عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فن التعامل مع الآخرين

فن التعامل مع الآخرين

بقلم : محسن عبدالستار

التعامل مع الناس فن من الفنون التي كثيرًا ما نغفل عنها جميعًا، فإذا أتقناه كان سببًا من أسباب السعادة في حياتنا، فكل منا يحتاج لإتقان هذا الفن، الأب مع أسرته وأبنائه، الأستاذ مع تلامذته، ومدير الشركة مع موظفيه، والصديق مع أصدقائه. الإنسان الذي يجيد التعامل مع الآخرين تجده محبوبًا دائمًا في الوسط الذي يعيش فيه، وينشر في من حوله البهجة والسعادة.



إذًا كيف نجيد التعامل مع الناس؟ وما الوسائل التي يجب أن نتبعها حتى نكون من الذين يتقنون فن التعامل مع الآخرين؟!

لقد علمنا الله أن نتعامل مع الناس بالحسنى دون انتظار أجر أو شكر من أحد، فقال تعالى عن موسى عليه السلام: "فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير. فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا".. رغم تعب موسى عليه السلام من سفره، وجهده وجوعه، وغربته في أرض مدين، وكونه مطاردًا من فرعون، فإن ذلك لم يثنه عن مساعدة المرأتين، والعمل بما تقتضيه شهامته ومروءته وحسن التعامل معهما دون انتظار شكر، فحثنا سبحانه وتعالى على فعل الخير وطلب الأجر من الله، فالله لا يضيع أجر المحسنين.

وفي كتاب "فن التعامل مع الناس"، يقول المؤلف دايل كارنيجي: "من أهم الأسس الرئيسية في معاملة الناس.. أن نعامل الناس معاملة حسنة ونقدم لهم المساعدة دون انتظار الجزاء والشكر منهم، وألا نتعجل في محاسبتهم، ولا نلومهم، ولا نكثر من معاتبتهم".

فالتعامل مع الناس يتغير باختلاف الأفهام والعقول.. فالرجل الذكي الفاهم الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر المحدود العقل والفهم والعلم، فالحديث معه يكون مناسبًا لطبيعته وقدرته على الفهم.

فالطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك، يقول كارنيجي: "من هواياتي أن اصطاد السمك، وبمقدوري أن أجعل الطُعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة، لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام، ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة، فالسمك هو الذي سيلتهم الطُعم، وهو يفضل الديدان، فإذا أردت اصطياده قدمت له ما يرغب فيه".. فلماذا لا نجرب الطعوم مع الناس؟!

الناس يحبون الإنسان الذي يهتم بهم، وبما يفكرون، وما الذي يشغل بالهم وحينما يتحدثون ينصت إلى حديثهم وينظر إليهم ويلخص ما يقولون ويناقشهم فيه.       

في مدينة نيويورك، تم القبض على قاتل طاغية شهير يدعى "كرولي ذي المسدسين"، الذي لم تشهد المدينة مثله في العنف والإجرام، هذا السفاح لم يشرب الخمر أو يدخن مطلقًا، وفي ذات يوم قامت الشرطة الأمريكية بحصار منزل صديقته، وحاولوا إجلاءه عن المنزل باستخدام الغازات المسيلة للدموع فلم تفلح هذه الطريقة، فما كان إلا أن صعدوا بأسلحتهم الرشاشة إلى المنازل المجاورة، وتحت نيران الأسلحة تم القبض على "كرولي"، حيث صرح رئيس الشرطة بأن هذا السفاح من أخطر العتاة الذين عرفتهم مدينة نيويورك، لقد كان يقتل لمجرد رميه بريشة، ولكن فيمَ كان يفكر هذا السفاح لحظة القبض عليه؟!

بينما كان رجال الشرطة منشغلين في حصار المنزل الذي اختبأ فيه "كرولي"، كان هو منكبًا يكتب رسالة "لمن يهمه الأمر"، قال فيها:

"إن بين ضلوعي قلبًا حزينًا ولكنه ينبض بالرحمة، قلبًا لا يحمل حقدًا لأحد". وقد حكم عليه بالموت، وحين جيء به لتنفيذ الحكم عليه، لم يقل هذا عقاب المجتمع جزاء ما فعلته، وإنما قال هذا جزائي لقاء دفاعي عن نفسي.

القصد من وراء هذه القصة أن "كرولي" لم يلم نفسه أبدًا، بل كان يحاول مصالحتها حتى في أحلك الأوقات، اعتبر نفسه مصلحًا اجتماعيًا ووجه اللوم إلى الناس لأنهم لم يفهموه جيدًا.. فاللوم مؤلم للغاية، يجعل الإنسان يقف مدافعًا عن نفسه بمبررات للحفاظ على كبريائه وصورته أمام نفسه والآخرين. ففي هذا الموقف تلعب الطبيعة دورها والمخطئ يلومه الجميع إلا نفسه، ونحن جميعًا سواء في هذا.

فالناس يكرهون النصيحة في العلن، لأنهم يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم، ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وفهم المسألة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز