عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كامل الشناوى لجمال عبدالناصر: «الواد» صلاح حافظ فى السجن يا ريس!!

كامل الشناوى لجمال عبدالناصر: «الواد» صلاح حافظ فى السجن يا ريس!!

بقلم : رشاد كامل

لا يمكن الكتابة عن مايسترو الصحافة الأستاذ «صلاح حافظ» بغير الكتابة عن الشاعر والصحفى الأسطورة الأستاذ «كامل الشناوى» والذى وصفه «صلاح حافظ» بهذه الكلمات بالغة الدلالة: «لا أكاد أعرف أديبًا أو فنانًا من جيلنا الحاضر غير مدين لكامل الشناوى، لا أقصد بهذا الدين الثقافى وحده!!
وإنما أقصد الدين بمعناه المادى أيضا، فقد كان «كامل الشناوى» حين يرعى موهبة جديدة يتحمل عنها جميع همومها، يشترى الكتب للأديب الناشئ، يصحب الفنان إلى الترزى يفصل له ثيابًا أفضل، يخصص حجرة فى بيته لإقامة الشاعر الذى ليس له بيت، ينشر للكاتب الجديد فى الصحيفة التى يعمل بها ويدفع له من جيبه دون أن يخبره بذلك!!
ولم يكن كامل الشناوى يكتفى بهذا، وإنما كان يعتبر رسالة حياته إرغام الدنيا كلها على الالتفات للموهبة التى تحمس لها، فلا يترك سهرة أو حديثًا أو اجتماعًا إلا ويحوله إلى فرصة دعائية لصاحب الموهبة، ويكاد يقنع الجميع بأن الله لم يخلق مثله فإذا ما لمع هذا الاسم وبدأ صاحبه يشق الطريق مستقلاً تحول عنه وتفرغ لموهبة جديدة!»
هكذا كتب الأستاذ «صلاح حافظ» عن الأستاذ «كامل الشناوى»، وفى حوارى الطويل معه والذى نشرته كاملاً فى كتابى «ذكريات صلاح حافظ» - الصحافة، السلطان، الغضب - قال لى إنه بعد فوزه فى مسابقة القصة التى أقامتها وزارة المعارف، قام الأستاذ «حلمى مراد» رئيس تحرير جريدة الكتلة التى أصدرها الزعيم مكرم عبيد بعد انشقاقه عن حزب الوفد.. وبعدها تصدر الجريدة المسائية التى رأس تحريرها كامل الشناوى.
ويقول «صلاح حافظ» لى: الجريدة المسائية كانت لامعة جدًا، وعلى رأسها كامل الشناوى وهو شاعر مرهف الحس ومتذوق وذواقة للصحافة ويفهمها فهمًا جيدًا جدًا، وذهبت إلى الجريدة ومعى عدد من القصص وطلبت مقابلة الأستاذ «كامل الشناوى» رئيس التحرير أدخلونى إلى مكتبه، حيث كان يحلق ذقنه يومها!! أخذ منى القصص وطلب أن يرانى بعد أسبوع!!
وسافرت البلد - الفيوم - وعدت بعد سبعة أيام، ودهشت عندما أخبرنى كل من قابلته أن الأستاذ «كامل الشناوى» يبحث عنى فى كل مكان!! وعلمت فيما بعد أن كامل الشناوى قام بعمل دعاية عظيمة لى عند كل زواره من الوزراء والباشوات والصحفيين، وكلما زاره أحدهم أخرج له إحدى قصصى ليقرأها ثم يقول:
فيه حد يقدر يكتب كده دلوقتي؟!
كان «كامل الشناوى» أحسن داعية رأيته لأية موهبة جديدة المهم أنه قال لى: سوف ننشر لك قصة فى العدد القادم!!
وطلب منى أن أذهب إلى الفنان «عبدالسلام الشريف» - الذى أدخل فن الإخراج الصحفى فى مصر - وتلميذه «حسن فؤاد» الذى أصبح واحدًا مع ألمع أساتذة هذا الفن - وذهبت إليهما لأرى توضيب وإخراج الصفحة التى ستنشر فيها قصتى!! وأيضا أعطى «كامل الشناوى» أمرًا لصراف الخزينة أن يصرف لى عشرة جنيهات عن القصة، وبالطبع انبسطت جدا!
ولعل المرة الوحيدة التى غضب فيها «صلاح حافظ» من أستاذه «كامل الشناوى» عندما حكمت المحكمة بتغريم «صلاح حافظ» مائتى جنيه فى قضية مجلة «الستار» التى عمل بها لفترة، وقام «كامل الشناوى» بكتابة مقال يدعو فيه القراء إلى التبرع لدفع هذه الغرامة ويقول:
غضبت جدًا وثرت على مقالته وكتبت أرد عليه: أنا صحيح لا أملك هذا المبلغ.. ولكننى سأذهب إلى قسم البوليس وأعمل فيه مقابل تسديد هذا المبلغ!!
ولن تكتمل قصة «صلاح حافظ» و«كامل الشناوى» وكليهما على طرف نقيض فكريًا وسياسيًا إلا بقراءة هذه الواقعة التى رواها الدكتور «رفعت السعيد» فى مقاله «كامل الشناوى» و«عبدالناصر» و«اليسار» ويحكى عن أول لقاء معه وكان بصحبة الأستاذ «سامى جوهر» حيث يقول رفعت السعيد:
فى أول لقاء تجهم ومال على أذن «سامى جوهر» واستمع إلى همسته وابتسم وقال: طبعا تعرف الواد «صلاح حافظ» وقلت إنى كنت معه فى سجن جناح حيث جاءت رسالتك!! وارتفع إصبعه إلى فمه محذرًا إياى وتعلمت الصمت!!
وعن قصة الرسالة يقول د. رفعت السعيد وكما سمعها من «كامل الشناوى» نفسه وكانت كالتالى: «استدعى «عبدالناصر» ذات يوم رؤساء تحرير الصحف وكانت جميعها حكومية.. وكامل بك رئيسا لتحرير الجمهورية وبعد عدد من التوجيهات سأل كامل بك وباحترام: إيه آخر نكتة يا كامل بك؟! - وكان كامل الشناوى مصنع نكت تتدفق باستمرار فرد كامل: معرفش يا سيادة الرئيس أنا مليش دعوة بالنكت!! فأصر عبدالناصر! فقال «كامل»: إدينى يا ريس منديل الأمان!! «وهو تقليد قديم» فأخرج الرئيس منديلاً من جيبه وأعطاه له، فقال «كامل» آخر نكتة هى أن الرئيس منع مساحات السيارات لأنها مع حركتها تشير إلى حركة الأصابع بـ«لا»!! ابتسم عبدالناصر بقرف وقال بحسم: خلاص تبقى دى آخر نكتة!!
وفهم كامل وقال حاضر! لكنه قال للرئيس: الواد صلاح حافظ فى السجن وواخد 8 سنين وده ولد زى الفل أرجوك يا ريس يخرج وأنا أضمنه!! وسأل الرئيس: «تضمنه؟! فقال: برقبتى!! وقال الرئيس خلاص سيخرج!!»
وتسلم «صلاح حافظ» رسالة بالبريد من كامل بك تقول إنه سيخرج سريعًا وأن الرئيس وعد! وظللنا ننتظر،  أما «صلاح» فكان منهمكًا فى كتابة رواية جميلة عنوانها «الرحلة» ومضت أشهر ولم يخرج صلاح!!
وبعدها استدعى الرئيس رؤساء التحرير وفى الاجتماع قال «كامل» بك بتردد: ياريس الواد صلاح مخرجش!؟ فرد «عبدالناصر»: خرج!! وتشجع كامل وقال: يا فندم مخرجش!! فشخط «عبدالناصر»: قلت خرج يعنى خرج!!
وصمت كامل بك لكنه أرسل لـ«صلاح» خطابًا وعلى المظروف «المسجون النزيل صلاح حافظ» وبالداخل: يا ولد يا حمار «مش لما تخرج من السجن تقولى».
وبقى صلاح معنا حتى آخر أيام السجن!!•
وللحكاية بقية!



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز