عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عندما نملأ القلوب بالرجاء.. نكون في الميلاد

عندما نملأ القلوب بالرجاء.. نكون في الميلاد

بقلم : د. أماني ألبرت

من عمق الظلام وقلب الحيرة والألم، أضاءت نجمة في السماء مبشرة مجوس المشرق بمولد السيد المسيح. ورغم طول الطريق وصعوبته ركبوا جمالهم وساروا بها وسط الصحاري غير عابئين بحرارة الشمس وبرودة الليل وتبعوا النجمة ببساطة ويقين، مُصرين أن يكملوا رحلتهم رغم صعوبتها إلى أن وصلوا للمذود. وهناك، رغم مكانتهم العظيمة سجدوا أمامه وقدموا هداياهم.



اعتدنا بمرور الوقت الاحتفال بميلاد السيد المسيح، فانصب اهتمامنا على تزيين شجرة الميلاد، وتحضير الهدايا المغلفة لنضعها بجانب الشجرة بأسماء الأحباب والمقربين. ووسط زحام الاحتفال أحيانًا ننسى صاحب الحفل، فنقدم هدايا للجميع دون أن نقدم له هدية كهؤلاء الحكماء الذين أتوا من بعيد ليقدموا هداياهم.

إن أفضل هدية نقدمها للسيد المسيح في ذكرى ميلاده هي أن نحيا ونطبق ما جاء لأجله. لقد جاء ليضمد جراح المنكسرين من ظروف الحياة، هؤلاء الذين فقدوا عزيز عليهم أو خسروا أموالهم أو بيوتهم أو أصاب أحد ذويهم مرض عضال وبدا لهم أنها النهاية وان الطريق مسدود ولا يمكن أن تنصلح الأحوال مرة أخرى.

لقد جاء ليحرر المأسورين من الهم أو الخوف أو الوحدة أو عبودية ثقل الآثام، ليخرجهم من تلك الدائرة الضيقة التي سجنت الظروف فيها نفوسهم. ووسط الحزن والبكاء والنوح جاء ليعطي جمالًا عوضا عن الرماد، ليلبس الحزانى رداء تسبيح وفرح عوضًا عن الروح اليائسة.

فهو "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (إنجيل متى الإصحاح 12: 20) كانت القصبة تستخدم كمزمار. والقصبة المرضوضة لم تعد بعد تصلح لإعطاء نغمة موسيقية. لقد ترضضت بسبب كلمات قاسية، ظروف مضادة، أحداث غير متوقعة، وأصبح من السهل كسرها إذ لم يعد لها فائدة أو علاج عند الناس. ولكنه لا يفقد الأمل حتى مما فقد الناس الأمل منه. إذ يجبر كسر القصبة لتعود وتصنع نغمة حلوة. والفتيلة الخامدة تكاد تنطفئ وبات نورها خافتًا فقد هبت عليها رياح باردة جافة، أوحشت نفسها وحاوطتها بالوحدة ورغم انقطاع الرجاء والأمل بأن تتوهج من جديد أحاط بها ليحافظ على أخر نور فيها حتى تشتعل مرة أخرى.

قد لا تتغير ظروف هؤلاء من الخارج ولكن بكل تأكيد حينما يتلامس مع أعماقهم ستتغير حياتهم، ستتغير نظرتهم للأمور وطريقة تفكيرهم. سيجدون بلا أدني شك ما يشكرون عليه بدلًا من التذمر والشكوى.

وكما أضاء النجم للمجوس عمق الظلمة، يشق ميلاده ظلمة الحزن والخوف والألم ليلمس النفوس المضطربة بأمان وهدوء ويجبر الخواطر ويضمد الجراح ويشرق بالأمل.

وإذ نساعد المتألمين فنحن هكذا نقدم له هدية، إذ نطمئن الذين أفزعهم الخوف فنحن هكذا نقدم له هدية، إذ نشجع صغار النفوس فنحن هكذا نقدم له هدية، إذ نعزي كل حزين فنحن هكذا نقدم له هدية.

لقد قال السيد المسيح "لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني، سجينا فأتيتم إلي!" فقالوا له "متى رأيناك جائعًا فأطعمناك، أو عطشانا فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريبا فآويناك، أو عريانا فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضًا أو سجينًا فزرناك؟ فأجابهم: بما أنكم فعلتم ذلك بأحد هؤلاء الصغار، فبي فعلتم!" (إنجيل متى الإصحاح 25)

نعم، عندما نكسي عُريانَ ثوبَ حُب نكونُ في الميلاد، عندما نُكفكف الدموعَ في العيون نكونُ في الميلاد، عندما نملأ القلوبَ بالرجاء نكونُ في الميلاد.

ميلاد مجيد

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز