عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التجربة المصرية

التجربة المصرية

بقلم : محمود حبسة

كيف كنا وكيف أصبحنا؟ سؤال يستحق أن نتوقف أمامه كثيرًا لنتعرف على حجم ما شهدته مصر من عمل وما تحقق على أرضها من إنجازات خلال أربع سنوات كانت بحق سنوات التحدي، لكي تقدم مصر لأمتها العربية وللمنطقة وللعالم أجمع تجربة جديرة بالدراسة والتأمل.



نعم كان الرئيس عبد الفتاح السيسي محقًا تمامًا في مؤتمر حكاية وطن عندما قال إن مصر تقدم تجربة للعالم أجمع، نعم مصر قدمت تجربة للعالم تفردت فيها عن غيرها من دول العالم، فمنذ أن عصفت رياح "الربيع العربي" بعدد من دول المنطقة ومن بينها مصر مع أواخر العقد الأول من القرن الحالي كانت الإرهاصات شديدة القسوة والخطورة، وتنذر بفوضى عارمة وهو ما حدث بالفعل وفق سيناريو الفوضى الخلاقة الذي كان معدًا ومخططًا لهذه المنطقة من قبل.

لم تنجُ من هذه الفوضى أو بالأحرى من هذا المخطط سوى مصر، فقد ذهبت دول ولم تعد إلى وقتنا هذا، سقطت جيوش وفقدت مؤسسات هيبتها بل فقدت وجودها وحلت شريعة الغاب محل القانون وعانت شعوب عربية من الضياع والتشرد وباتوا مجرد أرقام في سجلات اللاجئين وملاجئهم، وتحولت ثروات عربية من نفط وغيره إلى مطمع سهل المنال للاستعمار قديمه وحديثه، في مشهد عبثي لم يرَ التاريخ العربي مثيلًا له.

الصورة بكل مأساتها وسوءاتها شاهدناها في سوريا واليمن وليبيا، حتى تونس لم تستقر أوضاعها حتى اليوم فما زالت الفوضى تعصف بها من آن لآخر، إضافة إلى دول عصفت بها رياح التغيير منذ سنوات عديدة مثل العراق والصومال.

مصر التي قدمت عبر تاريخها الطويل التجربة التي تميزها عن غيرها من بين دول العالم عندما انتصرت على التتار والصليبيين، وعندما حفرت قناة السويس وعندما ألهمت ثورتها عام 1952 كل ثورات التحرر في المنطقة وعندما انتصرت على إسرائيل عام 1973 ومن قبل على دول العدوان الثلاثي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وعندما أنشأت السد العالي رغم كل التحديات والصعاب تؤكد أنها دائما حالة خاصة ومختلفة ومميزة.

المشهد المصري خلال ما يقرب من أربع سنوات من منتصف عام 2014 وحتى يناير 2018 يأتي استمرارا للحالة المصرية التي تجعل من مصر دائما دولة عصية على كل المخططات والمؤامرات غير قابلة للسقوط أو الانهيار.

التجربة المصرية خلال الأربع سنوات الماضية قدمت نموذجا لشعب اسمه الشعب المصري، أكدت كم هو يقظ وبرهنت على قدرته على التماسك والصمود ومواجهة التحديات والصعاب فلم يتراجع عن مساندته لقيادته وجيشه ولم يرضخ لإملاءات من وقفوا خلف الإرهابيين ودعموهم بالمال والسلاح رغم سقوط العديد والعديد من الشهداء والضحايا حتى مع قسوة إجراءات الإصلاح الاقتصادي لم يتذمر المصريون تجرعوا مرارة الإصلاح باعتباره دواء مرًا لا مفر منه حتى لا تنهار الدولة أو تعلن إفلاسها.

قدمت التجربة المصرية نموذجا لكيف يكون تماسك ووحدة الشعب فلم تفلح كل مخططات الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين لم تنجح عمليات الإرهاب القذرة، بدءا من حرق الكنائس بعد فض رابعة ثم تفجير الكنائس وقتل المسيحيين أثناء الصلاة في جعل المسيحيين ينقلبون على الدولة ويتحولوا إلى أعداء للنظام كما لم تنجح كل محاولات استغلال الدين من بعض الجهلاء مثل تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم في إحداث وقيعة بينهم.

أدرك الجميع في مصر مسلمين ومسيحيين أن المصير واحد وأن في الوطن متسعًا للجميع، قدمت التجربة المصرية نموذجا لشعب يصر على فرض إرادته وليس الانصياع لإرادة الآخرين مهما كانت المغريات والتهديدات فلم تفلح مليارات قطر وتركيا وكذلك تهديدات أمريكا في إثناء الشعب المصري عن عزيمته وإضعاف مقاومته لجماعة الإخوان وإرهابها.

قدمت التجربة المصرية للعالم أجمع نموذجا لكيف يكون التلاحم بين الجيش والشعب فكلاهما نسيج واحد حيث فشلت كل المخططات والمؤامرات في إفساد العلاقة بينهما وبقيت كل الأبواق الإعلامية من الجزيرة القطرية إلى الشرق الإخوانية ومثيلاتها في تركيا وغيرها مجرد كلاب تنبح على قافلة مصرية تسير ولا تأبه بشيء.

التجربة المصرية تختلف بلا شك عن غيرها فمصر لم تعد فحسب لما كانت عليه قبل يناير 2011 بل أصبحت أفضل بكثير وأقول بكثير ففي أقل من أربع سنوات أصبح جيشها العاشر على مستوى العالم وتمتلك أسطولين بحريين وتحتل قواتها البحرية المرتبة السادسة.

قدمت التجربة نموذجا لدولة استطاعت أن تقهر المستحيل فكيف لدولة تعاني ظروف اقتصادية صعبة وتواجه حربا شرسة تشنها ضدها جماعات البغي والظلام أن تنتصر على الإرهاب وتخوض في نفس الوقت معركة التنمية من خلال المئات من المشروعات التنموية العملاقة وبمعدل إنجاز غير مسبوق في التاريخ.

السؤال من هي الدولة التي مرت بمثل ظروف مصر وأقامت وأنشأت مشروعات عملاقة بهذا الحجم الذي تشهده مصر؟ التجربة المصرية قدمت نموذجا لكيف يكون التعامل والتعاون مع الآخر قدمت نموذجا لدولة استطاعت أن تستعيد علاقاتها مع جميع دول العالم محتفظة في نفس الوقت باستقلالية قرارها والأهم أنها تعاملت مع الآخر بمنطق وحسابات تنطلق من قيمها ومبادئها وأخلاقها ومصالح شعبها.

كان الكثيرون يراهنون على فشل التجربة المصرية لكن مصر نجحت بفضل موروثها الثقافي والحضاري، وبفضل هذا التلاحم والاصطفاف الشعبي خلف القيادة السياسية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز