عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الهروب من النفس إلى النفس

الهروب من النفس إلى النفس

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

أحيانًا، يصل الإنسان إلى أعلى مكانة كانت تتوق لها نفسه، ولكنه رغم هذه المكانة، التي قد تكون شهرة أو سلطة أو نفوذا أو مالا، تجده يهرب أحيانًا من كل هذا، ليذهب إلى مكان بسيط، قد يكون صومعته، أو بداية نشأته، وقد يهرب إلى إنسان ليس كفؤًا لمكانته الاجتماعية، وقد يهرب إلى حيوان أليف، لا يتحدث ذات لغته.



 

 والسبب في ذلك أنه يهرب من نفسه إلى نفسه، فهو الإنسان الذي حقق المجد والطموح والأحلام، ولكنه يبحث بداخل ذاته عن الإنسان المتجرد من كل هذا، فهو يُحب نفسه البسيطة، التي تعيش على فطرتها، التي لم تُؤثر فيها الأيام، ولم يُغيرها الزمان؛ لذا يهرب إلى كل شيء بسيط، يجد معه لذته في الهرب من واقع ملموس، يحيا فيه وبه، وربما لا يُمكنه الاستغناء عنه، ولكن لكي يستمتع به، يحتاج إلى الهروب منه بعض الوقت؛ حتى يتنفس هواءً نقيًا، لا تشوبه ماديات الواقع الذي فرضه على نفسه، فهذا الهواء هو الذي يمده بالطاقة؛ حتى يعود إلى واقعه الملموس.

 

فكم هي النفس محيرة، إذا عاشت على فطرتها، لهثتْ خلف المادة والثراء، وكل ما تشتهيه الأنفس، وإذا وصلت إلى أطماحها، عادت تبحث عن ذاتها في كل ما هو بسيط وهادئ، حتى لو كان في أكلة شعبية رخيصة، وكأن الإنسان خُلِقَ لكي يظل دائمًا يبحث عن كل ما لم تصل إليه يداه، فهو في حيرة دائمة، بين ما يريده وما يحبه وما يتمناه، أي بين ما تصبو إليه نفسه، وما ترتاح فيه نفسه، وكأنه في حالة هروب مستمر من نفسه إلى نفسه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز