عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التحركات «البريطانية».. لدعم الإرهاب فى «سيناء»!

التحركات «البريطانية».. لدعم الإرهاب فى «سيناء»!

بقلم : هاني عبدالله

فى مقاله «المثير للجدل» (والاشمئزاز، أيضًا)، قال «سيمون تيزدول»(Simon Tisdall)  فى صحيفة «الجارديان» البريطانية (يوم الأحد الماضى)؛ كلامًا كثيرًا(!).. وكان مما جاء فيه:



(أ)- إنّ رد فعل الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسي» تجاه «حادث الروضة» (الذى وصفه الكاتب بـ«العمل الشرير»)، كان متوقعًا.. فبعد ساعات من قيام مسلحى «داعش» بقتل نحو 300 من المصلين [الصوفيين]؛ أرسل السيسى طائرات القوات الجوية للانتقام.. وصرح «الجيش»- بعد ذلك - بأنّ «القوات الجوية» نجحت فى القضاء على عدد من البؤر التى تستخدمها العناصر الإرهابية.

(ب)- وروّج «الكاتب» فى مقاله الذى حمل عنوان: [الرد بـ«القبضة الحــديديـة» على الهجمـات الإرهـابيـة فى مـصــر.. لا ينجـح أبـدًا]
The 'iron fist' response to terror attacks in Egypt never works
إلى أنّ الأمر ليس بهذه السهولة.. وأنّ هناك احتمالاً بأن تكون المواقع التى قصفت قد اختيرت بعشوائية(!).. وأنّ «السيسي» (الذى وصفه بالقائد العسكرى الذى استولى على السلطة، بعد انقلاب على حكومة «الإخوان» المنتخبة!) عاد فى خطابه- بعد الحادث - للغة الوحيدة التى يعرفها، وهي: [الشرطة والجيش سوف ينتقمان لشهدائنا، ويعيدان الأمن والسلام].

(ج)- وتطرق «الكاتب» إلى حقبة «التسعينيات» (قبل ظهور تنظيم القاعدة).. وقال إنه فى تلك الأثناء حاول «المتطرفون» إضعاف نظام مبارك (الاستبدادي) عن طريق استهداف قوات الأمن، والمسيحيين، والسائحين (حادث الأقصر).. وكان الرد الرسمى - خاصةً فى الصعيد - هو الاعتقالات وسياسة الأرض المحروقة.. وهو ما أدى إلى تدمير مصادر معيشة المزارعين، وجعلهم هدفًا سهلاً مكّن المتطرفين من اجتذابهم لصفوفهم (نقلاً عن مراسلة وكالة «رويترز» فى القاهرة «منى الطحاوى»).

(د)- وادعى أنّ هناك أماكن أصبحت (مؤخرًا) غير خاضعة لسيطرة الحكومة فى شمال سيناء، وأنّ سيناء فى حالة طوارئ، وتمنع فيها وسائل الإعلام من الدخول(!).. وأنّ تكتيكات «السيسى» الممثلة فى [القبضة الحديدية] غير مجدية(!)

(ه)- واختتم مقاله بعبارة تقول: [إلى أن ترفض الدولة المصرية «العنف المنظم» كشكل من أشكال السياسة؛ فإنّ العنف الذى يمارسه «الفاعلون من غير الدول» سيستمر وينمو].

 

أغلب ما ورد بمقال «سيمون تيزدول»، تم الرد عليه (رسميًا وإعلاميًا).. لكن.. يبقى فى تقديرنا الخاص أنّ أخطر نقطة من نقاط المقال، هى [عبارته الختامية]، وما تحمله من دلالات، تتطلب - فى المقابل - أكثر من وقفة(!).. إذ ربما تكون هذه هى [المرة الأولي]، التى نجد خلالها من يُطلق توصيف: [الفاعلين من غير الدول] (non-state actors) على عناصر «الجماعات الإرهابية» فى سيناء، من دون مواربة فوفقًا لأكثر التعريفات شيوعًا فى «العلوم السياسية»؛ فإن مصطلح «الفاعلين من غير الدول»، يعني: تلك الكيانات المشاركة بحقل «العلاقات الدولية»، أو المسرح الدولى  (international theater) من أجل الانخراط فى الشئون المتعلقة بـ«حقوق الإنسان» (السياسية، والاجتماعية)، أو «التجارة الدولية».. أى أنها منظمات ذات سلطة كافية؛ للتأثير والتغيير (رغم أنها لا تنتمى إلى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة).. وهى تتوزع - وفقًا للمفهوم نفسه -  على 4 مستويات مختلفة:

المستوى الأول، هو: المنظمات الشعبية، والتعاونيات، والمنظمات الريفية، والجمعيات النسائية، والمنظمات الشبابية، والرابطات الرياضية والثقافية، والهيئات التى يُنشئها المواطنون؛ لإيجاد حلول للمشاكل (فى السياق المحلي)، لتحسين ظروفهم المعيشية والاجتماعية (الصحة والتعليم وما إلى ذلك).. إلى جانب بعض «الجماعات الدينية» الملتحمة بنسيج بعض الشرائح المجتمعية (حزب الله نموذجًا).

أما المستوى الثاني؛ فيتعلق بالجهات الفاعلة (الثابتة رسميًا).. وهى جهات ذات مستوى متقدم [داخليا].. إذ تقدم الدعم والتوجيه لـ«منظمات المستوى الأول». والجمعيات الحقوقية «غير الحكومية»، ومراكز التفكير (الإنمائية)، والمؤسسات «الاجتماعية / المهنية»، وروابط حقوق الإنسان، والنقابات.

ويضم «المستوى الثالث»: «الشبكات»، و«الاتحادات»، التى أنشئت على أساس [مناطقي/ جغرافي].. وغالبا ما ينظر إلى النموذج على أنه «ساحة مشتركة»؛ للتواصل والتعاون بين الأعضاء.. وكأداة لتوفير الخدمات للأعضاء فى مجالات محددة، مثل: بناء القدرات، والعلاقات العامة، والدفاع عن المصالح الجماعية (جماعات الضغط)... إلخ.

ويشمل «المستوى الرابع»؛ [منظمات المظلة] (umbrella organizations) التى تتميز بدرجة عالية من المرونة والنفوذ.. ويتم إنشاؤها لتوفير «جبهة موحدة» لمواجهة مشكلة خارجية مشتركة، أو التعامل مع «السلطات العامة».. وما إلى ذلك.

أى أنّ التوصيف الذى ساقه «سيمون» (وهو لم يكن «مصادفة» على أى حال)، يُمكننا أنه نفهمه (فى سياق نقاط المقال كافة) على أنه محاولة؛ لإضفاء [الشرعية] على ما تفعله جماعات العنف والإرهاب فى سيناء، وإعادة تسويقها دوليًا على أساس أنها جزء «مؤثر» من نسيج المجتمع السيناوي.. وأن أغلب أنشطتها (فى المقام الأول) هى رد فعل على «عنف السلطة»، وعشوائية تعاملها مع أهالى المنطقة، من دون الالتفات إلى وجود العنصر الأجنبى بين هذه العناصر.. أو أجندات التوجيه الخارجى.. أو عمليات [النزوح التنظيمى] لعناصر تنظيم الدولة (داعش) فى كل من العراق وسوريا، بعد سلسلة الهزائم المتلاحقة للتنظيم هناك وخطورة «التوصيف» الذى ساقه مساعد رئيس تحرير صحيفة الـ«جارديان»، هو أنه يعكس توجهًا لفصيل (بحثي/ وإعلامي) يسعى لترسيخ تلك الصورة فى أكثر من محفل.. إذ اقترب «سيمون» خلال عمله مراسلاً للصحيفة بالعاصمة الأمريكية (واشنطن)، بين عامي: 1996م، و1998م، من المجموعات «اليمينية» بواشنطن.

.. وهى مجموعات تتغلغل بقوة داخل عديدٍ من «بيوت التفكير» المختلفة، وتسعى إلى استقطاب عديدٍ من النشطاء السياسيين المتوافقين وأجندتهم «البراجماتية» فى توجيه السياسات.. وهى المجموعات نفسها التى تتعامل معها «منى الطحاوي» مراسلة رويترز (الشخصية ذاتها، التى نقل عنها فى مقاله!).

وما بين التوصيف (غير المعتاد)، ومحاولة «شرعنة» الوجود الإرهابى فى سيناء.. يُمكننا ملاحظة أن ثمة توجهًا (بريطانيًا، فى الأساس)؛ للإبقاء على حالة «التوتر السيناوي» لأبعد مدي، مع اختلاق عديدٍ من الأزمات أمام «الحكومة المصرية»؛ لمنعها من القضاء على «الميليشيات الإرهابية» فى شبه الجزيرة، ووضعها موضع «الشبهات» عبر إثارة قضايا «الترانسفير»، والتوطين لغير المصريين بشبه الجزيرة (خبر BBC  عن العرض الأمريكى لمبارك نموذجًا).. وربط ما يحدث بما يتم ترديده من شائعات حول التحركات «القاهرية» الداعية للسلام، وحل القضية الفلسطينية.

وتبقى كلمة: لم يكن كل هذا غائبًا - قطعًا- عن القيادة المصرية، عندما أصدرت توجيهاتها لرئاسة الأركان، و«الشرطة المدنية» بالقضاء على «فلول الإرهاب» فى سيناء خلال 3 شهور.. على أبعد تقدير.

رئيس تحرير مجلة روز اليوسف 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز