عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الضمير الذى تم بيعه !!

الضمير الذى تم بيعه !!

بقلم : محمد جمال الدين

هل بات الضمير عملة نادرة يصعب تداولها واستخدامها، بعد أن باتت المصلحة الشخصية هى المهيمنة، ولها الكلمة العليا فى أى عمل نمارسه أو فى تجربة نخوضها، فكثيرة هى الظروف والأزمنة التى يتحدث فيها المرء عن الضمير، وكثيرة هى الكلمات والمقالات التى تمت ديباجتها وترددت بشأن الضمير الذى غاب بفعل فاعل، المؤسف أن هذا الغياب أو هذه العملة النادرة التى نطلق عليها الضمير تمكنت أيضا من بعض الأفراد العاملين فى أجهزة الدولة بعد أن سبق وافترست أغلب أفراد المجتمع، وهنا بالمناسبة  مكمن الخطورة الذى يجب أن ينتبه له الجميع، فدولة بلا ضمير ستصبح دولة بلا وعى، مؤكد أنها ستصاب بأمراض الفقر والجهل والعظمة الزائفة وضياع حقوق مواطنيها، نتيجة للطموح الزائد عن الحد لدى صاحب الشأن أو المال الغائب ضميره، والتى ستجعل منه فى النهاية ديكتاتورا يتحكم فى عباد الله، وسيذهب أى إنجاز يتحقق مع الريح، هذه الأمراض المستعصية والمتفشية فى مجتمعاتنا، والمتمثلة فى غياب الضمير، تفرض علينا السؤال الذى لابد وأن تكون له إجابة شافية، حتى تنهض بلادنا من سباتها العميق الذى نكتفى فيه فقط بالحديث عن زمن الحضارة والـ7000 سنة التى لم تعد تصلح من شأننا اليوم وهو: من المسئول عن غياب الضمير وموته فى عقولنا؟، هل هى الأسرة التى لم تحسن تربية أولادها بزرع القيم النبيلة والأسس السليمة فى نفوسهم، نتيجة لانشغال جميع أفرادها بالبحث عن «لقمة العيش»، أم هل هو التعليم العقيم الذى جعل العقول هرمت وشاخت قبل أن تنضج؟ أم هل هى الشهوة وتحقيق الرغبــات وحــب الذات والطمــوح الجـامح الذى لا سقف له، دون النظر إلى الإمكانات المتوفرة بحثا عن الثروة والسلطة،  أم هل هو البعد عن تطبيق المفاهيم الصحيحة للدين دون غلو واستخدامه لتحقيق مصالح البعض من القائمين عليه؟، أم هى ظروف الحياة والصراع الدائم بين أفراد المجتمع بحثا عن الأفضل؟،.. جميعها أسباب تجعل هناك من يبيع ضميره، اعتقادا منه أن ذلك هو الخيار الأمثل لتحقيق نوع من الاستقرار المفقود فى مجتمعنا، الذى تتبدل أحواله بين ليلة وضحاها، فمثلا ما الأمر الجلل الذى يجعل الموظف العام يهمل فى أداء وظيفته وتقديم الخدمة للمواطنين إلا بعد الحصول على المعلوم؟، وما الذى يجعل وزيرا ملء السمع والبصر وعائلته ميسورة الحال يقبل رشوة من رجل أعمال مقابل الموافقة على ما ليس له؟، وما الذى يجعل مسئولة كبيرة فى إحدى المحافظات وربة أسرة تقبل رشوة مالية وعينية لتمرير مخالفات مطلوب إزالتها طبقا للقانون؟، وما الذى يجعل المدرس الذى وصفناه بأنه كاد أن يكون رسولا يهمل فى شرح الدرس داخل الفصل حتى يجبر الطلاب على الاستعانة به فى المنزل لتلقى درس خصوصى من سيادته؟، وما السبب الذى يجعل  رب الأسرة يهرب من واجباته فى رعاية أسرته ويدمن المخدرات أو ليتزوج من سيدة أخرى لمجرد أنه يريد التغيير؟، وما السبب الذى جعل الأخ لا يرى شقيقه إلا فى المناسبات مكتفيا بمكالمة تليفونية فى ظل التقدم ووسائل الاتصال الحديثة؟، وما الذى يفيد رجال الأعمال فى احتكار سلعة ما وتعطيش السوق منها وهم يملكون  من المال ما يجعلهم سعداء هم وأفراد أسرهم مدى الحياة؟، وما الذى يجعل الرجل الذى أوكلنا له تطبيق القانون يستخدم العنف ضد من يحقق معهم للحصول على اعتراف حتى ولو كان صحيحًا، حتى يثبت أنه قام بواجبه؟.. وأخيرا ورغم تأكدى وتأكد الجميع أن جميع هذه النماذج التى ذكرت بعاليه تحول عندها الغرض إلى مرض، فإنها ليست سوى نماذج فردية، ولا يجب تعميمها على جل من استشهدنا بهم، رغم تأثيرهم الخطير على المجتمع خاصة بعد أن غاب ضميرهم، وهو الذى يعد الحارس الوحيد الذى من خلاله تصان حقوق الله والناس والوطن.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز