فلا أحد يلتفت لها أو يشير إليها بل أكثر من ذلك أن بعض الأقلام قد تخصصت فى التشكيك وتشويه أى إنجاز وطنى يقام على أرض الواقع وما أكثر الأمثلة على ذلك.


وما أكثر الأخطاء التى ترتكب باسم «النقد» وحرية الصحافة مما يكون لها أثر عكسى على قارئ الصحيفة.. ولم يعد النقد لوجه الله والوطن بل أصبحت المصالح تحركه، وهنا أضرب مثلاً بما يحدث فى الشارع الرياضى، حيث التعصب والتطرف الكروى بين فريقى الأهلى والزمالك أصبح السمة الغالبة على ما يكتب، وبدلاً من أن تكون صفحات الرياضة ساحة لتشجيع الرياضة وأن الرياضة أخلاق وفوز وهزيمة، أصبحت الصحافة مجالاً كبيراً لزيادة التعصب بين الجماهير والقراء.
ونفس الشىء يحدث فى مجال الفن حيث تهتم الصحافة بالأخبار الشخصية وربما التافهة على حساب الاهتمام بالعمل الفنى وتشجيع الجيد منه ونقد الأعمال الهابطة التى تفسد الذوق والوجدان.


ولعل الأخطر من ذلك كله تجاهل الصحافة لمتابعة ما يدور على أرض الواقع من إنشاءات ومشاريع عملاقة تهم وتؤثر فى حياة الملايين وتلتفت إلى المشاكل الصغيرة وتضخم فيها.


فنجد مثلاً أن حادث تحرش يقع فى مكان ما يتم التركيز عليه وكأنه ظاهرة غير طبيعية.. إن أخطر ما تواجهه الصحافة المصرية وتهدد دورها فى إعادة صياغة وبناء الشخصية المصرية هو التهويل والتهوين.. التهويل من أى شىء والتهوين فى كل شىء ولا بد أن يعود التوازن والوسطية فى تناولنا لجميع الأمور، وتنسى الصحافة فى غمرة بحثها عن الرواج وزيادة التوزيع أنها تنساق وراء غرائز ورغبات القراء فتفقد دورها الريادى والفكرى فى كونها قائدة للرأى العام الذى تعمل على تشكيله وتكوينه بنشر كل ما هو إيجابى هدفه الأول بناء الوطن والمواطن، والصحافة هى السلاح الأول والأهم فى هذه المعركة «معركة البناء ومواجهة الإرهاب».

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز