عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
100 مليون مبرووووك لمصر هبة المصريين

100 مليون مبرووووك لمصر هبة المصريين

بقلم : د. شريف درويش اللبان

عاشت مِصْرُ ليلةَ أمس ليلةً مُفعمة بالبهجة والفرحة والسعادة لم تَعِشها منذ 28 عامًا مضت، عندما صعدنا إلى نهائيات كأس العالم (إيطاليا 1990) بهدف الموهوب حسام حسن في مرمى فريق الجزائر بعد غياب 56 عامًا عن كأس العالم في ذلك الوقت. وأمس حققت مصر المستحيل بالوصول إلى روسيا بهدفيْن ولا أروع لصانع البهجة محمد صلاح بغض النظر عن مباراتنا القادمة مع غانا في العاصمة أكرا.



لقد كانت مباراةً عصيبة حبس فيها المصريون داخل الملعب وخارجه أنفاسهم طوال 69 دقيقة، حتى أحرز محمد صلاح هدف مصر الأول، وما كدنا نسيطر على المباراة ونستعد للاحتفال بوصولنا إلى كأس العالم حتى أحرز فريق الكونغو العنيد هدف التعادل في الدقيقة 87، قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق فقط. هنالك نزل الهدف على المصريين كالصاعقة التي جاءت مُفاجئة ومُدوية، انزوت بعدها الهتافات، وضاع بريق النصر من العيون الفَرِحَة، وتسرب اليأس إلى النفوس، إلا أن للقائد أسلوبه في إعادة المباراة إلى أرضية الملعب، فقد قام محمد صلاح بما يشبه أفعال أبطال الأساطير حيث أشار بحماسٍ شديد لكل الجماهير بألا يغادروا الملعب بعد إحراز الكونغو لهدفها، وأن يستمروا في تشجيع منتخب بلادهم، وهو ما استجابت له الجماهير بالفعل، حيث عاودت تشجيع الفريق وترديد كلمة "يااااارب" في جنبات الملعب وأمام الشاشات الضخمة في الميادين وأمام أجهزة التليفزيون في منازل المصريين. وكان الله رحيمًا بنا، فقد احتسب الحكم خمس دقائق وقتًا بدلاً من الضائع، وهنا احسست وأنا أمام التليفزيون مع أبنائي ووالدتي وزوجتي أن الله معنا وأنه لن يُخيب رجاء هذا الشعب المرابط إلى يومِ يُبعثون، وظللنا ندعو الله مع كل المصريين حتى احتُسبت لنا ضربة الجزاء في الدقيقة 94 والتي أحرزها صلاح باقتدار وإمكانات اللاعب الدولي القدير.

إن ما تم تقديمه أمس في ستاد برج العرب (ستاد الجيش المصري) هى لوحة النصر المؤزر التي رسمها المصريون بريشتهم. هل تصدقون أن الله سيتخلى عنا في ذكرى انتصارات أكتوبر العظيم؟، هل تصدقون أن الله سيتخلى عنا ونحن نلعب هذه المباراة على ستاد الجيش المصري البطل؟، هل تصدقون أن الله سيتخلى عنا والرئيس المصري حتى النخاع عبد الفتاح السيسي يتابع المباراة كأي مصري غيور على منتخب بلاده؟، ويرسل برقية تهنئة للمنتخب وللمصريين جميعًا بمناسبة هذا الفوز العظيم الذي حقق لنا ما كنا نصبو إليه طوال 28 عامًا مضت. ألم أقل لكم إن الله معنا.

لم يُرد الله أن يبيت هذا الشعب ليلته حزينًا كاسِفَ البال، فأهدى إليه الفرحة بدعوات ملايين المصريين وأقدام اللاعبين الذين بذلوا قُصارى جهدهم في الملعب أمام فريقٍ لم يكن لديه ما يخسره، ولم تكن عليه ضغوط حسابات المباراة الحالية أو المباراة القادمة. إن مصر كانت بالأمس تُزغرد وتُهلل وتُكبر من الفرحة في ستاد برج العرب، وحول الاستاد جماهير أخرى لم يكن لديها الفرصة للدخول للاستاد بعد أن امتلأ عن آخره، علاوةً على ملايين المصريين الذين تراصوا أمام شاشات عملاقة في ميادين مصر للاحتفال بالفرحة الكُبرى رغم نقل المباراة على شاشات التليفزيون. وما إن انتهت المباراة حتى تحولت ميادينُ مِصْرَ ومدنُها وقُراها وعِزَبها ونُجوعها وكُفورها إلى لوحاتٍ كبيرة وضخمة من البهجة، وما أروع مشهد طائرات الهليوكبتر وهى تُلقي بالهدايا والأعلام على المحتفلين بفوز مصر في ميدان التحرير، وما أروع أن يُرسل الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية و الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة ببرقيتيْ تهنئة لهذا المنتخب الذي سطر اسمه في تاريخ كرة القدم المصرية.

ليس هذا فقط، بل إن المصريين وأشقاءَهم العرب في الدول العربية المختلفة رسموا لوحاتٍ من البهجة نفسِها في كل العواصم العربية ابتهاجًا بوصول مصر إلى كأس العالم. لقد علمنا التاريخُ أن أي انتصار لمصر هو انتصارٌ للعرب أجمعين، لأن مِصْرَ هى الرمزُ الصِرف للعروبة والإسلام. ويكفينا تغريدة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي التي هنأ فيها مصر والوطن العربي بهذا الفوز، وهو ما يَنُمُ عن مكنونات هذا الرجل العروبي الكبير الذي يفيض حبًا لمصر والمصريين، وهو الحب الذي جعل برج خليفة في دبي يكتسي بعلم مصر في ذكرى احتفالها بالذكرى الرابعة والأربعين لنصر السادس من أكتوبر العظيم، ليعاود علم مصر تزيينه لبرج خليفة أمس بمناسبة صُعودها إلى نهائيات كأس العالم.. ما أروع التلاحم بين الأشقاء في مصر والإمارات.

إن هذا الفوز الرياضي الكبير، وهذا الإنجاز الضخم ليس مُعلقًا في الهواء، بل وراءه رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه من مدربين ولاعبين وجهاز فني وجمهور وقوات مسلحة أخرجت الحدث في ستاد برج العرب بأروع ما تكون الصورة التي تعكسُ مكانةَ مِصْرَ وقَدْرِهَا. إن هذا الفوز لا يقول سوى شيئًا واحدًأ: إن مِصْرَ عادت من جديد ليس في مجال كرة القدم أو الرياضة فحسب، بل في كل المجالات التنموية من زراعة وصناعة وإنتاج حربي وصحة وتعليم.

ونحن في انتظار النصر في كل المجالات لكي تصبح مقولة "مِصْرُ هِبَةُ المِصْريين" هى الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في كبد السماء.. تحيا مِصْرُ هِبَةُ المِصْريين.

                                                                

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز