عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الراقص على رؤوس الأفاعي

الراقص على رؤوس الأفاعي

بقلم : أيمن عبد المجيد

في ليلة قارسة البرودة، من شتاء عام 2006، في بيت حديث البناء، بمدينة 6 أكتوبر، خالٍ إلا من بعض الأثاث والمفروشات الفقيرة، جلست أحاور صالح الورداني، أحد أبرز معتنقي المذهب الشيعي في مصر.



 لخص الورداني علاقته بإيران في عبارة بليغة قائلًا: "إيران استخدمتني وألقتني كالفأر الميت"، فقد كان دائم السفر ذهابًا وإيابًا إلى طهران.

إيران أفعى عتيقة، تنفث سمومها المذهبية، لخلق ولاءات دينية، لاستخدام معتنقيها لتحقيق مآرب سياسية.

ظل علي عبدالله صالح يرقص على رؤوس الأفاعي باليمن الحزين ثلاثة وثلاثين عامًا، إلى أن دخل جحرها، والخروج ليس بسهولة الدخول ذاتها، فقد كلفه ذلك حياته، مصطحبًا نجله صالح وعددًا من قادته إلى الدار الآخرة.

فارق كبير بين أن ترقص على رؤوس الأفاعي مرتديًا بيادتك العسكرية، ممسكًا بمقاليد الأمور في يدك، وأن ترقص بين الأفاعي في جحورها، فالرقصة الأولى يمكنك أن تسحق، الرأس، التي تحاول أن ترتفع لتلدغك، بينما الرقصة الثانية رؤوسها تفوق رأسك، يمكنها أن تلتف فوق عنقك، إذا ما أرادت بك غدرًا.

قامر علي عبدالله صالح، عندما انقلب على المملكة العربية السعودية التي آوته، ومنحته العلاج بعد محاولة اغتيال فاشلة نفذها تنظيم الإخوان باليمن عام 2011، بتفجير مسجد بقصر إقامته، ليعود لليمن بعد ستة أشهر، ليعرقل التسوية السياسية التي تبنتها دول الجوار.

سرعان ما سعت إيران، صاحبة المشروع الفارسي إلى الدفع بميليشيا الحوثي، العميلة، للسيطرة على الأوضاع باليمن، مدعومة بالسلاح والاستخبارات وقيادات الحرس الثوري لإدارة المعارك.

في عام 2014، قال مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني إن طهران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

علي عبدالله صالح ارتكب خطأه التاريخي، عندما تحالف مع أفاعي إيران، وخاض معهم المعارك من جحر واحد في مواجهة الحكومة الشرعية ذات الانتماء العربي، كان صالح يظن أنه بارع في لعبة التوازنات والتحالفات، فبتحالفه مع الحوثيين انتصر على الإخوان، لينتفض بعد ذلك ضد الحوثيين.

غير أن ثعابين الحوثي، يحركها حواة مخضرمون، خارج حدود اليمن، فهناك من اخترق حراسته، ومن رصد تحركاته، ومن خطط لخلق رؤوس حراب مذهبية، لإشعال المنطقة العربية في حرب سنية - شيعية تستنزف المقدرات، وتنقل ثروات العرب للمخططين مقابل أطنان من السلاح.

فالمدقق في الخريطة العربية والمخطط الذي رسم لها وبدأ يُنفذ مطلع العام 2011، يكتشف أنه يرتكز على قاعدة خلق صراع مذهبي سني - شيعي، ويتطلب ذلك تحريك الأفعى الفارسية صغارها في المنطقة، وفق تحالف خفي مع الكيان الصهيوني، فكان "حزب الله" بلبنان، والحوثيون في اليمن، وميليشيا إيران بالعراق وشيعة سوريا، لخلق صراع مع السنة لتدمير المنطقة بيد أبنائها.

سيناريو مقتل القذافي، ومن وقف خلفه هو ذاته سيناريو مقتل علي عبدالله صالح، نفس البصمات، ونفس جهات الاستخبارات التي رصدت، وأمرت بالتنفيذ، والهدف واحد، هو خلق دولة فاشلة يسيطر عليها ميليشيا مذهبية تحقق أهداف الأعداء، بتهديد دولة سنية محورية، المملكة العربية السعودية، حفظها الله.

في اعتقادي أن الحل الأمثل في مواجهة ذلك هو استثمار الأزمات التي تُصدر لنا، فمقتل عبدالله صالح بيد الحوثيين لمحاولته تحرير صنعاء منهم، يجب أن تبني عليه الدول العربية لبناء مواقف دولية داعمة للحكم الشرعي اليمني، ومساندة شرفاء اليمن على الانتفاضة.

لكن من الواضح أن استعادة اليمن، الذي كان، سيتطلب جهودًا مضنية، والكثير من قادم الأيام.

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز