عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مجلـة قـالـت «لا»

مجلـة قـالـت «لا»

بقلم : أسامة سلامة

أستعير عنوان المقال من الكاتب الصحفى البارع رشاد كامل، رئيس تحرير مجلة «صباح الخير» الأسبق، والمشرف على مشروع جمع وتحقيق تراث «روزاليوسف»، وقد وضعه عنوانًا لكتابه المهم، الذى قام فيه بالتحقيق والتحليل  لجريدة «روزاليوسف» اليومية فى إصدارها الأول عام 1935 والذى دام عامًا وبضعة أشهر، والحقيقة أن العنوان يصلح توصيفًا لكل مطبوعات مؤسسة «روزاليوسف» فجميعها رفعت كلمة «لا» مادامت فى صالح المجتمع ومن أجل المستقبل والتقدم.
وعلى مر العصور كانت كلمة «لا» موجودة فى مجلة «روزاليوسف»، رفضا للجمود والتخلف والرجعية الدينية والاجتماعية والسياسية، وفى سبيل ذلك خاضت معارك ضخمة وتعرضت للحرب من أطراف كثيرة ترفض التجديد والتحديث فى سبيل بقاء مصالحها الخاصة والضيقة، ولهذا كانت صداعا فى رأس التقليديين والمحافظين والانتهازيين، ولأنها انحازت إلى الرأى العام انحاز هو أيضا لها ودعمها فى مواجهة أعدائها، فبقيت صامدة وشامخة، لقد استمدت المجلة شخصيتها من صاحبتها التى أسستها، السيدة «فاطمة اليوسف»، التى وصفها الأستاذ مصطفى أمين بقوله - حسب ما جاء فى كتاب جريدة قالت لا: «امرأة كانت لها شجاعة ألف رجل إذا أقدمت لا تخاف وإذا حاربت استمرت فى المعركة حتى لو سقطت على الأرض لا تعرف المهادنة وتكره التراجع وتمقت الفرار».
وإذا غيرنا كلمة امرأة فى كلام مصطفى أمين ووضعنا بدلا منها كلمة مجلة لصح الوصف وانطبق تماما على هذه المجلة المشاغبة، كثيرة هى معارك «روزاليوسف» على جميع الأصعدة ولهذا تمت مصادرتها مرات عديدة قبل ثورة يوليو، وتم تعطيلها عن الصدور، مما جعل «فاطمة اليوسف» تصدر العديد من المطبوعات مثل الصرخة والرقيب والشرق الأدنى وفى كل مرة كانت تعود «روزاليوسف» إلى الصدور مجددا لأنها مجلة خلقت لتبقى، وبعد ثورة يوليو سجن إحسان عبدالقدوس بسبب مقالاته رغم صداقته الوطيدة برجال يوليو وعلى رأسهم جمال عبدالناصر، وبعد تأميم الصحف كانت تمر عليها فترات تبدو صامتة وكأنها استسلمت وتخلت عن روحها المشاغبة، ومهما طالت هذه الفترات فإنها كانت تعود من جديد لتقول «لا»، هى مثل طائر العنقاء والتى تقول عنه الأسطورة أنه يعود إلى الحياة بعد الموت وينبعث من رماده بعد احتراقه ليطير بجناحيه العملاقين مرة أخرى، كثيرة المعارك السياسية التى خاضتها المجلة، ولكن أيضًا كانت لها معاركها الكبيرة ضد الرجعية الدينية وجماعات الإرهاب والتكفير، فمنذ نشأتها رفعت كلمة «لا» فى وجه تجار الدين وحرصت على كشفهم فابتكر الفنان عبدالسميع شخصية «الشيخ متلوف» الذى يرتدى عباءة الدين وهو أبعد ما يكون عنه، كما كان لها موقفها الواضح ضد «الإخوان المسلمون» ومن والاهم من الجماعات الإرهابية حتى إن عددا من كتابها وصحفييها وُضِعوا على قوائم الاغتيال فى التسعينيات، وواصلت موقفها من هذه الجماعات تتصدى لهم وتكشف استغلالهم للدين، وعندما وصل «الإخوان المسلمون» إلى الحكم بعد ثورة 25 يناير وهادنهم البعض ووقف معهم آخرون وغَيَّر فريق ثالث مبادئه من أجل كسب رضائهم، ظلت «روزا» ثابتة على موقفها وعهدها ووقفت ضدهم وقامت بكشف زيف أفكارهم وابتعادهم عن الإسلام الصحيح النقي، وهو ما جعل قادة الجماعة يضيقون بها ويُضيقون عليها ويهاجمونها، ولكنها استمرت فى نضالها ضدهم حتى جاءت ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكمهم، ولاتزال المجلة حتى الآن تقول «لا» للأفكار السلفية والمتخلفة وتواجهها بكل قوة وتدعم مبادئ المواطنة وتدعو إلى تجديد الخطاب الدينى وتطويره وتنقية كتب التراث، مما علق بها من أخطاء لا يقرها الإسلام الحنيف السمح، المجلة قالت «لا» أيضًا لمن يريد إبقاء المرأة فى الحرملك، وشاركت بقوة فى حركة تحريرها، ووقفت بجانب قضاياها تدافع عن حريتها وحقوقها السياسية والاجتماعية، لقد رفضت «روزاليوسف» منذ إصدارها أن تخضع للسائد فى المجتمع وأبت أن تهتف فى المواكب وأصرت أن يكون لها رأى ورؤية، وستظل مهما حاق بها تقول «لا»



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز