عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الحسبة.. غلط

الحسبة.. غلط

بقلم : محمد عبد النور

بصراحة كده.. لم يفاجئنى موقف الجمعيات العمومية لأندية هليوبوليس والزمالك والأهلى، بهذا الحشد الهائل الذى لا يتكرر كثيرا وقد تجاوز العشرة آلاف عضو فى كل نادٍ، لرفض ما أطلقت عليه الدولة اللائحة الاسترشادية، رفضا مطلقا وبإجماع عنيد، لتثبيت اللوائح الداخلية فى إدارة هذه النوادى العريقة التى تضم عشرات الآلاف من الأعضاء والأسر المصرية، رجالا ونساءً، شبابا وشيوخا، من مختلف الأعمار، والتنوع العقائدى، والتدرج الاجتماعى والتعليمى، والتباين فى القدرة الاقتصادية. ولا أشك فى أنه سيكون قرار بقية الأندية الكبيرة التى لم تدع جمعياتها العمومية حتى كتابة هذه السطور.

فإذا كان الثابت تاريخيا أن انتخابات النوادى هى الانتخابات الوحيدة التى تستوفى فيها كل معايير الديمقراطية الحقيقية دون أى تأثيرات خارجية أو قياس لحسابات ضيقة أو تقديم رشاوى فئوية، أو تهويل وتهوين، إنما هو الفهم الحقيقى لعضو النادى بجدية ما يطرح أمامه وصدق نوايا المرشح من عدمه، فلا أوامر واجبة النفاذ تهبط من أبراج عالية، ولا قرارات معصومة تنفذ فى التو واللحظة، ولا دعايات أحادية المرايا.




فإن السياق الطبيعى كان لا بد أن يؤدى إلى هذه النتيجة الرافضة للتدخل الفوقى من الدولة فى إدارة الأندية على غير رغبة الأعضاء، سواء كان تدخلا مباشرا أو استرشاديا كما أطلق عليه وزير الدولة للرياضة.


صحيح أن الوزير د. خالد عبدالعزيز نفى بشدة ما تردد عن نوايا التدخل فى شأن الأندية، بل كان صريحا حين أعلن أنه أول وزير يتنازل عن صلاحيته فيما يخص لوائح الأندية والمعمول بها، ودعا كل نادٍ إلى إصدار لائحته الخاصة به ضمن منظومة قانونية.


إلا أن النفى الوزارى لم يلغ مخاوف أعضاء الأندية الاجتماعية من شبهات التدخل، وأقلها.. فرض عضويات جديدة، شرفية أو غيرها، بعيدا عن مجلس إدارة النادى المنتخب، وأكبرها.. افتراض الأعضاء لأحصنة طروادة مخبأة بعناية فى بنود الاسترشادية تظهر حينما يأتى الوقت، وإلا ما كان قد تجمع الآلاف من أعضاء الأندية لعدم تمرير الاسترشادية والتصويت الجمعى لصالح اللوائح التى أعدوها بأنفسهم أو بممثليهم أو بمن يثقون فيهم.


حسنا.. نحن أمام قطاع جماهيرى كبير لا يمكن الاستهانة به، ولا يمكن إنكار تأثيره فى هذا الشأن أو أى شأن آخر، قطاع جماهيرى كبير رأى أن هناك نوايا للدولة فى التدخل بشكل أو بآخر فى إدارة أنديتهم الاجتماعية بإجراءات فوقية، فاحتشد ليرفض هذه الإجراءات الفوقية بغض النظر عن مدى حسن النوايا فيها.


من ثم فلا يمكن للحسابات إلا أن تتوقع مثل هذا المشهد من القطاعات الجماهيرية مع كل إجراء إدارى فوقى يراد به خلق واقع معين وفى أى اتجاه مهما كانت نواياه حسنة، فردود الأفعال الجماهيرية ليست ثابتة كما أنها لم تصبح متوقعة، لأسباب كثيرة داخل الصدور وتخرج إلى العلن فقط فى مثل هذه المشاهد.


ليس من باب الرفاهية أن تتجمع كل هذه الآلاف من الجمعيات العمومية للأندية الاجتماعية لتفرض لوائحها الخاصة مع وجود الاسترشادية، وليس من باب العبث أن تصر هذه الآلاف المؤثرة جماهيريا على رفض طرح حكومى إصرارا على طرح مجتمعى، وإنما هو من باب التنبيه والتذكير بأنه يمكن إثبات أن الحسبة غلط.•

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز