عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل تعرف الحكاية؟! (4).. مرحلة "السوفت باور" و"رؤوس الأفاعي"

هل تعرف الحكاية؟! (4).. مرحلة "السوفت باور" و"رؤوس الأفاعي"

بقلم : أيمن عبد المجيد

نفذ الحلف "الصهيو- أمريكي"، الجزء الأكبر من استراتيجية "تحطيم الأعمدة"، أضعف القلب العربي، بإرهاق مصر اقتصاديًا، وبدأ في بتر الأطراف بتدمير العراق، وحصار ليبيا، بذريعة سقوط الطائرة الأمريكية فوق قرية لوكيربي الأسكتلندية 1988.



لكن الأثمان التي دفعها المحتل الأمريكي للعراق كانت فادحة، والذرائع التي اختلقها باتت مفضوحة، فلا سلاح نوويًا وجد ببغداد، ولا ديمقراطية تحققت في بلاد الرافدين، والأهم: أن التهور الصدامي يستحيل وجوده في القيادة المصرية أو السعودية وغيرها من البلدان العربية القوية، بما يجعل السيناريو العراقي مستحيل التكرار بذات الآليات.

خلص التقييم المرحلي مع بداية 2004 إلى الآتي:

1 – هناك سمات عامة في البلدان العربية، أبرزها شيخوخة القيادات الحاكمة وعزمها البقاء في السلطة لحين نقلها لأبنائهم.

2 – ميل الحكام إلى الاستقرار وعدم المغامرة، وتسيير أمور الدولة بلا قفزات نوعية اقتصادية أو عسكرية.

3 – جمود الحياة، وتباطؤ معدلات التنمية، وانحصارها إن تحققت في صالح قطاع محدود من الشعب سيؤدي، تدريجيًا، إلى فجوة متزايدة بين سقف طموح الجماهير خاصة الأجيال الشابة وقدرات الدولة، ما يخلق معه رغبة في التغيير.

4- الرغبة في التغيير، المتولدة، يمكن إذكاؤها وإدارتها واستثمارها لتحويلها من إرادة تغيير إلى تخريب وتدمير.

5 – محاولات احتلال دول عربية بالقوة العسكرية الصلبة، أسوة بالعراق، سيكون أمرًا مستحيلًا وبالغ الكلفة وغير مضمون العواقب، ويتطلب استخدام جيل جديد من الحروب "السوفت باور" Soft power.

6 – التوسع في حرب "السوفت باور" – القوة الناعمة- مدروس منذ 1990، وأثبت جدواه وأسهم في تحقيق هدف احتلال العراق، والاعتماد عليه بمساحات أوسع ضرورة حتمية– الآن- لاستكمال استراتيجية تحطيم الأعمدة.

7- الأنظمة الملكية في بلدان الخليج أكثر استقرارًا، وتحتاج تخطيطًا نوعيًا لخلخلتها، والمستهدف بها الثروات وقطع إمدادها لدول الطوق المالكة للجيوش.

الخلاصة:

بدأ مخطط فرعي، يستهدف إعداد كوادر شبابية وسياسية، يتم الدفع بها في ساعة الصفر، "وهي الساعة التي تصطدم فيها ذروة الرغبة الشعبية في التغيير، بذروة عجز النظام عن تلبية الطموح الشعبي في الإصلاح"، فيتولد حينها احتكاك تبدأ معه تظاهرات مطلبية داعية للإصلاح، فيتم الدفع بالكوادر المدربة، وتسخين الأجواء بفعل "السوفت باور"، للوصول لدرجة حرارة التفاعل، للتحكم في النتائج، لتتحول من مجرد تظاهرات إلى ثورات.

وهنا يتحقق هدف أبعد:

1 – يتم التحكم في الحراك الشعبي، واستثماره وإدارته، للانحراف به من طريق الإصلاح والتغيير، إلى طريق التخريب والتدمير، فتتحقق استراتيجية "هدم الأعمدة" بدون أي كلفة عسكرية أو بشرية "صهيو- أمريكية".

2 – استثمار حالة الفوضى "الخلاقة"، كما أطلق عليها الأمريكان، وحالة الضبابية التي تغشي عيون الشعب، للانتقال من إسقاط الأنظمة إلى إسقاط الدولة بمؤسساتها الصلبة.

3 – إسقاط مؤسسات الدولة، يسقط نفوذها على أراضيها، فتتحول إلى دولة فاشلة، تستبدل السلطة فيها من المؤسسات، إلى سلطة الطوائف والقبائل والميليشيات العرقية والمذهبية.

4 – لكل طائفة ومذهب وميليشيا، زعيم مرتبط بأجهزة خارجية تديره وتحركه، وتعزف على أوتار رغبته وشهوته في الزعامة، فيدار الصراع وتتحول الدول لدويلات متصارعة ومتشاحنة، يدفع كل فصيل فيها المال والأنفس.

5 – توثيق الصلات والدعم لتيارات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها تنظيم الإخوان للدفع بها إلى سُدة الحكم في مصر وسوريا واليمن، في حال فراغ السلطة، ثم التحكم في البلدان عبر مكتب إرشادهم بالقاهرة.

وبدأت مرحلة "تهيئة الأرض"، لتنفيذ المخطط في مرحلته الجديدة، وكان لا بد لذلك من آليات فجاءت كالتالي:

1 – الانتقال لمرحلة استخدام البنية الأساسية الإعلامية والتكنولوجية المعدة لأغراض تهيئة الأرض لمرحلة الفوضى الخلاقة، وفي مقدمة ذلك:

أ – تفعيل دور قناة الجزيرة القطرية، وهي القناة التي صنعتها المخابرات "الصهيو- أمريكية" عام 1996 بأموال نظام الحمدين، بهدف إسقاط هيبة الحكام العرب، وخلق منبر للمعارضة المدعومة أمريكيًا لخلخلة الشارع، وتسخين درجة حرارة تفاعله وصولًا لساعة الصفر.

ب – تفعيل دور كتائب السوشيال ميديا تدريجيًا، التي بدأت بالمدونين ومرورًا بنشطاء "فيس بوك" و"تويتر"، مع التركيز في البدايات على نقد سلبيات فردية حقيقية، والانطلاق منها إلى اتهامات للأنظمة بارتكاب جرائم تعذيب ممنهج بحق ضد حقوق الإنسان- "عماد الكبير"، و"خالد سعيد" نموذجًا- والبناء عليها بدعم إعلامي من الإعلام الخاص، والمنظمات الدولية لبلوغ حالة الصدام.

2 – استقطاب دويلة– قطر- واستثمار شهوة قادتها للعب دور إقليمي يفوق إمكاناتها، لتحويلها لمخلب قط تحت الحماية الأمريكية – قاعدة العديد- لهدم الأنظمة العربية والخليجية.

3 – التطبيع الإعلامي التدريجي مع الكيان الصهيوني، وتحقق ذلك من خلال الجزيرة القطرية، التي استضافت بشكل دائم متحدثًا باسم الكيان الصهيوني، وهو ما يخدم تدريجيًا خطة كسر حاجز العداء الشعبي للصهاينة، والعقيدة التي تضع الكيان الصهيوني عدوًا رئيسيًا للعرب.

4 – صناعة "رؤوس الأفاعي"، قادة عملاء للتنظيمات الإرهابية، مخترقين ومخلقين في معامل المخابرات "الصهيو- أمريكية" يتم تحريكهم لتحقيق أهداف بالدول العربية، بينها الاستنزاف للقوى الأمنية، وضرب قطاعات السياحة.

5 – توفير حواضن إعلامية لرؤوس الأفاعي، بما يوفر منابر لنقل رسائلهم- الجزيرة الراعي الرسمي للقاعدة وما بعدها- وكذلك شرايين اتصال تكنولوجي آمن عبر السوشيال ميديا والأقمار الصناعية والمعلومات الاستخباراتية، لضمان تعاظم القدرة على استقطاب شباب مغيب، فضلًا عن الدعم بالمال والسلاح.

لكن السؤال المهم، ماذا تحقق فعليًا من تلك الاستراتيجية؟! وما مدى مسؤوليتنا عن نجاحها؟! وماذا ينبغي علينا فعله لمواجهتها؟!، فنحن ما زلنا أحياء فاعلين لا مفعول بنا!

وللحديث بقية إن شاء الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز