عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل يفعلها ترامب مع إيران؟

هل يفعلها ترامب مع إيران؟

بقلم : د. فكري سليم

سنين من التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني بين إيران والغرب، وحرب كلامية لا تنقطع، خاصة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية؛ فوصف لإيران من قبل أمريكا بأنها محور الشر واتهامها  بزعزعة الاستقرار في المنطقة ودعم الإرهاب. وفي المقابل اتهامات إيرانية لأمريكا بتفتيت المنطقة  وغزو أفغانستان والعراق وقتل أهليهما ونشر الفتن في المنطقة، وتحذير لأمريكا وإسرائيل من القيام بأية (حماقات) تجاه إيران. إلى أن هدأت تلك الحرب الكلامية لفترة التقط فيها كلا الطرفين أنفاسه، وفيها تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست (الصين وروسيا وامريكا وفرنسا والمانيا وبريطانيا) بعد اثنتي عشرة سنة من بدء هذه الأزمة، حيث تم توقيع الاتفاق في لوزان بسويسرا يوم 2 أبريل 2015 من أجل تسوية شاملة تضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني وإلغاء العقوبات المفروضة على إيران بعد أن تتيقن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التزام إيران ببنود هذا الاتفاق.



وتتغير الإدارة الأمريكية ويتولى الرئيس ترامب الحكم ليتهم إيران مجددا بأنها لا تحترم الاتفاق النووي المبرم مع الدول الغربية، ثم يصرح بأنه سيتخذ قرارا مهما بالنسبة لإيران في 15 أكتوبر 2017م، فهل سيتمكن ترامب من تنفيذ وعيده لإيران؟

إن المتابع لتطور العلاقة بين أمريكا وإيران يراها في ظاهرها عداء متبادل بين (محور الشر) و(الشيطان الأكبر) لكن باطنها تعاون وتوافق بل مشاركة في رسم مستقبل المنطقة، وهنا لن نعود إلى الماضي القريب ونتحدث مثلا عن صفقات الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية التي حصلت عليها إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وإنما سنشير فقط إلى الشراكة بين إيران وأمريكا في العراق؛ فمنذ أن دخلت القوات الأمريكية العراق غازية ومحتلة له عام 2003 دخلته أيران معها إن لم تكن قد اخترقته برجالها ممهدة طريق الغزو الأمريكي الذي اعترف قادة إيرانيون بأنهم تعاونوا مع أمريكا للقيام بهذا الغزو والإطاحة بنظام الحكم في العراق.

ومن هنا نقول إن الشراكة الإيرانية الأمريكية في العراق تجعلنا نتوقع أن هذه التهديدات الصادرة عن ترامب بإعادة فرض العقوبات على إيران أو إدراج الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، إنما هي مجرد ضغوط على إيران لتلتزم بما يمليه عليها صانع القرار الأمريكي فيما يتعلق بملفات وبؤر توتر في المنطقة العربية وعدم تخطي الخط الأحمر الذي يتعلق بمصالح أمريكا في المنطقة أو إلحاق الضرر بإسرائيل.

أما إذا تمكن ترامب من تنفيذ تهديده؛ فلا أظنه قادرا على تحقيقه على أرض الواقع؛ بسبب أن إيران اعتادت العقوبات بل إن العقوبات منحتها مناعة استفادت منها حيث أجبرتها الحاجة إلى إيجاد بدائل محلية الصنع لسلع ومنتجات كانت تستوردها ومنعها الحظر من الدخول إيران. أضف إلى هذا عدم الجدية في تطبيق العقوبات؛ فأصبح أثرها غير مجد بالدرجة التي تؤدي إلى إسقاط الحكم في إيران، رغم أضرراها بالداخل الإيراني. ويضاف إلى هذا أيضا أن إيران أصبحت صاحبة يد طولى في المنطقة العربية –على حساب العرب وبيد بعض العرب- وتمتلك ما يكفيها من أوراق ضغط تمكنها من المناورات السياسية مع أمريكا والغرب، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه اليد الطولى لا تصل إلى المصالح الأمريكية أو إسرائيل، وهذا كله يفرع هذه التهديدات من مضمونها الحقيقي.

ويبقى سؤال وهو: إلى متى تستمر هذه العلاقة النفعية بين إيران وأمريكا؟ والإجابة ببساطة هي: إنها السياسة ومصالحها، وإن آجلا أم عاجلا سيطاح بنظام الولي الفقيه كما أطيح بنظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان حليف أمريكا وشرطيها في الخليج العربي، والمسئلة ترتبط بمدى صلاحية الورقة الإيرانية وما تقدمه لمصلحة أمريكا وإسرائيل؛ فإذا فقدت هذه الورقة قيمتها؛ فسيتم حرقها كما حرقت أوراق غيرها.هل يفعلها ترامب مع إيران؟

*أستاذ الدرسات الإيرانية

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز