عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
معشوقتي.. جنون لا نزوة

معشوقتي.. جنون لا نزوة

بقلم : أيمن عبد المجيد

كلما جن الليلُ، زاد شوقي لرؤياكِ، خفق قلبي لذكراكِ، عطرك ما زال يفوح من وريقاتكِ، أفكاركِ باقية تُنير الطريق.



قلت: «أعتقد أن كل عمل مجيد يكون في أوله نزوة طارقة ثم يستحيل إلى فكرة فإذا رسخت أصبحت يقينًا فجنونًا».

سيدتي.. لقد أثبتت الأيام، وهي خير شاهد، صدق اعتقادك، تمخض فكرك فوُلد حلمك.

جميلة هي مولودتك، تشبهك، وجهها الفن، وقلبها الإبداع، وروحها الحرية.

في غير قليل من الأوقات، إذا ما أسدل الليل ستائره، تلبستني شياطين الفكر، تنقلني إلى ماضي الزمن، 92عامًا، عبق العبقرية يفوح حيث تخطين، وسط نجوم مبدعة.

عصية أنت على الانكسار، تقاتلين في لحظة المخاض، غريبة هي طفلتك الخارقة، تملك فتوة الشاب في لحظة الميلاد.

 ممتعة المذاق أنت، سحرية الطبخة، جريئة الطرح، مقاتلة في ساحات الفكر والرأي.

لم ترهبك رصاصات الأديب عبد القادر المازني التي أمطرتك في ضعف المخاض قائلاً: «روزاليوسف - كما يعرف القراء – اسم أحالته صاحبته- كما يرون الآن – إلى اسم لمجلة، ورمز لمعنى تحاول أداءه، وعنوانًا لمسعى تعالج أعباءه، وإنها لنقلة عسيرة! ».

شياطين فكري تضعك أمامي أشفق عليك وأنا أراك تتفحصين كلمات المازني، تتحسسينها لتبصري حقيقتها، هل هي كلمات أم رصاصات، لتقررين، هل ستحتضنهامولودتك في ظهورها الأول، أم أنك تضعين في حضنها لغما سينفجر يودي بحياتها في لحظة الميلاد.

«وأحرى بمن يعرف روزاليوسف الممثلة النابغة أن يتعذر عليه أن يجرد اسمها من الحواشى المادية وألا يقرنه في ذهنه بالمعاني، بل أحرى به أن يسأل نفسه: أيهما خير للفن أن تبقى روزا ممثلة أو أن تستحيل مجلة وتنقلب كاتبة؟».. رأيتك تعيدين تفحص تلك الرصاصات، وحولك جيل الميلاد، هناك كان يجلس من قال إنه تحريض ضدنا.

ربما يكون في آخر مقاله ما يسد رمق أملنا في دعم معنوي، كنت أشعر بعينيك اللامعتين، تبتسمين، لكنه أنتهى لقرار:

 «أوجز فأقول إنني لست ممن يعتقدون أن الممثل البارع يمكن أن يكون في كل حال كاتبًا بارعًا، وأن ما يوفق له المرء في باب من الأبواب يمكن أن يوفق إلى مثله في أي باب آخر يخطر له أن يطرقه.. إذن لماذا تعالج السيدة روزاليوسف فنًا غير الذي خلقت له وهيأت له فطرتها أسباب النجاح فيه – قاصدًا الفن المسرحي- لا أدري! فلعلها نزوة».

هدوؤك لم يخفِ انفعالك، لكن عقلك كان سابقا لمشاعرك، يومها تنهدت: ليست نزوة يا سيدي.. «أعتقد أن كل عمل مجيد يكون في أوله نزوة طارقة ثم يستحيل إلى فكرة فإذا رسخت أصبحت يقينًا فجنونًا».

شاهدتك يوم غرست بذرة الحرية، يوم رسخت لمواجهة الفكرة بالفكرة، والحجة بالحجة، لحظة أن قلت: سأنشر مقالا نقديا في الصفحة الثالثة، وأرد في السابعة، أبهرتني جرأتك وقناعتك بأن قوة حجتك وإن جاءت في صفحات متأخرة ستكون أكثر أثرًا.

يا لها من شياطين تلك التي نقلتني لهذا الزمن البعيد ويا لها كلماتك تلك: «للأستاذ المازني شكري الخالص على ما أبداه من عناية بي في مقاله الظريف الذي صدرت به صحيفتي وإنني لطاردة عنه ما يوجس خيفة منه، فأصرح له بأني ما فكرت يومًا أن أهجر التمثيل، وإن كنت اليوم بعيدة عنه فلأن جو هذا العام محمل بأنفاس ثقيلة، ولكن للباطل جولة وللمرض شدة وللعاصفة عنفا ثم يأتي الحق ويشرق السلام».

أشرقت شمسك يا "روزا"، أسكرتك نشوة الصحافة، فأنستك التمثيل، تخطفتك شياطين صاحبة الجلالة، فهجرت الذي ما فكرت يومًا أن تهجريه.

 «فلتكن نزوة» يا لها من نزوة تستحيل لفكرة فجنون.. لقد مسنى شيطان الهجر، لا حياة أسرية، للتفرغ لرحلاتي الليلية، إلى عالم الإبداع، إلى يوم كان الجنون يسطر الصحف.

10 سنوات انقضت على بدء الغوص في أعماقك، على التسكع في طرقاتك وسراديب معاركك، تفحص صولاتك وجولاتك، الاستماع لآهاتك وضحكاتك، نصائحك وتحذيراتك.. ترين هل كنتِ تتوقعين أن نزوة الجلوس في محرابك ستتحقق؟! أعتقد أن رؤيتك كانت ثاقبة للسنوات والأيام، فما كانت لقاءاتنا ونقاشاتنا ووعودك الليلية إلا جنون ما بعد اليقين.

فلنواصل الجنون خلف ستائر الليل: ولدت على يديك في مثل هذا اليوم 26 أكتوبر 1925، «روزاليوسف» المجلة، فتحولت إلى عملاق صحفي ورقي.. اليوم أعدك على يدي - إن شاء الله - سيولد عملاق صحفي رقمي، جيل جديد للصحافة يواكب مستجدات العصر، "بوابة روزاليوسف" الإلكترونية.

تسألين ما "الإلكترونية"؟!.. إصدار رقمي سيدتي، يلاحق مستجدات العصر، جيلًا لاحقًا على الورقي.. "فلتكن نزوة".


 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز