عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
متى تخرج سيناء من عُزلتها الإعلامية؟

متى تخرج سيناء من عُزلتها الإعلامية؟

بقلم : د. شريف درويش اللبان

عاشت شبه جزيرة سيناء وحتى عهد قريب في عُزلة تكاد تكون كاملة عن مصر، وعاش أهل سيناء وكأنهم ليسوا مصريين بالرغم من كل حقائق التاريخ والجغرافيا. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام لها أهميتها الكبرى في تعميق الولاء والانتماء وتقدم المجتمعات، فقد كانت عُزلة سيناء إعلاميًا سببًا رئيسًا في التأخر وعدم التكامل، إذ ظلت سيناء كتابًا مغلقًا على المواطن المصري. ولما كان الإعلام هو عملية نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة التي ترتكز على الصدق والصراحة ومخاطبة عقول الجماهير، كانت أهمية تزويد الناس بالمعلومة الدقيقة والأخبار الصحيحة والحقائق الثابتة التي تساعدهم في تكوين الرأي الصائب لكل ما يواجهونه في واقعهم ومشكلاتهم، ويُعد تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.



وكانت مؤشرات التعتيم والعُزلة الإعلامية التي تعاني منها سيناء واضحةً جلية تتمثل في غيابها عن الاهتمامات الإعلامية فلا يعرف أبناء الوادي عن سيناء شيئًا سوى أنها منطقة الحروب ومنطقة التهريب والمخدرات، وغياب العقل الإعلامي في مصر عن مشاكل سيناء وأهميتها، واعتبار المنطقة منطقة عسكرية. وإذا كان الاهتمام الإعلامي بسيناء قد انحسر في أُطرٍ محددة ومناسبات قومية سنوية، إلا أن سيناء المستهدفة إعلاميًا اليوم أصبحت بحق غير سيناء الأمس التي كانت نسيًا منسيًا سواء من الإعلام أو الدولة.

وفي الحرب الضروس التي تخوضها الدولة المصرية حاليًا ضد الإرهاب في سيناء نجد تربةً خصبة لنمو الشائعات والأكاذيب، نظرًا للتعتيم والتجاهل الإعلامي بل والتضليل في بعض الأحيان، ونشر المعلومات الخاطئة وغير المتحقق من مدى صحتها ودقتها، خاصة في ظل ظروف قاسية كانقطاع شبكات الاتصالات المختلفة الأرضية والمحمولة وشبكة الإنترنت، ما يعيد الاتصال إلى صورته البدائية كاتصالٍ شخصي، يعتمد على ما يُقال وما يتردد من الأفواه ويصل إلى الأسماع والآذان.

ونجد أن وسائل الإعلام التقليدية سواء كانت صحفًا أو محطاتٍ تليفزيونية وإذاعية إما تتجاهل الأنباء العاجلة والمهمة بهذه المنطقة الملتهبة، أو تنشر معلوماتٍ مضللة ليس لها أساسٌ على أرض الواقع، وصلت إلى حد اتهام أهالي سيناء بالخيانة والعمالة والتآمر على الأمن القومي لوطننا، ناسين أو متناسين أنه وطنهم أيضا، وأن سيناء أرضهم ومأواهم، بل وتعالت الأصوات المطالبة بتهجير أهالي سيناء من منازلهم لإحكام القبضة على الإرهابيين غافلين حقيقة أن أهالي سيناء تحملوا ومازالوا يتحملون الكثير والكثير من التضييقات الأمنية وحظر تجوال وفرض حالة الطوارئ، وانقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت بشكلٍ شبه يومي، علاوة على إغلاق بعض الشوارع وتعدد نقاط التفتيش، وتراكم الخسائر المادية لبيوتهم ومصادر رزقهم بفعل التفجيرات، بل ومئات الشهداء من المدنيين. وقد تحمل أهالي سيناء كل هذا وأكثر دون شكوى أو تأفف لأنهم يراعون مصلحة الوطن قبل مصالحهم الشخصية.

ويعانى أهالي سيناء من هذه الصورة الذهنية الخاطئة لدى الإعلاميين الذين يبدون– دون وعي- كمساعدين للإرهابيين الذين دمروا بلادهم وحطموا بيوتهم وأضاعوا مصادر رزقهم وروعوا أبناءهم، وقاموا بسلسلة لا متناهية من أعمال الإرهاب والتخويف بتوزيع منشورات مليئة بالتهديد والوعيد في حالة مساعدة قوات الأمن، والتبشير بنشوء ولاية إسلامية في سيناء تستقل عن مصر وتطبق شريعة الله- كما يرونها وليست كما هي حقًا- وتكون عاصمة لدولة الخلافة، ويدعون للانضمام لدولة إسلامية وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام. لذا فإننا نستشعر من أهالي سيناء نفورًا من وسائل الإعلام التقليدية التي لا تهتم بأمرهم إلا في حالة حدوث حادث إرهابي كبير راح ضحيته العشرات، ودون اهتمام بذكر الضحايا المدنيين المسالمين من أهل سيناء. وفي مقابل التجاهل والتعنت الإعلامي الشديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى سواء القومية أو الخاصة، ازدهرت الصفحات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي كصوتٍ معبر عن أهالي سيناء وأخبارهم ومعاناتهم في ظل الحرب الضروس على الإرهاب.

اهتموا إعلاميًا بكل أخبار سيناء، ولا تحصروا هذه الأخبار في الأحداث الإرهابية، ففي سيناء أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وتنموية وتعليمية وثقافية. الإعلام المصري الوطني مسؤول عن إخراج سيناء من عُزلتها الإعلامية، ولا تتركوا أهالينا في سيناء نهبًا للشائعات ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز