عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الميكروفون

الميكروفون

بقلم : محمد جمال الدين

المصدح أو الميكروفون أو المصوات أو المهتاف، هو جهاز يعمل على تحويل الصوت إلى طاقة كهربائية، وتنتقل هذه الطاقة مباشرة عبر أسلاك أو خلال موجات راديو، إلى مستقبل إما بغرض النقل كما فى الهاتف أو لتسجيله كما فى المسجل أو إخراجه مباشرة إلى مكبرات صوت بغرض إعادة إنتاجه بصورة أعلى كما فى قاعة الاجتماعات أو فى مخاطبة الجمهور فى تجمعاتهم المختلفة، إذن هو جهاز يساعد فى نقل ما يتم من خلاله بشكل أفضل، وعندنا وعند غيرنا يتم استخدام هذا الجهاز بالصورة التى يريد من يستخدمه أن تصل إلى المتلقى، وبالتالى يتوقف حسن استخدامه من عدمه على من يمسكه بيده.
هذا الجهاز الذى اجتهد العالم (توماس أديسون) فى اختراعه، والذى سجل باسمه فى عام 1877 بعد نزاع قضائى طويل فى المحاكم الأمريكية والبريطانية مع (أميل برلينر) حسب موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا، وكما أسلفت يتوقف الاستخدام على من يمسك بهذا الجهاز، فمثلا اعتاد البعض على ترديد كلام ليس له من معنى بمجرد إحكام قبضته عليه، وما هى إلا دقائق حتى نجد جموع المتلقين تتسلل من أمامه الواحد تلو الآخر، أو يضطر فنى الصوت المتحكم فيه إلى (كتم) الصوت حتى لا يسمعه أحد مثلما يحدث فى بعض جلسات مجلس النواب، عندما يستنفد بعض النواب الوقت المسموح لهم بالتحدث، وفى نفس الوقت هناك البعض من النواب يستخدم الميكروفون للإساءة للغير متحصنا بالحصانة البرلمانية التى تجعله يقول من خلاله ما يشاء، وفى حياتنا العامة اعتاد البعض استخدام نفس الجهاز فى ترديد كلمات أو جمل أو قول رأى معين فى قضية ما ذهبت بقائلها مع الريح سواء كان من يقول أو يصرح مواطنًا أو مسئولاً أو حتى وزيرًا اضطر إلى الاستقالة من منصبه بسبب هذا الجهاز الذى يعد ناقلاً فقط لما يقوله من يمسك به، ولهذا تحديدا يطالب المتخصصون فى علم الحديث بضرورة الحرص وإدراك المسئولية الملقاة على عاتق من يستخدم الميكروفون سواء كان مسئولاً أو مذيعًا أو مذيعة اعتقدوا جميعا أن هذا الجهاز ملك لهم يقولون من خلاله ما يشاءون، فالحرص هنا واجب، وهنا يحضرنى مشهد من مسرحية الكاتب المسرحى الكبير (لينين الرملي) من مسرحيته (تخاريف) فى لوحة الحاكم التى جسدها الفنان (محمد صبحي) وهو يمسك بالميكروفون مخاطبا شعبه فى دولة (أنتيكا) وهو يصدر إليهم القرارات الديكتاتورية، باعتبار أنه الوسيلة الوحيدة التى يجيدها فى التحدث مع الشعب، لأنه يعانى من الجهل والأمية ويحمل شهادة طبية بمعاملته معاملة الأطفال ويعانى أيضا من الجنون الذى جعله يعتقد أن هذا الجهاز هو مصدر قوته فى حكم بلده، ولذلك عندما انقلبت عليه زوجته (مشكلة) عملت جاهدة على الحصول على الميكروفون ذاته لأنها مثل زوجها مريضة بالجنون وحب الذات، معتقدة أنه هو ما سيمكنها من حكم الشعب (الأنتيكى)، بالمناسبة هناك البعض ممن يتواجدون بيننا يستخدمون هذا الجهاز فى التحدث بين الوقت والآخر إلى أعضاء المؤسسة التى يتولون إدارتها سواء بإصدار قرارات الوقف الذى يصل إلى حد الشطب من عضوية هذه المؤسسة ومنعهم من الدخول إلى جنته، الغريب أن صاحبنا إياه لا يكتفى بعدد الميكروفونات التى يستخدمها منذ بداية يومه فى الصباح، فهو أيضا لا يتركنا وشأننا فى المساء حيث اعتاد الخروج علينا بصوته عبر الشاشات والإذاعة للحديث فى السياسة والرياضة وتهديد من يخالفه أو يجور على حق مؤسسته التى يديرها وكأنها ملكه (حسب ما يعتقد) موجها جملاً وكلمات لايجوز استخدامها على الهواء مرددًا سأسجن هذا وسأقيل ذاك، وهنا وبصراحة وبدون لف أو دوران، أقول جازما أن الذنب ليس ذنبه ولكنه يقع على من سمح له بالخروج علينا من خلال الشاشات أو الإذاعات.
ياجماعة الخير لابد أن يعلم كل من يتصدى لقول رأى أو كلمة أو حتى يتحدث إلى الجمهور فى أى شأن من خلال الميكروفون، أنه تقع عليه مسئولية تجاه من يستمعون إليه، بحسن الحديث وقول ما يريد فى إطار من الاحترام، وعدم فرض الرأى وخدش الحياء، ولهذا إياكم والحديث عبره دون إدراككم ومعرفة مخاطر وفوائد ما تصرحون به وإلا فليذهب اختراع (أديسون) إلى الجحيم، مادام هناك من لا يحترم الآخر أو المختلف معه فى الرأى.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز