عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مُجرد صورة

مُجرد صورة

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

يُدهشني بشدة، الأشخاص الذين تُمكنهم الحياة من تقلد منصب أو مركز رفيع، ثم بمنتهى البساطة والسهولة يُسلمونها لشخص آخر، ويتحولون هم لمجرد صورة خارجية بلا صوت ولا حركة؛ ظنًا منهم أنهم بذلك يُلقون بعبء هذا العمل الكامل على هذا الشخص، وأنهم يستمتعون فقط بمزايا المكان، دون أن يتحملوا أعباءه، ورغم أن هذه قد تكون فلسفة هؤلاء، التي بالقطع لا يمكن أن تُقنع أصحاب العقول الموضوعية، إلا أنني أكثر ما يدهشني هو عدم قدرة هؤلاء الأشخاص على استيعاب ما يتسببون فيه من إضرار بالآخرين، فهم عندما يضعون كامل ثقتهم في شخص بعينه، ويتركون له كامل السلطة في التحكم في الآخرين، يُجبرونه على إخراج أسوأ ما لديه من طباع، هو نفسه لم يكن يعلم بوجودها فيه، ويتسببون في الإجحاف بالآخرين بدون منطق، والأهم من ذلك، هو كيف يستسيغون لأنفسهم أن يتحولوا لمجرد صورة ليس لهم دورًا حقيقيًا وفعالاً، فهل يمكن للإنسان أن يتقبل فكرة أن يعيش دون أن يُؤثر أو يتأثر، أو يرتضي لنفسه أن تُلْغَى شخصيته على مرأى ومسمع من الجميع، أو أن يعترف ولو بطريقة ضمنية بعدم قدرته على ملئ مكانه.



 

هل كل هذه الأفكار لا تطارد من يأتون بهذه التصرفات، أم أنهم يكتفون بالصورة الخارجية والمزايا سواء كانت المادية أو المعنوية، ولا يدعوا لعقولهم مجرد فرصة إجهاد التفكير في هذه الأمور؛ حتى لا يقفوا على الحقيقة، التي ربما تجعلهم يُعيدوا ترتيب حساباتهم من جديد، ولكن أيًا ما كانت الأسباب، فلا يسعني سوى أن أقول لكل من يأتِ بهذه التصرفات، أن من يرتضي لنفسه أن يعيش مجرد صورة فقط، فهو يحكم على نفسه بالخروج من الإطار البشري، والدخول في عالم الجماد، فمهما كانت الصورة جميلة، فهي بلا نبض ولا روح، فهل من المنطق أن يُلقي الإنسان بآداميته، ليتحول إلى مجرد صورة بلا روح.

 

 

*رئيس النيابة الإدارية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز