عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا فشل عبدالناصر فى إنشاء تنظيم شعبى؟

لماذا فشل عبدالناصر فى إنشاء تنظيم شعبى؟

بقلم : أسامة سلامة

بعد وفاة عبدالناصر انتشرت مجموعة من النكات حول استمرار خلفه الرئيس السادات فى نفس سياسته ومنهجه وطريقه، وكانت إحداها تقول أن السادات يسير على خط عبدالناصر بأستيكة، أى أنه يمحو ويمسح كل خطط سلفه، وأخرى تقول أن السادات كان يقول لسائق سيارته اعطى إشارة شمال ثم ادخل يمين، فى إشارة إلى أنه يغير الطريق الذى حدده ناصر من اليسار والاشتراكية إلى اليمين والرأسمالية.



لعل ما فعله السادات فى تغيير معظم ما كانت عليه مصر أيام «ناصر» بكل سهولة ودون معارضة كبيرة سوى من قوى اليسار تثير التساؤل حول التنظيم السياسى والشعبى الذى كان يؤمن بمبادئ عبدالناصر ومنهجه ويؤيدها لماذا لم يدافع عنها؟ وأين ذهبت وقتها؟ الواقع والتاريخ يقولان  أن معظم أعضاء الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى واللجنة التنفيذية العليا أيدوا السادات واتجاهاته  بنفس قوة تأييدهم لعبدالناصر وتوجهاته، والصورة اللافتة للنظر والتى لاتزال عالقة بأذهان من عاشوا تلك الفترة عندما جرت أحداث 15 مايو 1971م والتى سماها السادات «ثورة التصحيح» أن الجماهير خرجت تؤيد السادات وتهتف «افرم افرم يا سادات»، وذلك بعد أن تم القبض على معظم قيادات الدولة الرافضين للسادات، وكانت كل مفاصل الدولة فى أيديهم قبل أن يقدموا استقالاتهم  متخيلين أن الجماهير وأعضاء التنظيم والاتحاد الاشتراكى سيخرجون فى مظاهرات دعما لهم مما يعجل بسقوط السادات ورحيله، ولكن المواطنين  خرجوا لتأييد السادات سواء كان بتدبير منه وأجهزته أو بعفوية، وبذلك منحوا الفرصة للسادات للإطاحة بهم والسخرية منهم ووصفهم بأنهم يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسى، ومن الواضح من هذه الواقعة أنه لم يكن هناك تنظيم شعبى حقيقى ينتمى لعبدالناصر يؤمن بأفكاره واتجاهاته، قد يكون الاتحاد الاشتراكى نجح فى إعداد كوادر سياسية بعضها لايزال موجودا فى الشارع السياسى حتى الآن، ولكنه لم يستطع عمل ظهير شعبى  يدافع عن أفكار ناصر وأسلوب حكمه، وذلك رغم جماهيرية الزعيم الكبيرة وشعبيته الجارفة، وهو ما يكشف أن الولاء والمحبة كانت له شخصيا وهو الأمر الذى لايزال موجودا حتى الآن رغم رحيله منذ ما يقرب من 48 عامًا، ولعل هذا الأمر يثير تساؤلا لو كان عبدالناصر قد سمح بوجود أحزاب وأقام حياة  ديمقراطية سليمة مثلما جاء فى مبادئ ثورة يوليو الستة، هل كان سيتم الانقلاب على توجهاته بهذه السرعة؟ أعتقد أن الديمقراطية الحقيقية هى التى كانت ستحمى المكاسب الشعبية التى أعطاها عبدالناصر للشعب، لأن التنظيم الواحد والإعلام الموجه يؤدى الى إخفاء الحقائق وبالتالى ابتعاد الجماهير عن العمل السياسى وعدم الاهتمام وترك الساحة للمحترفين الذين يديرون وجوههم نحو السلطة مثل عباد الشمس، لقد اكتشف عبدالناصر أهمية الديمقراطية وضرورة وجود أصوات مختلفة عقب نكسة يونيو، واعتبر أن جمهورية الخوف ودولة المخابرات ــ حسب تعبيره ــ أحد أسباب الهزيمة، واقترح خلال جلسات اللجنة التنفيذية العليا بالاتحاد الاشتراكى إنشاء حزب معارض داخل الاتحاد الاشتراكي، وهو ما اعترض عليه كل أعضاء اللجنة وذلك حسب ما جاء فى المحاضر السرية لهذه الاجتماعات، واللافت أن الفكرة نفسها طبقها السادات بعد حرب أكتوبر، حيث أنشأ داخل الاتحاد الاشتراكى ثلاثة منابر: واحد يمثل اليسار بقيادة خالد محى الدين، والآخر يمثل اليمين بقيادة مصطفى كامل مراد والثالث منبر الوسط بقيادته، ثم تحولت هذه المنابر بعد ذلك الى أحزاب هى التجمع والأحرار ومصر الذى تحول بعد ذلك إلى الحزب الوطنى الديمقراطي، ودون الدخول فى تفاصيل أسباب فشل الحياة الحزبية فى مصر منذ عصر السادات حتى الآن، فقد انتهت جميعا وأصبحت لا وجود حقيقيا لها وليس لها أى تأثير فى الشارع، ولعلنا فى مئوية ميلاد عبدالناصر ــ التى ستهل فى 15 يناير الجارى ــ ندرس فكرة التنظيم الواحد وهل أفادت «ناصر» ومصر أم أضرتهما؟>

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز