عاجل
الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السعودية تركض..!

السعودية تركض..!

بقلم : جورج أنسي

أتصور أن أي شخص أتيحت له زيارة المملكة العربية السعودية قبل سنوات طويلة، يدرك فعلًا حجم التغير الحادث الآن في فكر القيادة السعودية، بالنظر للقرارات الأخيرة التي أذهلت القاصى والدانى، وشكلت إطارًا لما ستكون عليه الدولة الجديدة خلال الفترة المقبلة.



فمع القرار الأخير بإعلان وزارة الثقافة والاستعلامات السعودية بأنها ستمنح ترخيصًا لافتتاح صالات للعرض السينمائي في عام 2018، وأن افتتاح أولى صالات السينما سيكون في مارس المقبل -بعد حظر دام أكثر من ثلاثة عقود،حيث كانت هناك العديد من صالات السينما في المملكة في سبعينيات القرن الماضي، لكن رجال الدين أقنعوا السلطات السعودية وقتها بضرورة حظرها - عدت بالذاكرة لأكثر من ٣٠ سنة إلى الوراء، عندما أصطحبنا والدى الراحل في نزهة مسائية لأحد الحدائق وملاهي الأطفال الكائنة وسط العاصمة السعودية الرياض لقضاء يوم (ممتع) في عطلة نهاية الأسبوع حيث كانت الراحة الأسبوعية يومى الخميس والجمعة، وبالفعل تهيأنا جميعًا لقضاء يوم مختلف ملىء بالسعادة والمغامرة على شاكلة ما كنّا نفعله في حديقة (الميريلاند) بمصر الجديدة بالقاهرة أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيّات من القرن الماضى..ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن!!

على بوابة الحديقة، وقبل قطع تذاكر الدخول، أشار الحارس لوالدتي وشقيقتى بمكان للانتظار، وهم بقطع تذكرتين.. وهنا سأله والدى :"الستات بتدخل مجانًا ؟" فنظر اليه الرجل في دهشه وقال: "لا...بل ممنوع دخولهن، وبناء عليه يمكنك الدخول أنت وأبنك فقط لحين خروجكما"!

وبين غضبى كطفل ودهشة أبى، أسقط بين أيدينا- كأسرة مصرية - ربما من هول المفاجأة غير المتوقعة، وهنا بادر أبى لتخفيف حدة الموقف بقوله :"وإحنا جايين نتعاقب ولا إيه..يارجل بلاش كلام فاضى، أنا هرجعهم البيت أحبسهم ونرجع تانى نأخد حقنا كرجال"!!!

وكأن الموقف حدث بالأمس..التفاصيل كاملة قفزت إلى ذهنى وأنا أراجع ركض السعودية خلال شهور قليلة بإتخاذ قرارات مذهلة في مجتمع عرف عنه تشدده...فمن السماح للسيدات بقيادة السيارات بدءًا من يونيه ٢٠١٨ وصولًا للسماح بدخول الاسر -بما فيها النساء طبعًا- ملاعب كرة القدم، وإقامة حفلات غنائية عامة حضرها لأول مرة ذكور وإناث، إلى التصريح ببناء دور السينما -أمس- والتي كرر مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ تحذيراته في يناير الماضى من كون دور السينما مصدرًا لـ"الفسق"، وهو ما وصل إلينا بصورة أو بأخرى مع نهاية التسعينيات عندما نحت جيل من الفنانين مصطلح "السينما النظيفة" في بلد كان ولايزال يعد هوليوود الشرق وأحد أهم مراكز صناعة السينما في المنطقة العربية !.

إن التغير في السعودية لهو مؤشر مهم يؤكد أن الرغبة في التطور والقفز على الأفكار الرجعية، ليس بالضرورة متوقفًا على رغبة الشعوب في التحرر والتقدم، ولكنها تحتاج في عالمنا العربي-تحديدًا- لقرارات فوقية حاسمة من صانع قرار غير مرتعش يضرب بيد من حديد على أيادى المتشددين ودعاة الظلام مهما كانت الظروف والأجواء ملبدة بالتخلف.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز