عاجل
الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل تعرف الحكاية؟! (٣).. جني الحنضل المر

هل تعرف الحكاية؟! (٣).. جني الحنضل المر

بقلم : أيمن عبد المجيد

خلصت استراتيجية (تحطيم أعمدة القوة العربية) إلى صياغة هدف رئيسي:



تحطيم أعمدة قوة مصر والعرب المتسببة في انتصار أكتوبر ١٩٧٣، للوصول بتلك الدول إلى مرحلة الدول الفاشلة، العاجزة عن بسط نفوذها على كامل أراضيها، لاستبدال نفوذ ميليشيات متناحرة على أسس عرقية ومذهبية وقبلية وطائفية بسلطة الدولة على الأرض، ومن ثم يستحيل تكرار هذا الانتصار في أي مواجهة قادمة مع الحلف (الصهيو ــ أمريكي).

 وكما للاستراتيجية هدفها العام، فإن لها أهدافا فرعية مرحلية:

تصب جميعها في اتجاه تحقيق الهدف العام بعيد المدى، يتم تنفيذها وفق آليات مدروسة بعناية، من حيث التوقيت، وملاءمة الخطة لطبيعة كل محيط جغرافي، وسيكولوجيا ومكونات الشعب المستهدف، وسيكولوجيا الحاكم ونظامه، للاستفادة من تلك السمات الخاصة في صناعة المؤثرات، لدفعه لرد فعل متوقع، يمثل رد الفعل هذا ذريعة لمواصلة خطة الاستنزاف أو الهدم.

مثال:

دراسة سيكولوجية رئيس العراق الأسبق، الشهيد صدام حسين، وردود فعله المتوقعة على (المثير) المصنع غالبا، استنتج منه أنه سيتخذ قرارًا متهورًا بغزو الكويت، وقد يكون المثير مجرد إيهامه بضوء أخضر ومباركة أمريكية، ليستيقظ العرب فجر ٢ أغسطس ١٩٩٠ على خبر احتلال صدام للكويت، فحقق بذلك الفعل المتهور هدفين كبيرين للحلف (الصهيو ــ أمريكي) وهما:

 أ- شق الصف العربي، وبذلك تم هدم عمود رئيسي للقوة العربية في انتصار ١٩٧٣، حيث باتت غالبية العرب في جبهة مناهضة التهور (الصدامي)، وداعمة لتحرير الكويت.

ب- الهدف الثاني الكبير هو خلق ثغرة تمثل ذريعة للحلف (الصهيو ــ أمريكي)، لضرب العراق، كتجربة أولى تنفذ على الأرض لاستراتيجية (كسر العمود الفقري للدولة).

وفي تلك الحالة تحديدا، تحقق مكسب إضافي، وهو: نقل دول عربية مجبرة بوازع من ضميرها ومسؤوليتها العربية تجاه الكويت، إلى المربع الذي يقف فيه الأمريكان، فمصر والسعودية وكل دول الخليج دعموا تحرير الكويت، والأمريكان قفزوا لهذا المربع.

 وبسبب التهور الصدَّامي الذي دفع حياته واستقرار العراق ثمنًا له فيما بعد، هُدم عماد الوحدة، بل وسُحبت من العرب ورقة الضغط البترولي الذي استخدم في معركة ١٩٧٣.

فكان الهدف الثالث للعدو:

بناء احتياطي استراتيجي (صهيو ــ أمريكي) من البترول، يؤمِّن احتياجاتهم لفترة زمنية لا تقل عن ٥٠ عامًا، بحيث يتلاشى وينعدم أي تأثير لورقة الضغط العربي البترولي في أي مواجهة قادمة.

وتحقق ذلك، فكان أن دُفع العراق لحرب الثماني سنوات مع النظام الفارسي (حليف الصهاينة سرًا)، ليدفع العراق بتروله في تلك السنوات مقابل السلاح الأمريكي، ثم مع احتلال الكويت، دفع في حصار دولي قدم إنتاجه البترولي مقابل الغذاء، ثم قدمت الكويت إنتاجها مقابل معارك التحرير، فتوافر للعدو مخزون احتياطي استراتيجي كبير، وبذلك تم هدم عمادين: الوحدة العربية، وورقة الضغط البترولي.

 بينما كان الهدف الرابع المرحلي:

 استنزاف القوة العربية اقتصاديا، بحيث تعجز عن تحقيق أي تنمية في قدرات البشر، أو الجيوش، أو جودة الحياة، أو المنظومات العلمية والبحثية، وذلك يحقق هدفًا أهم، وهو:

خلق حالة من اليأس لدى الشباب الطموح، الممتلك لقدرات، ومن ثم (خلق مثير) الرغبة في الهجرة لتحقيق الذات في أوروبا، ليضعف بذلك الانتماء، وتبدأ استراتيجية (الإسفنجة)، وملخصها أن تكون أمريكا وعدد محدود جاذبة وماصة لخيرة العقول العربية، الفارة من البيئات الطاردة للكفاءة لتستقبل هناك وتُحلب أفكارها، وتحرم بلدانها من خيرها.

 وقد تحقق ذلك: ففي التسعينيات وحتى بداية ٢٠١١، تعالت نسب المهاجرين، من العلماء، ثم انتقل الأمر إلى تنامي رغبة الشباب في الهجرة، حتى وصل الأمر إلى موجات هجرة غير شرعية، تلتهمها أمواج المحيطات.

 وكانت حكمة القيادة المصرية، والقيادة في المملكة العربية السعودية، والقيادة في دولة الإمارات العربية، عاملا مهما من عوامل نجاة تلك الدول من مخاطر وآثار استراتيجية تحطيم الأعمدة، فظلت مصر قوية فاعلة إقليميا ودوليا، رغم أزماتها الاقتصادية، فحافظت على قوة جيشها وبنية أجهزة الدولة، وظل التنسيق مع المملكة العربية السعودية والإمارات على أعلى مستوى في عهد الملك عبد الله، والشيخ زايد وأبنائه، بما قلص أثر مخططات الأعداء.

 حتى جاءت ساعة الصفر...

 وللحديث بقية إن شاء الله.

هل تعرف الحكاية؟! (١)...الصفعات واستراتيجية تحطيم الأعمدة

هل تعرف الحكاية؟! "2"...الاستنزاف لوقف النمو تمهيدًا لـ"الهدم"

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز