عاجل
الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
درس فاطمة اليوسف: الصحافة تحتاج من يحبها ويحترمها!!

درس فاطمة اليوسف: الصحافة تحتاج من يحبها ويحترمها!!

بقلم : رشاد كامل

كان درس السيدة «روزاليوسف» التى لم تكن صحفية لكنها أسست مدرسة للصحافة المصرية انتمى إليها معظم نجوم الصحافة المصرية هو ما استند إليه «الأستاذ» صلاح حافظ «فى مناقشة الاعتراض على وجود أشخاص لا يعملون بالصحافة داخل المجلس الأعلى للصحافة.. ومن هنا كان عنوان مقاله المهم «من السيدة فاطمة اليوسف» إلى المجلس الأعلى للصحافة»!

كتب الأستاذ صلاح حافظ يقول: الواقع أن الصحافة مهنة تتصل خيوطها بجميع مؤسسات المجتمع، وجميع فئات الرأى العام، ويفيدها كثيرا ألا تنغلق على نفسها، وأن تسمح لجميع المؤسسات والفئات أن تشاركها تخطيط عملها ومهامها وسياستها!.. ولكن المشكلة هى أن الذين اختارتهم الدولة فى الماضى للمشاركة فى قيادة الصحافة من خارج أبنائها كانوا بصفة عامة من الكارهين لها والمؤمنين بأن العالم يكون أفضل كثيرا لو لم تكن فيه صحافة!!
عينت الثورة فى بدايتها - ثورة يوليو 1952 - وزيرا من مجلس القيادة ليتعامل مع الصحافة، وإذا به فى أول زيارة يقوم بها لجريدة «المصرى» الوفدية السابقة ينذر كاتبا كبيرا مشهورا بأنه سيقطم رقبته إذا لم يرتدع عما يكتبه!
واكتشفت الثورة إنها فى حاجة إلى مجلة تنطق باسمها - فتطوع عدد كبير من الصحفيين بإصدار هذه المجلة - التحرير بقيادة ضابط من الثوار - أحمد حمروش - وإذا بمجلس الثورة يفصله، ويرسل ضابطا آخر يعلن من البداية أنه جاء يؤدب هؤلاء الصحفيين ويلزمهم مكانهم!!
ثم بدأت الثورة تزحف بخطة منظمة على الصحف وتفرض فى كل صحيفة ممثلا لها، مطلق السلطة والسلطان ولكن هذا الممثل كان فى معظم الأحوال كارها للصحافة أصلاً، ومؤمنا بأن مهنته الأولى هى تأديب الذين يصدرون الصحيفة وتلمس الأعذار لطردهم إلى مهنة أخرى محترمة!!
وبعد هذا الشرح والتحليل لأحوال الصحافة منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 يصل «صلاح حافظ» إلى درس السيدة «فاطمة اليوسف» التى كانت كل صلتها بمهنة الصحافة أنها آمنت بها واحترمتها وأحبت الدور الذى تقوم به فوظفت ذكاءها وقدراتها فى خدمته فيكتب قائلا: كان ربع قرن من هذه التجربة كافيا لإصابة الصحفيين بالأرتكاريا ضد الغرباء المفروضين على المهنة وجعلهم يكرهون مقدمًا أى تنظيم يشرك فى القيادة غير الصحفيين... مع أن حيوية الصحافة تتوقف أساسًا على مساهمة المجتمع كله فى تحريرها وقيادتها!!
وهى حين تتمسك بأن يتولى شئونها أبناؤها وحدهم، لا تفعل ذلك من باب التعصب للمهنة، ولكن لكى تضمن أن يقودها على الأقل مؤمنون بها ومحترمون لها، لا خصوم يكرهونها فى أعماقهم ويضيقون بمجرد وجودها.. ويعتبرون رسالتهم فى الحياة تأديبها ومنعها من أداء دورها!!
والدليل على هذا أن مجلة «روزاليوسف» لم تكره أبدا أن ترأسها السيدة «فاطمة اليوسف» ولم تشعر بخسارة قدر التى شعرت بها يوم رحلت هذه السيدة عن الحياة، ولم يخطر ببال صحفى واحد فى المجلة أن يتساءل عن مدى علاقة صاحبتها بالمهنة؟!.. ولم يشك أحد طوال نصف القرن الماضى فى عظمة الدور الذى أدته لصالح الصحافة!.. ولو أن الغرباء الذين فرضتهم الثورة على الصحافة كانوا من طراز السيدة «فاطمة اليوسف» وكانوا مثلها عاشقين فى معبد الكلمة ومؤمنين برسالة الصحافة، ومبهورين بدورها وراغبين فى خدمتها.. لما خطر ببال الصحفيين أصلا أن يتمسكوا بعدم اشتراك أى «دخيل» من خارج المهنة فى إدارة شئونها!.. ولكن الثورة مع الأسف لم تحسن اختيار ممثليها فى بلاط صاحبة الجلالة، وكان معظمهم من الطراز الذى يضيق بمجرد وجود الصحفى والأقلام على قيد الحياة!
والسؤال الآن هو: هل سيثمر هذا الدرس عند تشكيل المجلس الأعلى للصحافة؟ أم أن الخطأ سوف يتكرر؟! إن هذا السؤال بصراحة هو الذى سيحدد مستقبل الصحافة المصرية فى ظل القانون الجديد، ومستقبل القانون نفسه فى التطبيق!.. فالقضية ليست أصناف الناس الذين سيتشكل منهم المجلس!
وليست انتماءهم إلى مهنة الصحافة أو غربتهم عنها، وإنما القضية هى موقف هؤلاء الناس - مهما تكن مهنهم - من الصحافة! وهل هم معها أم يكرهونها؟! وهل هم يحبونها أم يكرهونها، وهل هم يحترمونها أم يستخفون بها، وهل يعتبرونها نعمة أم يعتبرونها نقمة، وهل يحلمون بها أقوى وأعز وأقدر.. أم يعتبرون رسالتهم ترويها وإخضاعها وانتهاز الفرص للفتك بها!!
وبكلمات أخرى: هل سيكون غير الصحفيين من رجال المجلس من طراز السيدة «فاطمة اليوسف» التى خلقت أهم مدرسة صحفية فى مصر وهى غير صحفية.. أم سيكونون امتدادا لطابور الكارهين للصحافة والمؤمنين بأن ضررها أكثر من نفعها، وبأن رسالتهم فى الحياة هى محاصرة شرورها!
هذه القضية فى صميمها، والصحافة المصرية لن تكره أبدا أن يشارك فى شئونها مهندسون ومحامون وفلاحون أيضا، ولكن إذا كان المهندس راغبا فى أن يبنى بيتها لا أن يهدمه والمحامى راغب فى أن يحمى حقها لا أن يخذله، والفلاح راغبا فى أن يجمل حديقتها بالزهور وراغبا فى تزويدها بالماء النقى حتى لا تظمأ فى رحلتها الطويلة وراء الحقائق التى تريد أن تنور بها الناس».



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز