عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
دهس سماحة الدين

دهس سماحة الدين

بقلم : طارق العكاري

عندما نشاهد حوادث الدهس التي أصبحت متكررة و خاصة في أوروبا، وجب علينا التوقف لنتفكر في سموم كثيره يحاول البعض أن يبيعها لنا كأفكار و نحن كمسلمون على أعتاب تجرع هذه السموم إن لم نكن أصبحنا بائعوها بالفعل .



كتبت في مقالات سابقة قبل خروج انجلترا من الاتحاد الأوروبي وبعد حادث بروكسل و أحداث فرنسا، أن المستفيد من هذه الحوادث هم أصحاب المصلحه فى تفكيك الأتحاد الأروبي لعدم قدرة الدول الفقيرة في الاتحاد على تنفيذ الاشتراطات الأمنية التي سيتم الأتفاق عليها واقرارها وإلزام دول الاتحاد بتنفيذها، فلو أعتبرنا صانعو الارهاب كشركة او حكومة يصبح تفكيك الاتحاد الأروبي هو هدف هذه المنظومه، لم و لن أصدق أنه يوجد مسلم واحد على وجه الأرض سواء مسلم بالشهادة فقط أو وسطي أو متفقه فى الدين أو قارئ للقراّن و حافظاً له  أو دارسا لعلم الأحاديث وفقه السنة يمكن أن يسعى إلى تفجير نفسه و قتل الأبرياء عن قناعة ان الجنه في انتظاره و انه يعمل عملاً يفيد الأسلام و أنه يجاهد في سبيل الله، فكل من قام بمثل هذه العمليات سواء نشأ في بلد عربي مسلمه فقيره كانت او غنيه أو نشأ و ترعرع في أروقة أوروبا و بدأ تعليمه و انهاه هناك. غالباًهؤلاء المنتحرين ضعفاء النفوس ذوو قصص حياة غير طبيعية بائسة يائسه عابسة متعثرة فارغه من مضمونها فمنهم من رأى أسرته بالكامل تموت بجواره لظروف حرب في بلده و منهم من تجده معتاد ارتياد أقسام الشرطة في أوروبا و ما أدراك ما التعامل فى اقسام شرطه اوربا مع الجاليات و المقيمون بدون اوراق، فكونهم مواطنون درجه ثانيه يغذى النزعات الأنتقاميه داخلهم و منهم أيضا من عاش حياة الفقر المدقع و من رأى اهله يُهانون و يُكسرون من طبقات مجتمعيه مريضه و غيرهم و غيرهم فعالمنا ملئ بمآسي مؤلمه.

إن المناداة بتغير الخطاب الديني يجب ألا يستهدف كبار السن فقط ، فمن يتخيل ان الشباب سيجلسون متفرجين منصتين لشيوخ تتحدث عن الدين عبر الشاشات فهو واهم، يجب أن تعى الجهات المنوط بها تغيير الخطاب الدينى كيفيات التعامل مع الشباب بمواقع التواصل االإجتماعي و الرد على أسئلتهم بالاسلوب الذى يفهمونه.

 سيتأتّي تغيير الخطاب الدينى بإقناع الشباب بالمنطق و الأدلة و الشواهد والقرائن بالاستدلال عن من هو المنتحر و ماهى المنفعه التى عادت عليه فلا بد من وجود منفعه اما ماديه او منفعه اشباع نزعته الانتقاميه، بالتعريف بماهية سيرته الذاتية و كيف عاش حياته، يتأتي تغيير الخطاب الدينى بالعلاج النفسي و المجتمعي للبائسين المحبطين و عدم تركهم فريسة سهلة للثراء السريع لعائلاتهم المقهورة و عدم إيجاد وسيله سهله للإنتقام من المجتمع، أن الدين برئ من كل هؤلاء البائعين لفكرة الجهاد في سبيل الله، المنفعه هى مُفجِر هذا المنتحر و من ورائه مجموعة الأغنام في المرعى الذي تم إعداده و تجهيزه من قِبل أدارات المؤسسات ذات الأهداف المحقِقَه لمصالحها.

سألتني ابنتي  يوماً ما، لماذا لم ينزل القراّن باللغة الانجليزية في حين أن الرسول عليه الصلاة و السلام كان أمياً، فليس هناك فارق بين الإعجاز فى تعليمه اللغة الانجليزية أو العربية، فقلت لها غالباً لأن اللغة العربية أقّيم من اللغة الأنجليزية و لكنى سوف أقوم بسؤال والدى لكونه متفقهاً في الدين أكثر مني، و سألته فقال لي أن اللغة العربية تحتوى على ثلاثة عشر مليون إشتقاقاً و الإنجليزيه تسعمآئه ألف فقط فاللغة العربية لها خصائص فريدة من حيث مرونة التعبير وسعتها و تميزها فى الإشتقاق الصرفى والايجاز و الخصائص الصوتية، فلم تكن معاني القراّن لتتجلى في عدد محدود من هذه الاشتقاقات كما باللغات الاخرى و يوجد أكثر من سبب بالطبع لنزول  القراّن الكريم باللغة العربية و لكن هذا بالنسبه لى اثقلهم كوزن نسبى.

دعونا نتصور ردود آباءنا منذ ثلاثون عاماً على نفس السؤال و ما هى البدائل المتاحة آنذاك لنا  للبحث و ما هي البدائل الآن، إمكانية البحث الآن في منتهى السهولة و لا عجب أو مفاجأة إن لم ترد و تحاول أقناع أولادك بمنطقاً يفهمونه و تتركهم للبحث العشوائى أن يصطدموا بموقع لداعش أو موقع هادم للدين أو ناشر للإسرائليات، و للعلم أن هذه المواقع من المواقع التي ستجد ترتيبها في أولويات البحث متقدم، هذا يعنى انهم يقمون بسداد فواتير لمحركات البحث، اذن فهم معروفون، فإذا اتفقنا على أن هدف هذه المنظمات أو الشركات أو الحكومات محدد سواء كان تفكيك الأتحاد الأوروبي أو هدم دولة أو الأنتفاع ببترولها أو تشغيل مصانعهم المتطورة في صناعات التسليح أو غيرها أوحمايه بلادهم المتقدمه  من الفقراء أو حتي إرساءً لمبدأ فرِق تسُد، فأياً كان الهدف فله من خلفه من يدعمه ماليا و إدارياً و من يقدم المنافع لمن هو اهل لتلقى هذه المنافع من هؤلاء المنتحرون.

أزعم أن لا يوجد شخص واحد من هؤلاء المنتحرين لم يتوفر له المرعى المناسب قبل الاتفاق معه على تنفيذ عملية إنتحاريه واعتقد أن تسعون بالمائة منهم تم تأمين مستقبل عائلاتهم مالياً قبل القيام بالعمليه أو تم إشباع رغباته فى الانتقام من المجتمع وتغذية نزعته الهروبيه من هذه الحياه التى لا يريد أن يُكمِلها بعد ما فُعِلَ به أو بأهله فيها.

في النهاية المصالح و الأموال و المنافع هم المحركات الرئيسه و ليس الدين فكم من الفقراء اصحاب المآسى حولنا اذا ما عُرضَ عليهم أرنبا باللون الأخضر و جوازات سفر بلون اّخر غير اللون الأخضر لعائلاتهم مقابل تنفيذ عملية إنتحارية سيوافق ؟ سأترك الاجابة لكم يا سادة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز