عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
لا شئ مما سبق

لا شئ مما سبق

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

في منتصف القرن الماضي أخَذ فريق للأبحاث السلوكية من كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد - عيِّنةً عشوائية، عددُها مائة من طلاَّب السنة النهائية، وسألوهم: ماذا يريد أن يكون كلُّ واحد منهم بعد عشرِ سنوات من تخرُّجه، فأجابوا جميعًا: إنهم يريدون أن يكونوا قوًى مؤثِّرة في دنيا المال والأعمال.



 ولاحَظ الباحثون أن عشرةَ طلاَّب فقط من المائة وضَعوا أهدافًا محددة، مفصَّلة، مكتوبة، ووضَعوا خططاً لتحقيقها.

 وبعد مرور عشر سنوات قام نفسُ فريق الأبحاث بزيارات متابعة لكامل أفرادِ العينة، فوجَدوا أن ما يملِكه هؤلاء الأشخاصُ العشَرة الذي حدَّدوا أهدافهم كتابةً - يعادلُ (96%) من إجمالي الثروة التي يملِكها الآخَرون.

 إن الأهداف الواضحة تتيح للفرد أن يتجاوزَ العقبات والعراقيل، ويُنجِز في وقت قصير أضعافَ ما ينجزه غيرُه في وقت أطولَ؛ والسبب فى ذلك أن المرءَ بلا هدف إنسانٌ ضائع..

هل تتصوَّر عزيزى القارئ أن قائد الطائرة يُقلِع وليس عنده مكانٌ يريد الوصول إليه؟ أوخريطة توصله إلى ذلك المكان؟ وأين ينتهي به الطيران؟ 

 يقول أحدُ كِبار رجال الأعمال: 

إن التركيزَ الشديد على هدفٍ معين هو العاملُ الحاسم في النجاح، سواءٌ في أمور المال أو فيما سواه، ويُضِيف قائلاً: هناك شرطانِ للنجاح المتألِّق:

أن تحدِّدَ لنفسِك ما تريدُه بالضبط، وأن تعلَمَ الثَّمنَ الذي يجبُ دفعه، وتكونُ مستعدًّا لدَفْعه.

 إن أعظَمَ مخترعٍ في العصر الحديث، توماس إديسون، أخفق كثيراً في تجارِبِه على المِصباح الكهربائي قبل أن ينجحَ في اختراعه! سأَله أحد الصحفيين يوماً ما قائلاً: يا سيد إديسون، لقد أخفقتَ حتى الآن (عشرات ومئات المرات) في اختراعِ المِصباح الكهربائي، فلماذا تُصرُّ على المضيِّ قدمًا في تجارِبِك؟ فأجابه: لقد أخطأتَ أيها الشاب، لقد نجحتُ في اكتشاف عشرات ومئات الطرق التى لا توصلُني إلى ما أريد!

 إن التغييرَ أمرٌ لا مفرَّ منه، لكنَّ أكثر الناس يخافون منه، وفي الوقت نفسه يتمنَّوْن أن يتحقق لهم ما يريدون، لأن أغلبُ الناس يفضِّلون البقاءَ في (منطقة الأمان)، ولذلك يقبَلون وَضْعَهم الحاليَّ ولا يفكِّرون فى تغيير حياتهم إلى الأحسن، بينما أغلبُ الذين يحقِّقون نجاحًا مهماً يخرُجون من هذه المِنطقة، ويقبَلون بحدٍّ معقولٍ من المجازفة والتحدى.

والحكمة تقتضي منا أن نقبَل بالتغيير ما دام أمرًا لازمًا، وأن نجعَلَه تحت سيطرتِنا قَدْرَ المستطاعِ، ولأجل ذلك يجبُ أن يكون عندنا أهدافٌ واضحة.

إن أغلبُ الناس يتركون حياتَهم تنساقُ بلا هدف؛ لذلك لا يحقِّقون نجاحًا مهماً أوملفتاً ، والذين يعرِفون قيمة تحدِّي الأهداف، تعلَّموا ذلك؛ إما من أُسَرِهم، وإما صادَفوا أستاذًا مُربِّيًا فاضلاً يدركُ قيمةَ ذلك، ففتَح عيونَهم عليه...ونحن الآن على أعتاب عام دراسي جديد، ومن المؤسِف أن الطلاب الذين قد يمتدُّ تعليمُهم في المدارس والجامعات إلى ما يزيد على ستة عشر عامًا لايتلقَّون فيها ساعةً واحدة مخصَّصة للحديث عن( وَضْع الأهداف وسُبُل تحقيقها (.

وأنت عزيزى القارئ إذا حددت هدفك العام فينبغي أن يكون لكل خطوة بديل أو أكثر،  بحيث لو لم تتمكن من تحقيق هذه الخطوة حاولت التقدم عن طريق البديل الآخر لها، بل لو رأيت أن الهدف العام لا يمكن تحقيقه فليكن لك أهدفا بديلة تستثمر في تحقيقها ما بذلت من جهد.

ومن وضوح الهدف أن تتخيل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنه منجز متحقق حاصل بين يديك، وإلا فالذى يتحقق دائماً "لا شئ مما سبق".

*استشارى ادارة الموارد البشرية

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز