عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الإرهاب يتعرى.. التوقيت والأهداف

الإرهاب يتعرى.. التوقيت والأهداف

بقلم : أيمن عبد المجيد

عمل إرهابي جبان، كاشف لعورات التنظيمات الكافرة بالأديان، الهادمة لبنيان الله– الإنسان- وسوءات الأجهزة المخابراتية التي تستخدمها للنيل من مصر.



235 شهيدًا، نحسبهم في جنات النعيم أحياء عند ربهم يرزقون، وسيبعثون بإذن الله مصلين، و109 مصابين شفاهم الله؛ حصيلة استهداف مسجد "الروضة" بمحيط مدينة بئر العبد بشمال سيناء.

سيُهزم الإرهاب بإذن الله لا محالة، فمصر مقبرة الغزاة والمعتدين، وما الإرهاب الذي يستهدف الشعب المصري كافة، جنودًا ومدنيين وحتى المصلين في دور العبادة، إلا سلاح في حرب حديثة بالوكالة، سننتصر- إن شاء الله- فيها لا محالة.

لكن ما دلالات العملية الإرهابية في هذا التوقيت؟ وما أهدافها؟

التحليل الدقيق للعملية من حيث التوقيت، يكشف أنها جاءت ردًا على:

1- الضربات الأمنية القوية التي وجهتها مؤسسات الدولة المصرية للجماعات الإرهابية، وأجهزة المخابرات الداعمة والمحركة لها، بداية من تصفية خلية الواحات والقبض على المسماري، وما كشفه من معلومات، ومرورًا بما وجه لجرذان الإرهاب في سيناء من ضربات موجعة.

2- قنص صقور المخابرات المصرية لشبكة جواسيس تركيا وقطر، أمس الأول، وكشف الأساليب الجديدة للتجسس والأجهزة المستخدمة، وهي ضربة موجعة ليس فقط كشف 29 جاسوسًا، بل الأهم هو كشف أسلوب جديد للتجسس وتمرير المكالمات الدولية، وهي رسالة قوية بأن الصقور المصرية يقظة، وقادرة على حماية أمن مصر القومي.

3- الضربات السياسية والدبلوماسية، التي نجحت مصر في تحقيقها، فأحبطت بها محاولات الدول المعادية، لخلق محيط إقليمي متوتر، يسمح بخلق حواضن للإرهاب لتصديره لمصر، وفي مقدمة ذلك:

- نجاح مصر في تحقيق المصالحة الفلسطينية، فتقلصت بذلك قدرة إيران وتركيا على العبث بقطاع غزة عن طريق حماس، كما فقدت إسرائيل ورقة استخدمتها كثيرًا لرفض استئناف مفاوضات السلام، بزعم عدم وجود حكومة موحدة تتفاوض معها، وبالتالي فقد حلفاء الخفاء، إيران وإسرائيل وتركيا وقطر، ورقة مهمة لتهديد مصر والمزايدة عليها.

- نجاح مصر في محاصرة تركيا في البحر المتوسط، من خلال قمة الترويكا الخامسة التي جمعت الرئيس السيسي والرئيسين القبرصي واليوناني، وهو ما يوسع تقوية مصر لدوائر الأمن القومي المصري دبلوماسيًا واقتصاديًا، ويحاصر مطامع إسرائيل وتركيا في نهب ثروات الغاز، ويحجم الاحتلال التركي بالجزيرة القبرصية، وهو ما أربك السلطان العثماني وحلفاءه.

- نجاح مصر في احتواء المتصارعين في دولة جنوب السودان، وهي الجبهة التي كثيرًا ما سعت دول معادية للعبث بها، وسيطرة مصر على مضيق باب المندب، ما قطع الطريق على عمليات إمداد الإرهابيين في اليمن بالسلاح، ولمعرفة أهمية باب المندب، يكفي العلم بأن أردوغان يبذل جهودًا مضنية للتواجد في الصومال، وينشئ ميناء للسيطرة على الساحل المؤدي للمضيق.

- نجاح مصر في استضافة فرقاء الجيش الليبي، ودعم إعادة بناء جيش وطني، وهو ما سيغلق المجال أمام مخطط صوملة ليبيا، وسيفقد الإرهابيون ساحة مستهدفة لاحتضان الإرهابيين ومعسكراتهم، تمهيدًا لتصديرهم لمصر.

- نجاح مصر في احتواء الأزمة اللبنانية، وحث سعد الحريري- رئيس وزراء لبنان- للتراجع عن استقالته، وهو ما فوّت فرصة خلق بؤرة توتر جديدة وحرب أهلية مذهبية، تسهم في مخطط تغذية النزاعات المذهبية والطائفية، بهدف اتساع أثرها لإرباك المنطقة.

هذا من حيث التوقيت، أما أهداف العملية فأعتقد أنها:

1- هدف إعلامي للتشويش على الإنجازات المتحققة، وإيفاد رسالة للعالم بأن فلول الإرهاب في مصر ما زالت على قيد الحياة، وقادرة على الفعل، لكن المؤكد أن الرسالة التي كشفتها العملية الجبانة أن الإرهابيين عاجزون عن مواجهة قوات الجيش والشرطة، وبات اليأس هو المسيطر عليهم بعد محاصرتهم، فلم يجدوا ثغرة غير استهداف مسلمين في دار عبادتهم.

2- التوحش في القتل هدفه إرهاب أبطال سيناء من الشعب المصري، لإثنائهم عن مواصلة دعمهم لدولتهم في حربها، لكن ما فعله الإرهابيون لن ولم يزد الشعب المصري كله في المحافظات كافة، وسيناء خاصة، إلا إصرارًا على مواصلة الحرب لاقتلاع الإرهاب من جذوره.

لكن تجربة المصريين والدروس التي ينبغي أن يعيها الإرهابيون أنهم أينما يكونون سيدركهم الثأر السريع، وقد حدث بالفعل، ونجحت القوات المسلحة في القضاء على عدد من الإرهابيين والسيارات المستخدمة في العمل الإرهابي الوحشي.

مصر أقوى من الإرهاب، المجتمع الدولي في سابقة أولى أبدى تعازيه ووقوفه مع مصر في خندق واحد في حربها ضد الإرهاب، اليوم يُدرك قادة قوى عظمى أن مصر تحارب خطرًا يهدد الكل، ويستهدف الجميع، لا وطن ولا دين له.

اتحاد البرلمانات الدولية، بعث بتعازيه، بريطانيا، أمريكا، فرنسا، الدول العربية، لكن تبقى القضية متى سيتخذ العالم إجراءات فعلية ضد الدول الراعية للإرهاب، الممولة والحاضنة والمحرضة؟! أعتقد أننا نحتاج جهدًا للانطلاق من هذه اللحظة، التي أدرك فيها العالم حجم الخطر الذي يواجه الإنسانية، لاتخاذ إجراءات فعلية تنطلق من استراتيجية المكافحة، التي قدمها الرئيس السيسي في كلمته بالقمة العربية- الأمريكية في الرياض، فمحاربة الإرهاب تبدأ بقطع الأذرع الممولة والحاضنة.

المؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد تصاعد وتيرة لجوء العناصر الإرهابية في سيناء إلى استهداف المدنيين، والتوحش في عمليات القتل، لتخفيف الضغط الكثيف لقوات الجيش والشرطة عليهم، ومؤكد ستلجأ أجهزة المخابرات المحركة لمحاولات الدفع بفلول "داعش"، الفارين من القتال في سوريا والعراق وليبيا، إلى مصر.

والواضح أن المشغلين دائمًا يحتاجون إلى مبررات للإرهابيين، عقائدية فاسدة، فتارة يستهدف المسيحيين، وأخرى المسلمين على أسس فكرية، وهذا التوجه لوحظ اللجوء إليه بداية من منتصف العام الماضي في سيناء، عندما قام إرهابيون بهدم أضرحة لمشايخ الصوفية، ثم اختطاف الشيخ سليمان أبو حراز رمز الصوفية في سيناء 15 أكتوبر 2016 وذبحه، رغم أنه شيخ هرم تجاوزت سنه مئة عام.

وهو الأمر الذي يستوجب أعلى درجات اليقظة من الشعب كافة، وليس أجهزة الأمن وحدها، وتتبع الأهداف المحتملة للإرهاب لغلق الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها الأفاعي لتنفث سمها.

الإرهاب تعرى، فهو بلا دين، ولا مبدأ، يخدم فقط محركيه ومشغليه، لا حرمة لمسجد ولا كنيسة، يستهدف مصر والمصريين، يستهدف مصلين يوم جمعة، الدين بريء من التكفيريين.

مصر أقوى من الإرهاب، ولن يزيد المصريين إلا صلابة ووحدة وإصرارًا على اقتلاع الإرهاب من جذوره، كما قال الرئيس السيسي، فهذا حكم التاريخ وحقيقة الجغرافيا، فمصر قدرها منذ فجر التاريخ أن تحمي تلك المنطقة وتردع هجمات الأعداء، واليوم تتصدى لمخططات جديدة تستخدم الإرهاب سلاحًا لتحقيق مآربها.

مصر منتصرة، وعد الله عز وجل: "وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ"، صدق الله العظيم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز