عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
.. ولماذا ننتظر ؟
بقلم
محمد نجم

.. ولماذا ننتظر ؟

بقلم : محمد نجم

لست أفهم لماذا تموت الرحمة في قلوب البعض، خاصة الذين منحهم الله بعضًا من السلطة وكثيرًا من المال؟



والمشكلة أن تلك الرحمة الغائبة غالبًا ما تسبب الضرر الشديد للذين في أشد الحاجة إليها بسبب المرض.. طارئًا.. كان أو مزمنًا.

ولقد نكأت واقعة القبض على ما سمى بـ «محتكر» البنسلين كثيرًا من الجروح والوقائع المهملة في هذا المجال، لقد تدرج الرجل في مناصبه حتى وصل إلى رئيس شركة حكومية متخصصة في استيراد الأدوية من الخارج وعلى رأسها «البنسلين» الذي يعتبر المسكن والدواء الأساسى.. والشافى - بأمر الله - من أعراض وتداعيات مرض الحُمى الروماتيزمية والتهابات اللوز المزمنة.. والمنتشر بين قطاع عريض من المواطنين.. ومن كل الأعمار.

ولم يكتف الرجل بما وصل إليه من سلطة درت عليه دخلاً معقولاً، وهو موظف عام يحصل على راتبه الضخم من حصيلة ما يدفعه المواطنون من ضرائب.

لم يكتف بذلك.. وأطاع نفسه الأمّارة بالسوء وأسس شركة خاصة منحها وحدها حق استيراد هذا الدواء الأساسى.

وعندما انتهت خدمته وبدأ في إدارته شركته زاد طمعه.. وكأنه يريد أن ينتقم من المرضى، فعمل على «تعطيش» السوق.. سواء بالتخزين أو بالتلكؤ في عمليات الاستيراد.. وأعتقد أنه كان يرغب في زيادة أسعاره أو بيعه في السوق السوداء.

وهو الآن محبوس على ذمة التحقيقات.. ومصيره في يد القضاء المصري العادل.

ولكن ما حدث يثير الكثير من التساؤلات؟

أولها عن كيفية اختيار القيادات في المناصب العليا؟ وهل يخضع هؤلاء لما يسمى «بالفحص النافى للجهالة» وكما يحدث في العقارات والمنقولات؟ أم أن الأمر يتم حسب الأقدمية أو «بصلة ما» لشخص أو مؤسسة؟

نعم.. كلنا بشر.. والبشر خطاؤون إلا من رحم ربه، ومن الوارد جدًا.. أن يظل الشخص مستقيمًا إلى حين!، أي عندما تأتى الظروف المناسبة لانحرافه!

ومالنا ننتظر حتى يحدث ذلك؟ أليست الوقاية خير من العلاج؟ فلماذا لا يكون «الاختيار» للمناصب العليا في الجهاز الإداري والشركات والمؤسسات من «لجان» من أصحاب الخبرة المشهود لهم بالنزاهة وليس لهم مصلحة في اختيار زيد أو عبيد، وأن يتم ذلك من خلال «مسابقة» يعلن عنها ويتقدم الراغب في الحصول على الوظيفة المتاحة بنبذة عن حياته الوظيفية ومؤهلاته وخبراته وأفكاره أو خططه، وأن يقوم أعضاء اللجنة بمناقشته لبيان مدى صحة ما يدعيه من عدمه.. للوقوف على مدى صلاحيته لتولى الوظيفة محل الإعلان.

لقد كتبنا كثيرًا - أنا وغيرى - أن حُسن الاختيار هو الأساس.. فالنجاح أو الفشل.. يصنعه أو يتسبب فيه الأفراد من أصحاب القرار.. أي الذين يتولون المناصب القيادية.

وقلنا أيضا.. إن كثيرًا مــا تكــون هناك شركة أو مؤسسة خاسرة.. ويتولاها مسؤول جديد فيوقف خسائرها.. ويصعد بها.

وأحيانًا ما يحدث العكس.. عندما لا نحسن الاختيار!، ويذكرنى ذلك بواقعة لم أستوعبها حتى الآن على الرغم من مرور السنوات الطوال على حدوثها..، حيث حضرت لقاء مع مسؤول كبير وقتها في إحدى الجامعات المصرية.. وفوجئنا بالرجل يقول إنه لابد من محاسبة أي مسؤول لم يتعامل مع الكيان الصهيوني ويستفيد من تقدمه في مجال الزراعة، ودلل على صحة كلامه، بأن ثمار هذا التعاون جعل الفراولة المصرية موجودة على مدار العام، وأن التفاح يباع الآن على قارعة الطريق، وهو الفاكهة التي كان يتمنى بعض المصريين أن يتذوقها قبل أن يتوفاه الله!

لقد ألجم حديث المسؤول - وكان ذا سطوة - ألسنتنا وحاولنا التعقيب، ولكن رئيس الجامعة الذي كان يدير اللقاء استشف ما يمكن أن يحدث.. وسارع باختتام اللقاء!

لم أرغب في ذكر الأسماء ولا المكان،لأن ما يعنينى هو كيفية تصرفات بعض المسؤولين الذين يغلقون أعينهم وآذانهم عما يحدث ويدور حولهم.

وأعتقد أنه كان يعلم أن الكيان الصهيوني تسبب من خلال بعض المبيدات في إصابة النخيل المصري بمرض لم يشف منه حتى الآن.

وأعتقد أيضا أنه كان يعلم ويلاحظ أن بعضًا من الأمراض الخطيرة بدأت في الانتشار بين المواطنين مثل الفشل الكلوى والتليف الكبدى وغيرهما بسبب المبيدات المسرطنة التي يتم استيرادها من الكيان الصهيوني!

والطريف في الموضوع والمحزن في ذات الوقت أنه لم تمض عدة شهور على هذا اللقاء، إلا وفوجئنا جميعا بالقبض على أقرب مساعديه وبعض معاونيه بتهمة استيراد مبيدات مسرطنة من الخارج تسببت في أضرار شديدة للمواطنين وللمحاصيل المصرية!

ومرة أخرى.. نقول ونؤكد إن الوقاية خير من العلاج، والبشر هم صانعو المستقبل.. ولكنهم يحتاجون إلى غذاء صحى خالٍ من التلوث وتعليم جيد يفتح آفاقهم وينمى عقولهم ويؤهلهم للحياة العملية.

فلماذا لا نحسن اختيار من «يتحكمون» في كل ذلك.. في الصحة والتعليم والإدارة؟

ومن ثم.. لابد من الإشادة بما يقوم به رجال الرقابة الإدارية في مكافحة الفساد والقبض على الفاسدين.. لتطهير الجهاز الإدارة العتيق مما أصابه على مدى السنوات الطوال الماضية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز