عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لقد حان الوقت

لقد حان الوقت

بقلم : طارق رضوان

سريعا مرت أربع سنوات على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى. تبدو سريعة بحكم سرعة الزمن. لكن حقيقة الأمر أنها سنوات هى الأصعب فى تاريخ مصر الحديث. فقد كانت الدولة قبل أن يتولى الرئيس الحكم فى حالة انهيار تام. وفقدت الدولة وفقد الشعب بوصلته تمامًا تحت ظل حكم استمر لعام من الفاشيست الإخوانى المدمر،  كان يسير  مسرعًا لطمس هوية الدولة وأركانها، وسريعا كان يريد فرض ولايته الإخوانية المتعفنة ومحققًا لخطط خارجية هدفها القضاء على مصر ودورها التاريخى، وجاء الرئيس واستلم مقاليد الحكم فى دولة شبه مفلسة وفاقدة الثقة فى نفسها وفى رجالها، فكان الحمل ثقيلاً أكثر مما يتخيله كثيرون.. ومجهدًا .   

قريبا جدا. وخلال أيام سيعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى ترشحه للرئاسة لفترة رئاسية جديدة،  وهو الأحق والأجدر لتولى الحكم فى تلك الفترة الحرجة،  وما قدمه لتلك الدولة خلال الأربع سنوات الماضية كفيل بأن يكون واحدًا من بناة الجمهورية الثالثة فى مصر،  قد يختلف كثيرون على إجراءات تمت،  لكنهم فى نهاية الأمر لا يعلمون ما كانت عليه الدولة ومدى الصعوبات التى مرت على البلاد فى مناخ إقليمى قاس. وتغير المنطقة تماما بخطط أمريكية تعيد ترتيب الشرق الأوسط من جديد، اعترض البعض لكنهم يقعون تحت طائل المثل الشعبى القائل (اللى على الشط عوام) فهم لم يروا الحقيقة كاملة. حقيقة مصر منذ يناير 2011 ، وهذا الكم من الخونة والمأجورين ممن كان هدفهم إسقاط الدولة. وفى الحقيقة، فإن صانع القرار السياسى يستطيع أن يختار لحظة رفع الستار عن كلمته فى حوار للتاريخ، ولابد أن يختارها مدفوعاً بمصالح حيوية ومسلحاً بقوى حقيقية ومرتكزاً على حسابات تستطيع أن تواجه لحظة رفع الستار وما بعدها. لكنه وراء ذلك يجد نفسه أمام مواقف وحقائق متغيرة بالأفعال وردود الأفعال تحكم وتتحكم فى تشكيل صراع إرادات وهو- كما نرى- كان وحده وسط أجساد بلا عقول، وعقول بلا إبداع،  وإبداع  بغير ثقافة، وثقافة بغير حلم وحلم بلا خيال، وأمام الجميع ثورة لم يكن لديها ما تعتمد عليه غير الشعب. ولم يكن ذلك الشعب العظيم مهيئا للقتال ولا خبيراً بالمدافع، ولا يدرى الحقائق. لكنه كان يملك سلاحاً آخر هو الانتماء إلى فكرة وإلى وطن، والإيمان بهما، والاستعداد للتضحية فى سبيلهما. وكان الرجل بكل المقاييس وبكل الحقائق هو الأحق، فهو اللاعب الأساسى فى كل الأحداث وهو ما سيظهره التاريخ مستقبلا، وفى كل مرة كان يراهن على الشعب بتوجيه وتهيئة مناخ عام، وكان الشعب يستجيب، لأنه يرى أن الوجهة التى يتجه إليها مضبوطة ومنضبطة، فبوصلة الشعب دقيقة وخطرة. الرجل بثبات وبعلم وبأعصاب حديدية متماسكة ومهارة عالية وتكتيك علمى حديث وبإرادة حديدية استطاع أن ينظف مصر من أكوام القمامة التى كانت تسد شريان حياتها. وفى السنوات القادمة سينكشف الكثير عن قدرة ذلك الرجل على إدارة الأمور بكتمان وبراعة. واختار فريق عمله.. فريق ماهر، مخلص ووطنى. كما أنه بارع فى المواءمات مع الأمريكان الحاكم الفعلى للكرة الأرضية، لأنه دارس للتكتيك الأمريكى، وهو حذر وحريص كل الحرص على دقة التعامل معهم. فهم قادرون ويملكون المعلومات، والبيانات، الدقيقة، والكافية، والعقول، والخطط، والقوة المفرطة الكاسحة، ويملكون المال، كما أن لديهم الخطط والخطط البديلة ولديهم العملاء الجاهزون للانقضاض عندما تسمح الفرصة،  فقد كانت مصر تخوض حرباً فى غاية الشراسة والقوة، ويُجَرجر جيشها لحرب عصابات وحروب مخابراتية، فقد استنفدت الدولة المصرية كل صبرها أمام عدو لا يعترف بها من الأساس، ويعمل كل يوم على سقوطها وانهيارها. عدو داخلى ينفذ ما يخطط له عدو من الخارج  أجهزة كبيرة تملك الخبرة والعلم والمال. حدد العدو هدفه وقدمه جاهزاً إلى أعوانهم فى الداخل فاقدى العقول والوعى والانتماء ، بل ويتوهمون أنهم يملكون عقيدة. لذلك يجازفون بأرواحهم من أجل عقيدتهم الواهية. فعمليات القتل التى تتم بانتظام على الجنود وصف الضباط من الجيش والشرطة هدفها الأول التقسيم وزعزعة الثقة ما بين الكيان الواحد المتماسك، وزعزعة الثقة ما بين الكيان سواء كان جيشاً أو شرطة وما بين الناس لينتقل الصراع من صراع دولة ضد إرهاب وإدارة حرب داخلية ضد عدو، إلى صراع على السلطة. لتظهر مصر أمام العالم أنها دولة فاشلة،  سياسة الانقسام الممنهج كانت تتم داخل مصر بخطى ثابتة، وبخطط مدروسة، يستغلون عامل الوقت ويبثون الشائعات،  ويركزون بكل قوة لتصبح حقيقة..  عبارات وشعارات كثيرة تتردد دون وعى، عن جهل أحيانًا وعن قصد غالبًا. عبارات وشعارات من الطراز الأمريكى الذى يسود العالم. كلمات مختصرة لنموذج أمريكى فى ممارسة السياسة وهو نموذج يستخدم الإعلام لتوجيه رسالة محددة تختزل العقائد والمبادئ فى عبارة محبوكة يمكن انتشارها واستهلاكها بسهولة شائعة كانت أو تهيئة مناخ عام. كلها شحنات موجهة باستمرار وبتكرار إلى متلقٍ جاهز مكشوف أوحد. الرجل اتخذ القرار وخطط وقام بأهم ثلاثة أشياء عند توليه مهمة القائد العام. الرجل قام بإعادة تأهيل الجيش من جديد. أعاد السمعة وأعاد الحنين ما بين الشعب وجيشه ، وأعاد كذلك الصورة الذهنية للشرطة فى أيام معدودة، كما أعاد العلاقة الودية ما بين الجيش والشرطة بعدما وصلت لحد التصادم كاد أن يصل للتصادم المسلح وقت حكم الإخوان. كل ذلك تم فى عام واحد، لذلك فقد كان هو الأقدر والأحق، كما أنه كان هو المطلوب، الرجل لديه ملفات كثيرة،   وقد ظهرت نتائجها على أرض الواقع بتحسن العلاقات الأمريكية ومع دول أوروبا، وتقارب الخليج وإخضاع قطر للتراجع، وإقناع الصينيين والطليان بأهمية مصر ودورها وأهمية نفوذها. كما أعاد سريعًا علاقات مصر الخارجية مع دول إفريقيا. والأهم هو القضاء على الإرهاب فى سيناء. وفى الطريق القضاء على الخطر القادم من ليبيا وإتمام الصلح ما بين الفصائل الفلسطينية لتهدأ المنطقة الشرقية على حدود مصر بعد سنوات من القلق والتوتر، إذن فريق الدولة يعمل. بمهارة وعلم وإرادة وتوجيه. الرئيس بدأ خطوات النجاح. وهى خطوات قاسية لكن لابد منها كى تخرج مصر من عنق الزجاجة الخانق اقتصاديًا، لا طريق آخر أمامه غير النجاح، وإلا سقطت الدولة،  فأمامه لملمة أطراف الدولة وإزالة احتقان وطنى وتبريد المناخ العام داخل البلاد، فالعمل السياسى عند أرقى درجاته هو الاستعداد لاستيعاب آمال الناس والقدرة على التعبير عنها والبحث عن الوسائل الممكنة لإدارة مواردهم الإنسانية والعملية لتحقيق تنفيذها. يملك شرعية النجاح والتطور وشرعية ثورة يونية. أهم ثورة شعبية فى تاريخ مصر الحديث. شرعية اكتسبها هدفها. وهدف جهاز السلطة وجهاز التنفيذ والتنظيم الشعبى هو الهدف الثابت للعمل السياسى. وهو هدف تغيير المجتمعات بإدارة مواردها وتعبئة طاقاتها لصنع غد أفضل من يومها ومن أمسها. أمام الرئيس ملفات عديدة فهو لا يحكم ألمانيا القوية أو الإمبراطورية الأمريكية. بل يحكم دولة من دول العالم الثالث تعانى من الفقر والجهل والمرض والديون وتصلب شرايينها الحيوية. مصر دولة ثقيلة فى الحكم وزاد من ثقلها ثلاثة أعوام من الفوضى والاختراقات المخابراتية من دول عربية وآسيوية وغربية، دولة مترهلة، لذلك لا بد أن يكمل الرئيس مسيرته، لأنه لا يعرف الفشل. ولأن الفشل يعنى سقوط الدولة. ومصر لن تسقط أبداً.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز