عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الفضائيات ظواهر صوتية!

الفضائيات ظواهر صوتية!

بقلم : رشاد كامل

توقفت طويلاً أمام السطور الأخيرة فى مقال د.جلال أمين الأخير وعنوانه «لا علم كالتفكر» المنشور فى الزميلة الأهرام، ولا يزال كتابه البديع والممتع «ماذا حدث للمصريين» من أهم الكتب التى رصدت أحوال المجتمع المصرى فى نصف قرن.




أما سطوره التى توقفت أمامها فيقول فيها: «إن إطلاق وصف «ثورة المعلومات» على ما يحدث الآن من زيادة كمية المعلومات التى تبثها ما تسمى وسائل الإعلام أو ما يسمى أدوات التواصل الاجتماعى لا يعبر عن حقيقة ما يحدث.. إذ ما يحدث لا يزيد فى الحقيقة على ثرثرة لا نفع فيها، أو على محاولات لإيجاد رغبات جديدة كان حالنا أفضل بدونها».


هذه السطور الصارمة حقيقية وصادقة، فنحن نعيش الآن عصر السماوات المفتوحة حيث آلاف الفضائيات تسرح وتبرطع وتمرح فى سماوات العرب، فضائيات على كل شكل ولون وملة، فضائيات تمتلئ بكل ما لا يخطر على بالك من انحطاط أخلاقى وثقافى وسياسى أيضا.


فضائيات هدفها إحباط المشاهد خاصة  العربى  وضيوف يتفنون فى صناعة اليأس والأسى وتصديره للمشاهدين فى ثوت أكاديمى ومحشو بمفردات علمية!


وعنوان المقال «لا علم كالتفكر» يذكرنى بواحد من أهم كتب المفكر الكبير الاستاذ «عباس محمود العقاد» وهو «التفكير فريضة إسلامية»، ولعل مأساة العالم العربى ومصيبته الكبرى بدأت عندما ألقينا «التفكير» فى صناديق القمامة واعتمدنا منهج الحفظ والتلقين الذى فادنا إلى منهج «التفكير»!


ولكن السؤال الذى يلح على عقلى ولا يشغل بال أهل الفضائيات هو: هل التفكير هو ما تحرص عليه الفضائيات، وبرامجها أم أن المهم عندها حصيلة الإعلانات ثم ملء ساعات البث بكل ما هو سطحى وتافه؟!


ومن العجب أن الفضائيات التافهة هى التى تهتم بجانب التفكير وتحث المشاهدين على التفكير والإجابة عما تقدمه من أسئلة ساذجة وفوازير عبيطة أو ما هو الفرق الموجود بين صورتين وهكذا.


وأظن أن هذا بالضبط ما قصده د.جلال أمين حين كتب يقول: «إن التفكير قد يكون أهم من القراءة وأن المرء لا يحقق نفعا كبيراً إذا استغنى بالقراءة عن التفكير» إن من سمات الحضارة الحديثة للأسف أنها تشجع على تحصيل معلومات جديدة أكثر مما تشجع على التفكير فيها والربط بينها، ذلك أن من سمات التقدم التكنولوجى تسهيل الحصور على المعلومات ونشرها! ولكما زادت كمية المعلومات المتاحة قلت فرص التفكير فيها واستخلاص مغزاها!


أليس هذا ما يفعله جهاز التليفزيون مثلا بالجالسين أمامه؟! تتابع الصور والأخبار وتتخللها الإعلانات التى تحاول أن تحدث أثرها فى أقصر وقت ممكن فلا يترك المشاهد إلا وهو فى حالة إعياء تام! قد يكون قد أكتسب مما شهده رغبات جديدة لم تكن لديه من قبل أو معلومات عن سلع وخدمات لم يكن يعرفها! دون أن يكتسب أى معرفة بحقيقة ما يشاهده أو يسمع عنه والآثار التى يمكن أن تترتب على استهلاك هذه السلع والخدمات»!


وكل ما كتبه د.جلال أمين صحيح تماما، وأظن أن أهم وصف ينطبق على المشاهد العربى هو ما جاء فى كتاب المفكر العربى «عبدالله القصيمى» الشهير «العرب ظاهرة صوتية»، والمعنى الذى يقصده أنه عالم كلام فى كلام! وهل برامج الفضائيات إلا هذا الكلام والهراء! مجرد ظواهر صوتية!

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز