عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
دولــة خلقـت للأبدية

دولــة خلقـت للأبدية

بقلم : طارق رضوان

عندما تجلس فى قلب قاعدة الإسكندرية البحرية لابد أن تتأمل وتطيل النظر فى كل ما حولك لتعرف أن تلك الدولة العظيمة خلقت منذ بداية البشرية لتبقى، خلقت للأبدية، وهذا الجيش الذى تجلس على قطعة من أرضه هو العمود الفقرى لتلك الدولة القديمة الراسخة القوية. شعب وجيش يتحملان من الصعاب ما لا تتحمله أى دولة أخرى حتى لو كانت دولة عظمى وهذا هو سر مصر. 

يجهل كثيرون - وكثيرون جدًا - دور الجيوش فى العالم النامى، ويفتقرون إلى استقراء سليم للدور الذى يمكن أن يلعبه الجيش فى حركة التحرير الوطنية وفى التعمير وفى الحماية فى بلد نامٍ، وما أغفلوا تحليله بدقة هو أن الجيش فى البلد النامى يؤدى وظيفة مغايرة كليًا لوظيفة الجيوش فى المجتمعات الأكثر استقرارا، فدور الجيش المصرى خلال الأعوام الستة الماضية لا يمكن أن يلعبه أحد غيره، فقد تهدمت أركان كثيرة فى الدولة تمامًا منذ 25 يناير 2011، وكان الهدف الخبيث من هذه الأحداث أن تهدم الدولة كليًا، ولم يبق إلا الجيش الذى كان سندًا وظهرًا للدولة المصرية من أن تقع وتنهار. وكان المخطط اللعين للجماعة الإرهابية لهدم الأمة المصرية هو هدم الجيش المصرى لتنتهى الحضارة المصرية تمامًا ويبدأ عصر جديد من الخلافة الإسلامية المزعومة، التى لا تعترف بحدود ولا بجيوش ولا بتاريخ.
وكان هنا الدور الأكبر للجيش المصرى، وهو مواجهة ذلك الطوفان المدمر لحماية مصر بشعبها وأرضها وتاريخها، فقام الجيش بحماية الأرض وحماية الشعب وحماية الاقتصاد، فرد مظلة الحماية لكل ما هو مصرى أصيل، وتجلى دور الجيش فى تلك الفترة العصيبة وأنقذ مصر من الضياع، وهى كلمة أعنيها بكل ما بها من معانٍ. المخطط كان عظيمًا وخطيرًا لتدمير تلك الدولة لولا الجيش المصرى.. كل ما سبق مر أمام عينى وأنا أجلس فى احتفال عيد القوات البحرية الخمسين، ثم شردت فى أمر آخر.. سافرت عبر التاريخ وأنا أرى القطع البحرية الجديدة المنضمة للأسطول البحرى المصرى ورأيت حكام مصر العظام وهم يرون أمام أعينهم حجم وقوة الأسطول المصرى، وفى عهد الدولة الحديثة بقيادة محمد على وصل هذا الأسطول إلى حدود أوروبا مسيطرًا تمامًا على الجزء الشرقى من البحر المتوسط، وكان من أهم وأخطر بنود اتفاقية لندن التى طوقت دولة محمد على هو القضاء على الأسطول البحرى المصرى ذى الذراع الطويلة فى البحر المتوسط. وتمر الأيام حتى تضرب القوات البحرية درسًا عظيمًا فى البطولة بعد النكسة مباشرة، وذلك عن طريق زورق صغير تابع للقوات البحرية المصرية، ولمن نسى تلك المعركة النبيلة، فقد قامت إسرائيل بشراء المدمرة من إنجلترا واسمها Zealous  فى يونية عام 1956 مع مدمرة أخرى تسمى «يافو». وبعد انتصار إسرائيل فى حرب 67 بدأت قطع البحرية الإسرائيلية تخترق المياه الإقليمية المصرية فى منطقة بورسعيد. استغلت إسرائيل قوة الردع المتيسرة لديها والمتمثلة فى تفوقها ومدفعيتها الرابضة على الضفة الشرقية للقناة، مهددة مدنها فى انتهاك المياة الإقليمية المصرية فى البحرين المتوسط والأحمر، واضعة فى اعتبارها عدم قدرة القوات المصرية على منعها من ذلك، وكانت القيادة المصرية تصلها المعلومات أولاً بأول من قيادة بورسعيد البحرية التى كانت تتابع تحركات المدمرة، وقد استعدت قوات القاعدة لمهاجمة المدمرة عندما تصدر الأوامر من قيادة القوات البحرية بالتنفيذ.
ومن هذه الأعمال الاستفزازية دخول المدمرة إيلات ومعها زوارق الطوربيد من نوع جولدن، ليلة 11/12 يوليه 1967 داخل مدى المدفعية الساحلية فى بورسعيد، إلى أن صدرت توجيهات إلى قيادة القوات البحرية بتدمير المدمرة إيلات، وعلى الفور جهز قائد القاعدة البحرية فى بور سعيد لنشين من صواريخ (كومر) السوفيتية وخرج لمهاجمة مدمرة العدو بغرض تدميرها وإغراقها، كما أعدت بقية القطع البحرية فى القاعدة كاحتياطى. لنش الصواريخ (كومر) السوفيتى مجهز بصاروخين سطح - سطح، من طراز (ستيكس) الذى تزن رأسه المدمرة واحد طن وكانت إجراءات الاستطلاع والتجهيز بالصواريخ قد تمت فى القاعدة البحرية قبل الخروج لتدمير الهدف. هجم اللنش الأول على جانب المدمرة مطلقًا صاروخه الأول فأصاب المدمرة إصابة مباشرة وأخذت تميل على جانبها فلاحقها بالصاروخ الثانى الذى أكمل إغراقها على مسافة تبعد 11 ميلاً بحريًا شمال شرقى بورسعيد وعليها طاقمها الذى يتكون من نحو مائة فرد، إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها فى رحلة تدريبية، وتعتبر هذه هى المرة الأولى فى التاريخ الذى تدمر فيه مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ، تلك كانت بداية بطولات القوات البحرية عقب النكسة مباشرة فى معركة الصمود بعد النكسة، من هنا أعلنت الدولة المصرية من جديد عن عودة أسطولها البحرى القوى، واليوم بعد مرور أربعة وأربعين عامًا من نصر أكتوبر العظيم، يقوم القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عبدالفتاح السيسى برفع العلم على قاعدة الإسكندرية البحرية بعد تطويرها ورفع كفاءتها بشكل شامل، وتفقد بصحبة القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق أول صدقى صبحى ورئيس الأركان الفريق محمود حجازى والفريق أحمد خالد حسن قائد القوات البحرية ورفع العلم المصرى على 4 قطع بحرية جديدة انضمت للخدمة بالقوات المسلحة المصرية وهى: حاملة الطائرات أنور السادات من طراز ميسترال. وغواصتان بحريتان، والفرقاطة الفاتح، وهى أحدث قطع حربية انضمت للأسطول المصرى، ومنح الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة قادة القطع الجديدة المصحف الشريف وعلم مصر، ثم رفع علم مصر إيذانًا بتشغيل القطع الجديدة، وأنت جالس تشاهد تلك القطع البحرية ينتابك شعور بالفخر والقوة من قوة القوات البحرية المصرية، ولمن لا يعرف أو فى قلبه مرض، كل الأسلحة التى انضمت للجيش المصرى لم تكلف خزينة الدولة مليمًا واحدًا، وقد لعبت القوات البحرية فى السنوات القليلة الماضية أدوارًا مهمة، فالقوات البحرية المصرية يزيد عمرها فى العصر الحديث على قرنين من الزمان منذ إعادة بنائها فى نفس المكان وعلى صفحة نفس المياه التى يمتزج فى عمق التاريخ بفكر التطوير، لقد أعيد بناؤها مرة أخرى على أسس علمية ونمط حديث»، وقد قامت القوات البحرية فى الفترة الماضية بمهام خطيرة للسيطرة على حدود الدولة والدفاع عنها ضد أى دولة أخرى معتدية، وكذلك قطع الدعم اللوجيستى البحرى عن الإرهاب والمشاركة فى عملية عاصفة الحزم، وإعادة الأمل للشعب اليمنى الشقيق، وأعمال تأمين الملاحة البحرية بمضيق باب المندب، وحماية وتأمين حقل ظهر للغاز الذى سينتج من 10 إلى 12 مليار متر مكعب من الغاز فى السنة.. كل تلك الأسلحة التى انضمت حديثًا للجيش المصرى ما هى إلا من أجل العدو الخارجى المتربص دائمًا وأبدًا بمصر، ولأن دور الجيش كما ذكرنا فى البلد النامى له مهام كثيرة غير الدفاع عن الوطن. كان للجيش المصرى مهام أخرى وهى مهام لا تقل أهمية عن مهمة الدفاع، وهى مهمة البناء، وهو ما كان ظاهرًا فى بناء شبكة الطرق وحفر قناة السويس الجديدة وبناء وحدات سكنية وكبارى وأنفاق آخرها أنفاق قناة السويس، ثم قام الجيش بتدشين مدينة العلمين الجديدة، وهو من المشروعات الكبرى التى ستحدث نقلة كبرى فى عالم المدن الجديدة التى تجذب العناصر الشبابية للعيش فيها بعدما ضاقت المدن القديمة بسكانها. علينا أن نفخر بجيشنا وبقاداته، فهم فخر لمصر وللأمة كلها. •



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز