أيمن عبد المجيد
مصر تُبحر في عقل العالم «1»
بقلم : أيمن عبد المجيد
الدول كالبشر، لديها روح وجسد، تفرح وتتألم، تمرض وتقوى، تغفو وتنهض، تقود وتُقاد، تتأثر وتؤثر، لها أعمار، منها ما يعاني الشيخوخة- لكنها على عكس البشر- ومنها التي تستطيع أن تتحدى عوامل الزمن، تهضم الأيام والسنين في معدتها القوية لتحوّلها إلى عصارة الحضارة وخلاصة الخبرة وجينات الفتوة، فكلما تقدم بها الزمن ازدادت قوة.
الدول كالبشر، روحها الهوية الوطنية - مَعَالِمُهَا وَخَصَائِصُهَا المُمَيزَةُ وَأَصَالَتهَا- وجسدها الشعب بمكوناته وقادته ومؤسساته، ومحيطها الحيوي أرضها وحدودها.
وللجسد بنيان، وأذرع وأعين وآذان، وعقل يُفكر ويحلل ويخطط، وبقدر وعي وتناغم أجهزة الجسد تكون الحيوية، وبقدر حكمة العقل وفطنته، وقدرته على استشراف المستقبل والتخطيط له يكون النجاح.
في بنيان الإنسان، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكذلك الدولة القوية، مكونات جسدها كالبنيان المرصوص، تعمل جاهدة لهدف واحد تسعى إلى تحقيقه.
مصر من ذلك النوع متجدد الشباب، لا يزيدها الزمن إلا فخرًا بحضارتها، وتاريخها الممتد، ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، 7 آلاف عام، عصارة من الأحداث التي عاصرها أجيال شعبها، فاعتصرت التجربة، لتتحول تلك العصارة التاريخية إلى جينات تُظهر أصالة المعدن في الشدائد، ومداد كزيت القنديل الذي يضيء الطريق إلى مستقبل أرحب.
مصر مهبط الأنبياء، وأرض التجلي، التي اختصها الله دون غيرها من الكرة الأرضية ليتجلى لنبيه موسى، فأضاءت بنور الله الذي لا يفنى.
مصر ملجأ المظلومين، إليها لجأت العائلة المقدسة، العذراء مريم والمسيح عيسى- عليه السلام- وإليها لجأ آل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وعنها قال سيدنا يوسف عليه السلام لملك مصر: "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"، صدق الله العظيم، إليها كان يلجأ العالم في وقت القحط، صدّرت الحضارة والعلم لربوع الأرض.
كأي إنسان، مرضت مصر سنوات، لكنها اليوم تنهض فتية، مفتولة العضلات بمؤسساتها القوية، تحتضن شباب العالم على أرض السلام، سيناء المباركة، في شرم الشيخ، حيث سحر الطبيعة والجمال، لكن أقوى ما في مصر الآن هو عقلها صاحب الرؤية الاستراتيجية، فتُرى ماذا سنجني من منتدى شباب العالم الذي ستنطلق جلسته الافتتاحية غدًا؟ وما أبعاده وآفاقه ونتائجه المرجوة؟!
عن منتدى شباب العالم، ومصر الفتية، للحديث بقية.
جوجل نيوز
