عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ربيع مصر وخريف إيران

ربيع مصر وخريف إيران

بقلم : محمود حبسة

ضرب "الربيع الفارسي" إيران كما ضرب الربيع العربي عدة دول عربية منذ عدة سنوات، إيران التي سارعت وأعلنت دعمها ومساندتها للحركات الاحتجاجية التي شملت عدة دول عربية وفي مقدمتها مصر تلقى اليوم نفس المصير، كانت كلمة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي التي بثتها قناة الجزيرة القطرية وقناة حزب الله "المنار" بعد أيام قليلة من ثورة 25 يناير مؤيدا فيها مطالب الثوار ومطالبا بإسقاط النظام تمثل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي لمصر، اليوم تخطت مصر مرحلة الفوضى والارتباك الأمني والتخبط السياسي وعدم الاستقرار والتي خلفتها ثورة يناير فيما أسماه البعض بالربيع العربي وهو بكل تأكيد لم يكن ربيعا بل كان خريفا قضى على الاستقرار في عدد من دول المنطقة وهدم بعضها رأسا على عقب بدليل ما يحدث الآن في عدد من دول المنطقة فهل ما يحدث في سوريا الآن ربيعا؟ وهل ما يحدث في ليبيا الآن ربيع؟ وهل ما يحدث في اليمن الآن ربيع؟ بل ماذا جنت تونس من ربيعها؟



ما بين 25 يناير 2011 حيث اندلعت الثورة في مصر و28 ديسمبر 2017 حيث اندلعت أعنف احتجاجات في تاريخ إيران، تاريخ طويل ليس في عدد سنواته بل في حجم العمل الذي تم وحجم الإنجازات التي تحققت في مصر، سنوات عجاف بين دولة لا تمتلك الكثير من الإمكانيات واستطاعت أن تتخطى كل الصعاب والمعوقات والحواجز السياسية والاقتصادية والأمنية لتؤكد أنها تستحق مكانة متقدمة بين الأمم، ودولة هي الثانية في العالم في إنتاج الغاز والرابعة في إنتاج النفط حيث تنتج يوميا ما بين 4 و6 ملايين برميل بما يفوق المائة مليار دولار سنويا ويتجاوز حجم إنتاجها المحلي الإجمالي 827 مليار دولار ورغم ذلك لم تراوح مكانها، اختارت الأولى وهي مصر طريق البناء والتنمية لتحقيق مطالب شعبها في الرخاء والتقدم في حين اختارت الثانية وهي إيران طريق المناورات السياسية واستخدام قدراتها المالية والاقتصادية في الإنفاق على مغامرات سياسية فاشلة ودعم عدد من الأحزاب والميليشيات في عدد من دول المنطقة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن ونظام بشار في سوريا، بهدف بسط النفوذ وتصدير الثورة وتوسيع المد اليشيعي، رغم الفوارق المالية والاقتصادية استطاعت مصر التي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة أن تبني وتزرع وتعمر صحراءها وتحدث قواتها لتصبح الأقوى في المنطقة بما في ذلك الجيش الإيراني، في حين ثار المواطنون في إيران التي لا يتجاوز عدد سكانها 80 مليون نسمة بسبب الفقر والجوع والحرمان رغم كل إمكانياتها الاقتصادية، خرجت مصر من عصر الفوضى وعدم الاستقرار والانفلات الأمني والتخبط السياسي ودخلته إيران، اختارت مصر أن تعمل لتحقق طموحات شعبها، لم تتدخل في شؤون الآخرين واختارت إيران أن تناور وتتدخل في شؤون الآخرين وتدعم الجماعات المناوئة في عدد من دول الجوار بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، فكان أن دفعت الثمن باحتجاجات وفوضى لم يشهدها تاريخها، عندما اندلعت الاحتجاجات الأخيرة في إيران، التي دخلت أسبوعها الثاني لم تفعل القاهرة ما فعلته طهران لم يسارع الرئيس السيسي بتأييد الثورة أو الاحتجاجات والتي شملت أكثر من 70 مدينة إيرانية من مشهد إلى طهران بل لم تهتم بدوافع الثوار وهل هي لأسباب سياسية أم اقتصادية وهل هي ثورة على الرئيس حسن روحاني أم هي انقلاب على المرشد الأعلى علي خامنئي ونظام الملالي رغم أنها كل ذلك في وقت واحد، التزمت مصر الصمت وكأن الأمر لا يعنيها وهو فعلا لا يعنيها فمصر لا تهتم كثيرا بمن يأتي ومن يذهب، من يحكم ومن يغادر، الأمر متروك للشعوب هي التي تختار وتقرر.

مصر تدخل فصل الربيع بكل ألوانه وأباهيجه في حين تدخل إيران الخريف الذي سيضرب استقرارها وأمنها ويشعل نار الفتنة بين مكونات شعبها فرس وعرب وتركمان وأكراد ويوسع الفجوة بين الشعب والحكومة ويسحب البساط من تحت أقدام الملالي وينزع عنهم المصداقية وغطاء الهيبة والقداسة حتى لو تمكنت الأجهزة الأمنية من قمع الانتفاضة فستبقى نارها كامنة في النفوس قابلة للاشتعال في أي وقت، مصر تدخل العام الجديد برؤية واضحة ونظرة ثاقبة إلى المستقبل وبانفتاح على جميع دول العالم تعلم ماذا تريد وما أحلامنا وما قدراتنا في حين تدخله إيران وهي في حالة عداء مع معظم دول العالم من أمريكا إلى المملكة السعودية ومن مصر إلى دولة الإمارات وحصار لها داخل مجلس الأمن بهدف فرض عقوبات دولية عليها بسبب قمع المتظاهرين وتقييد الحريات.

ندخل 2018 ونحن أكثر قدرة على تحقيق أحلامنا وليس أدل على ذلك من الشوط الكبير الذي قطعناه وهذه الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع في مختلف المجالات وأصبحت حقيقة يشهد بها القاصي والداني، ندخله ومنابع الخير تتفتح في كل ربوع مصر، فها هي مزارع الاستزراع السمكي وحقول الغاز الجديدة في البحر المتوسط، إضافة إلى الإعلان عن أول مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز في البحر الأحمر وكذلك استكمال العمل في مشروع محور قناة السويس والعاصمة الإدارية وعشرات المشروعات التنموية الأخرى في جميع القطاعات في عملية تستهدف إعادة بناء وتحديث مصر، ندخله باحتياطي نقدي يتجاوز 37 مليار دولار رغم ما تم تسديده من مديونيات وهو ما يؤكد تعافي الاقتصاد المصري.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز