عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الصومال أمن قومى

الصومال أمن قومى

بقلم : عصام عبد الجواد

قد لا يعرف الكثيرون من أبناء مصر والأمة العربية الأهمية الاستراتيجية لدولة الصومال فى منظومة الأمن القومى منذ فجر التاريخ وحتى الآن فموقع الصومال جعلها ذات أهمية قصوى لمصر والمنطقة، لكن يبدو أن العرب انشغلوا بمشاكلهم الداخلية وتركوا الصومال وحيدة أمام مشاكلها أيضا.



والدليل على ذلك المساحة القليلة جدا التى يحظى بها الصومال فى وسائل الإعلام المصرية والعربية رغم أنه البلد الذى تمتد سواحله لتغطى معظم القرن الأفريقى التى تعتبر قاعدة الأمن القومى العربى من الناحية الجنوبية.

وإذا عدنا للتاريخ نجد أن الصومال هى التى استقبلت قدماء المصريين وتبادلت معهم التجارة والبيع واستقبلت بعض المسلمين الأوائل الفارين بدينهم، وكانت فى كل مرة كريمة مع من يحطون على أرضها، ووقفت الصومال مع الأمة العربية فى معاركها ضد كل قوى الشر التى حاولت أن تحتل الدول العربية حتى إن الصومال كانت لها مواقف ثابتة مع مصر فى حرب أكتوبر عام 1973.

والاستعمار بشتى أشكاله وألوانه كان يعرف قيمة الصومال وأهميتها للمنطقة العربية، لذلك خطط منذ عشرات السنين لتمزيق هذا البلد فجعلها عبارة عن قبائل وشيع متقاتلة وحولها إلى دويلات صغيرة فضاعت معالمها وتفرفت دماؤها بين القبائل فانعزلت بعيدا عن أمتها العربية، ومع ذلك استمرت مصر فى دعم الصومال قبل وبعد استقلالها وهو الدور الذى تعمل على مواصلته اليوم بعد فترة إهمال طويلة، ففى الأيام الماضية التقيت مع أحد الأصدقاء الذين يعملون فى وزارة الخارجية وكان عائدا من الصومال بعد رحلة استمرت ما يقرب من خمس سنوات وحكى لى الدور المصرى الذى تقوم به فى الصومال خاصة فى السنوات الثلاث الأخيرة بعد أن اكتشفت مصر أن كل أجهزة المخابرات فى العالم لها وجود على أرض الصومال وأن الحرس الثورى الإيرانى أصبح له دور كبير هناك وله مراكز ضخمة فى محاولة منه لتغيير هوية الصومال من بلد مسلم سنى إلى بلد مسلم شيعي، وكذلك الوجود القطرى والتركى لتمويل الجماعات الإرهابية مثل حركة شباب المجاهدين التى تحرق الأخضر واليابس.

وكانت المفاجأة التى أكدها لى بأن شعب الصومال يستقبل المصريين أحسن استقبال، وهم يتمنون أن تكون مصر اللاعب الأساسى فيما يدور فى بلادهم حتى يعود موحدا كما كان.

وعندما قامت مصر بإعادة إحياء مكتبة جمال عبدالناصر فى الصومال منذ ثلاث سنوات كأحد أهم المراكز الفكرية والثقافية وجدت إقبالا منقطع النظير من الشعب الصومالى الذى يتطلع إلى المزيد من التعاون مع مصر، ففى الحقيقة الصومال الموحدة المستقرة هى عنصر توازن فى المنطقة والإقليم وسند قوى للأمة العربية، فما تتعرض له الصومال من تقسيم وتجزئة وانتشار الجماعات الإرهابية وفرق القرصنة كانت لها انعكاسات سلبية على الأمن القومى العربي.

إن تبادل الزيارات بين الرئيس الصومالى محمد عبدالله فرماجو لمصر واستقباله لأكثر من مرة مسئول مصرى فى الفترة الأخيرة تعكس الاهتمام الذى يجب أن يكون بين هذه الدولة وبين شقيقتها الكبرى مصر؛ خصوصًا أنها كانت فى فترة الثمانينيات أكبر مصدر للحوم فى مصر، ويجب أن يكون التعاون مع هذه الدولة ليس سياسيًا واقتصاديًا فقط، بل يجب أن يمتد إلى الأجهزة الأمنية حتى لا تترك الصومال وحيدة فى مواجهة الإرهاب وقوى الشر التى بدأت فعلا أن تزرع الفتنة بين شعب الصومال ما بين سنى وشيعى ويجب أن نساعد الصومال على التخلص من كل القوى التى تعبث بشكل فعلى فى هذه الدوله الشقيقة.

الصومال تحتاج مصر لكى تقف معها من أجل الخروج من دائرة العنف والإرهاب والتخلف والفقر والمرض والجفاف والتصحر.

هذا الدولة الغنية بثرواتها الطبيعية والبشرية وشواطئها الساحرة فإهمالنا لها دفعنا ثمنه غاليا لأنها دولة عربية فى الماضى وفى الحاضر ويجب عدم الاستمرار فى إهمالها.

والدعم يكون باستعادة الدولة الصومالية من أيدى العابثين والإرهابيين وكل من تسول له نفسه تفتيتها أو تقسيمها وبناء مؤسساتها وتأسيس جيشها ومصر قادرة على ذلك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز