عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ومازالت الزحمة مستمرة بنجاح!!

ومازالت الزحمة مستمرة بنجاح!!

بقلم : رشاد كامل

أظن أننا فى مصر ننفرد بظاهرة غريبة لا تعرفها أو تنفرد بها شعوب العالم الأخرى وهى ظاهرة الحنين إلى الماضى والحسرة على أيام الزمن الجميل!! والفن الجميل والأسعار الجميلة!!



نعم كان أبى يتحسر على أيام والده حيث كل شىء رخيص ومتوفر، واكتشفت نفسى الآن أتحسر على الزمن الماضى.. وهكذا رحلة لا تنتهى من الشكوى واللطم على الخدود.

والحكاية ليست كذلك على الإطلاق، فالأزمات والمشاكل لم تغادر مصر ولم تتركها منذ أكثر من نصف قرن، وليس صحيحا أن الماضى كان غارقا فى الرخاء والسعادة والهناء بغير حدود!!

وإذا كنا الآن نشكو زحام وفوضى شوارع القاهرة ونبحث عن حلول عبقرية لهذه المشكلة المستعصية، فهى موجودة أيضا منذ سنوات طويلة، وما أكثر الكتابات عنها، ولكن من يقرأ ومن يفهم ومن يأخذ الاقتراحات مأخذ الجد.. لا أحد!!

تذكرت ذلك وأنا أعيد قراءة واحد من أجمل كتب الأستاذ الكبير الأديب «محمد زكى عبدالقادر» وهو «نحو النور» وهو نفس العمود الصحفى الذى بدأ فى كتابته منذ عام 1938 فى صحيفة الأهرام.


فى هذا الكتاب الصادر عام 1982 - بعد وفاته - كتب يقول:

إن خُمس سكان مصر يتكدسون فى القاهرة وهو ما لا مثيل له فى أى بلد من البلاد، أن نظرة إلى شوارع القاهرة والسيارات مرصوصة فيها حتى لا نكاد نرى أرضها وهى واقفة فى مكانها لا تكاد تتحرك إلا قليلا وبين الحين والحين الوقت الضائع والمصانع معطلة والناس فى ضيق ولا يعرفون كيف يتصرفون، لا من لهم سيارات بستطيعون تركها والسير على أقدامهم، ولا السائرون على أقدامهم يجدون مواطئ لها، وإذا وجدوا فإن الحفر والأرصفة المهترأة، والمتربة تعطل مسيرتهم واشتباك المارة كالموج الهادر واصطدامهم بعضهم بالبعض الآخر الذاهبون يمينا مع القادمين من اليسار كل أولئك يزيدهم تعطيلا أو توقفا!

الشوارع أصبحت جراجات أو كالجراجات، رجال المرور يبذلون غاية جهدهم ولكن ماذا يستطيعون فى بحر إذا أوقفوا المرور فى ناحية تسرب من ناحية أخرى، وإذا استطاعوا تنظيم فرع منه أفسدوا فرعا آخر!!
وفى مقال آخر عنوانه «هذا الزحام الشديد» كتب يقول:

«رأيت أحد الشوارع فى القاهرة مغطى كله بالسيارات بين صغيرة وكبيرة، وسط الشارع غير ظاهر بل أنه ليس له وسط على الإطلاق بالجانبين كالوسط تماما مكتظة كلها بالسيارات!!

أيها يسير وأيها يتوقف وأيها واقف ينتظر أو مركون فى انتظار صاحبه؟! لا تستطيع أن تميز بين أى نوع من هذه الأنواع، فإنها تبدو جميعا فى وضع واحد، يطلق بعضها بين الحين والحين نفيراً خافت الصوت أحيانا ومرتفع الصوت أحيانا والجميع فى استسلام مطلق فقدوا حتى التحمس فى الحركة أو الرغبة فيها!! لأنهم فقدوا الأمل فى إمكان السير أو الحركة، واليأس إحدى الراحتين!!

كان الوقت ظهرا ولم أعرف كم من الوقت استمر الحال على ما هو عليه، فقد انصرفت راجلا إلى شأنى وأيا كان الوقت الذى استمر فيه الحال على ما رأيته عليه من جمود ويأس واستسلام فإنه يتكرر كثيرا فى شوارع القاهرة وفى فترات مختلفة!!

كم من الوقت يضيع؟! كم من المال يهدر؟! وكم من الأعصاب يهدم؟! وكم من المصالح والمطالب والحاجات تؤجل أو تبطل أو يعدل عنها أو تصبح غير ذات موضوع!

وإلى متى يظل هذا الزحام فى شوارع القاهرة يتفاقم إلى غير حد يأكل الأعصاب والهدوء والوقت والعمل والإنتاج والمال!

وفى مقال آخر زحام القاهرة كتب يقول: فى كل مكان الزحام خانق والمرور يكاد يكون مستحيلا والحصول على تاكسى معجزة مع سوء الأدب فى الرفض!! وقد أصبحت القاهرة أشبه ما تكون بالدولة فسكانها يزيدون أضعافا على عدد السكان فى كثير من الدول، مرافقها

جاوزت عمرها بمراحل وجاوزت صلاحيتها أيضا، والمشى فى الشوارع يتطلب جهدا، فالناس يتصادمون من غير إرادة ومن غير قصد لأن الحيز ضيق والأعداد هائلة!

ونحن نعرف أن المشكلة ليست يسيرة الحل ولكننا نعرف أيضا أنه لابد لها من حل وبإجراءات جذرية شجاعة وحاسمة!

وبعد مرور 35 سنة مازلنا نبحث عن حل لهذه الزحمة التى لا تنتهى!•

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز