عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أبو بكر الصديق

أبو بكر الصديق

بقلم : محسن عبدالستار

بعث الله رسولنا الكريم واصطفى له أصحابه الكرام، الذين كانوا أبر هذه الأمة، وأصدقها لسانًا، وأشدها قوة في الحق، فهم قدوتنا بعد النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- وعندما يتم الحديث عن اتخاذ شخص ما قدوة، يجب البحث عمن تتطابق أقواله مع أفعاله.



ولقد ذكر لنا القرآن الكريم أخبارهم للاقتداء بهم.. ومنهم صحابي جليل، هو خير هذه الأمة بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هو صاحبه إذ هما في الغار، هو الذي ثبّت به الله المؤمنين في يوم الردة، هو عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي- رضي الله عنه وأرضاه- المشهور بأبي بكر الصديق، الذي أثنى عليه رسولنا الكريم في أحاديث كثيرة، وذكر لنا انتفاع الإسلام به وانتفاع الرسول نفسه به، وبماله وبصحبته.

وأبو بكر الصديق، الرجل الثاني في هذه الأمة بعد النبي- صلى الله عليه وسلم- قدوتنا الذي يجب الاقتداء به، فكان شديد التواضع، رحيمًا يخفض جناحه لمن دونه، فكان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول، ما نفعني أحد كما نفعني أبو بكر، وما امتنّ عليّ أحد غيره، وكان يسمع ذلك أبو بكر فيخفض رأسه ويبكي، وهنا نجد قمة التواضع من الصديق- رضي الله عنه وأرضاه- لما يقوله الرسول عنه.

كان من أوائل الذين أسلموا، فهو أول من أسلم من الرجال، وكانت خديجة بنت خويلد، زوج النبي الكريم- رضي الله عنها- أول من أسلمت من النساء، وعلي بن أبي طالب- كرّم الله وجهه- أول من أسلم من الغلمان.

أسلم أبو بكر، وكان شعلة يُقتدى بها في الدعوة إلى الخير، وهداية الناس لرب العالمين، حتى أسلم على يديه في مكة المكرمة وحدها- قبل أن يهاجر إلى المدينة- أكثر من ثلاثين صحابيًا، ستة منهم من العشرة المبشرين بالجنة.

كان أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- محبًا للنبي عليه الصلاة والسلام، معظمًا للدين الإسلامي ولرب العالمين الواحد الأحد، مضحيًا بجهده وماله في سبيل نصرة هذا الدين العظيم، فهو رجل ذو رأي سديد وحكمة بالغة ورباطة جأش كبيرة.. صاحب شخصية قوية فذة، لا يخاف في الله لومة لائم، ونجد ذلك جليًا في إسلامه ودفاعه عن النبي ونصرته بكل ما يملك.

فعندما مر ببلال وهو يعذب، يقف عند سيده، وينفق من حر ماله ليخلصه من الرق والعبودية ويعتقه لوجه الله سبحانه وتعالى.

وبعدها بأيام يمر بعامر بن فهيرة فيجده يعذَّب فيشتريه بحر ماله ويعتقه في سبيل الله، هذا المال الذي كان يجمعه غيره، ربما ليتنعم به هو وأهله، وأنفق من المال الكثير حتى وصل عدد من أعتقهم في سبيل الله قرابة العشرة، رجالًا ونساءً، حتى قال له أبوه ذات مرة: إن الناس يعتقون من هم أشد قوة من العبيد ليكونوا سندًا لهم وقت الشدة، وأنت تعتق هؤلاء الضعفاء، الذين لا تستفيد منهم، فقال له، رضي الله عنه، إني بعتقهم أرجو رضا الله سبحانه وتعالى، فكان له ما أراد.

كان أبو بكر أفهم الناس لرسول الله، عليه الصلاة والسلام، وربما فهم من النبي الكريم ما لم يفهمه غيره، فقد حضر الصحابة خطبة للرسول فإذ به صلى الله عليه وسلم، يقول: إن عبدًا من عباد الله خيّره الله تعالى بين الخلود في الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله، وإذ بالصحابة يستمعون ويقع في نفوسهم أن ما يقوله النبي ما هو إلا مثل ذكره لهم، لعبد تعلق قلبه بالآخرة، فإذ بأبي بكر- رضي الله عنه- يسند وجهه عل ركبتيه ويجهش في البكاء، ثم رفع رأسه ونظر إلى الرسول الكريم قائلًا: نفديك بأرواحنا يا رسول الله، فتعجب الصحابة وقالوا، ما بال هذا الشيخ يبكي وقد ذكر النبي قصة رجل من السابقين، ولما سمع الرسول بكاءه قال، والله لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، فكان عليه السلام يعرف معنى هذه الدموع التي تخرج من عيني أبي بكر الصديق.

وكان لأبي بكر الصديق- رضي الله عنه- أعمال، سيظل فضلها يعود على كل عصر وجيل ومنها، حروب الردة وما نتج عنها من قتال للمرتدين وعودتهم إلى الدين والتوحيد. ودوره البارز في إنفاذ جيش أسامة بن زيد، الذي شرع النبي بتجهيزه، وتوفاه الله، فأوكل الأمر إلى أبي بكر بإنفاذ الجيش إلى الشام ففعل.

وقام بجمع القرآن في كتاب واحد، بعد مقتل عدد كبير من حفظة القرآن في حروب الردة، فأشار عليه عمر بجمع القرآن، خوفًا من تفلته من الصدور بموت حفظته، فكلّف زيد بن ثابت، وهو أحد حفظته وكتاب الوحي بجمعه وتدوينه وترك نسخة منه عند حفصة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم.

وقام بتجهيز الجيوش وإعدادها من أجل مرحلة جديدة من مراحل الدعوة لله، ورفع لواء هذا الدين على مشارف الدنيا كلها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز