عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"السادات"
بقلم
سعد حسين

"السادات"

بقلم : سعد حسين

يوم أن نصرنا الله في السادس من أكتوبر، لم أكن قد أتيت إلى الدنيا، وشرف لحظة الانتصار لم أحظ بها، ولم أحلق في الهواء مثلما شعر ملايين المصريين والعرب، ممن حضروا النصر الأعظم.. لم يخرج قلبي من حاجزه العظمي، لم أشعر بأن قامتي بلغت عنان السماء، وشاء القدر، أن أدرك أول معاني نصر أكتوبر، في مساء يوم اغتيال، بطل الحرب والسلام "السادات".. فكنت أجلس - وأنا ابن السبع سنوات - استمع إلى "راديو بالحجارة"، مع رجال وشباب عائلتي، أمام بيوتنا في قرية "التكية"، التي لم تدخلها الكهرباء إلا بعد سنوات من هذا التاريخ.



حادث المنصة، ورصاصة الأخِسَّاء على بطل النصر، في يوم عيده لم تصل لقريتي، إلا بعد ساعات من إطلاقها.. لاحظت في الصباح عندما أشرقت الشمس حزنًا يكسو وجوه من كنت أجلس معهم، وكان ظلام الليل قد حجب تلك الأحزان عني، فأصبح السادات مرادفًا لنصر أكتوبر.

ذهبت لمن يتقدمونني في الميلاد من أبناء عمومتي للبحث عن "السادات" وعن "أكتوبر"، لم أجد عندهم إلا هذا الوصف: "هو اللي كسبنا حرب أكتوبر، ورجع سينا".. وكانت المرة الأولى أيضًا التي أسمع فيها اسم "سينا".

فأصبح بالنسبة لي السادات لغزًا يصعب حله - وقتها - حتى تدرجت في مراحل التعليم ودخلت الكهرباء لقريتي.

وبعد مرور عشرات السنين، تمنيت أن أعود طفلًا أعيش في قرية بلا كهرباء، لا تصلها الأخبار إلا من راديو نستمع إليه لحظات قليلة بالليل.. بعدما شاهدت "محمد مرسي"، يحتفل بنصر أكتوبر، ويجلس بجانبه قتلة السادات.. مشهد لم ولن يشاهده أحد في العالم غير المصريين، ولو اجتمع مؤلفو الدراما في العالم فلم يستطيعوا كتابة المشهد الذي أخرجه "مرسي"، وجماعته الإرهابية، لا أقول بحكم قضائي ولكن بأفعالها، "قتلة السادات يحضرون ذكرى أكتوبر!" والسؤال هنا: ماذا شاهد القتلة أثناء الحفل؟ هل استرجعوا ملحمة العبور، وبسالة وعبقرية المقاتل المصري.. هل شاهدوا لحظة تمسك الأمة العربية بحبل الوحدة؟ هل تذكروا لحظات تحطمت فيها أسطورة إسرائيل التي لا تُقهر.. وعودة الكرامة للشعوب المصرية والعربية.. أجزم وأنا كلي يقين أن قتلة السادات لم يشاهدوا إلا مشاهد التخطيط والقتل والدماء.

في ذكرى أكتوبر عام ٢٠١٢ كانت فرحة المصريين ناقصة.. تجددت أوجاع أسرة "السادات"، وهم يشاهدون قتلته يتقدمون الصفوف، يحتفلون بنصر، قتلوا وكفّروا من صنعه.. "مرسي"، يكرّم أسرة السادات في الصباح، ويكرم بدم بارد من قتلوه في المساء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز