عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
.. وإنا لمنتظرون!
بقلم
محمد نجم

.. وإنا لمنتظرون!

بقلم : محمد نجم

أعتقد أن هناك حالة من الترحيب والتفاؤل بالوجوه الجديدة التي أتى بها التغيير الوزاري الأخير.. وإن كان محدودًا!



فقد اعتبره البعض بمثابة ضخ دماء جديدة في شرايين إدارة دولاب العمل التنفيذي في مصر.

والتغيير.. بصفة عامة.. هو إحدى سنن الحياة الرئيسية، خاصة عندما تكشف التجربة عن غياب المبادرات للقيادات القديمة، أو قصور في الأداء، أو أن البعض قد «غرق» في تفاصيل ليست ضرورية، في حين كان ينتظر منه.. إنقاذ القطاع الذي تولى مسؤوليته من الغرق!

ولكن هذا التغيير الذي حدث استدعى للذاكرة ثلاثة تساؤلات مزمنة.. سرعان ما تطفو على السطح كلما حدث تغيير وزاري.

وتتلخص تلك التساؤلات في: معايير الاختيار للمناصب العامة، ثم متابعة أداء القيادات الجديدة وخضوعهم للتقييم على فترات زمنية منتظمة، وأخيرًا مسألة الاهتمام بالقلب دون الأطراف.

وسوف أبدأ بالمسألة الأخيرة بمناسبة التصريح المتعجل الذي أدلى به وزير التنمية المحلية الجديد د. أبو بكر الجندي، والذي أسيء فهمه وفسّره البعض على غير ما يقصده الرجل.

وأنا أعرف د. أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة السابق.. معرفة جيدة، حيث شارك معنا في الندوات وورش العمل التي نظمتها شعبة المحررين الاقتصاديين أكثر من مرة، وأعلم أنه أحدث نقلة نوعية في عمل جهاز الإحصاء المصري.. وفتحه على المجتمع خاصة الإعلاميين والباحثين.. فضلا على دقة الأرقام وواقعية البيانات التي يصدرها من آن لآخر.

وتلك المعرفة الوثيقة تدفعني للقول- نيابة عنه- إنه كان يقصد انتهاء ما يسمى الاهتمام «بالقلب دون الأطراف».. أي التركيز على القاهرة الكبرى تنمويا وصحيا وتعليميا دون محافظات الصعيد.. أو محافظات الحدود بحجة أن البعيد عن العين.. بعيد عن القلب! فكلنا مصريون ومن حقنا أن نحصل على ثمار ما يجرى من تنمية على الأرض المصرية.. وأيًا كان محل إقامتنا أو طبيعة عملنا، وذلك في صورة تعليم جيد، وعلاج مناسب.. بخلاف الخدمات الأخرى.. حتى نحيا جميعا حياة كريمة.

أما أن تظل القاهرة الكبرى.. هي مصدر التعليم الجيد، والعلاج والتوظيف.. فهذا ما لا يجب أن يستمر.. وهو ما كان سببا لهجرة أهلنا في الصعيد بعد أن أعوزت بعضهم الحاجة.. ودفعتهم للبحث عن الرزق في أي مكان.. فالتغريبة.. أو التشريقة التي كان يقوم بها أهلنا في الصعيد.. لم تكن رفاهية أو بحثا عن متعة زائلة.. وإنما كانت بحثا عن الرزق وسدًا للحاجة!

هكذا كان يريد أن يقول د. أبو بكر الجندي وزير التنمية المحلية الجديد.. "بلدياتى!"

أما المسألة الثانية.. وهي المتابعة وتقييم الأداء للقيادات الجديدة.. فأعتقد أنها ضرورية جدًا لاستمرار الأداء الجيد.. وجودة ما يقدم من خدمات للمواطنين، وما حدث من مفاجأة مذهلة في حالة القبض على محافظ المنوفية السابق يؤكد ما أقول، فقد قبض على الرجل في مساء اليوم السابق لزيارة رئيس الجمهورية لمحافظته لافتتاح بعض المشروعات الجديدة، نعم.. إنها قد تكون رسالة جيدة وإنذارًا واضحًا لأصحاب النفوس الأمّارة بالسوء.. وأنه لا أحد فوق المساءلة وأيًا كانت الظروف.. ولكنني أعتقد أنها كانت محرجة للكثير من القيادات.. وأجهزة المتابعة!

ولا ينفصل عما تقدم.. مسألة معايير اختيار القيادات العليا في مصر.. فلا يمكن أن تظل «المناصب العامة» محلا للتجربة والخطأ.. أو لاكتشاف الجيد من السيئ!

فهناك أموال كثيرة تهدر ووقت ثمين يضيع بسبب هذا المنهج الغريب في الاختيار القائم- في بعض الحالات- علــى العلاقـات الشخصية أو القرابــة.. أو إجادة الحديث في وسائل الإعلام المختلفة.

فالمناصب العليا.. أهم وأخطر من أن يتولاها أحد مصادفة أو مجاملة أو تكريمًا! وما زلت على رأيي الذي كتبته من قبل أكثر من مرة.. لا بد من وضع معايير محددة أو معلنة.. أهمها الكفاءة والنزاهة والتخصص والخبرة في المجال المراد اختيار قيادة جديدة له.

أما آلية التطبيق.. فهي سهلة وبسيطة.. لجنة من الخبراء في ذات المجال.. فيتقدم إليها أكثر من مرشح بسيرته الذاتية.. ورؤيته للتغيير والنهوض بالقطاع المرشح له.. وأن تناقشه اللجنة في كل ما يقدمه سواء في كيفية التنفيذ أو في مصادر التمويل أو الفترة الزمنية المطلوبة.. حتى لا تتكرر مسألة التجربة والخطأ أو تفاجأ بما لم تكن نتوقعه من المسؤول الذي تم اختباره!

وأعود إلى من تم اختيارهم في التغيير الوزاري الأخير، وفي رأيي أنهم كفاءات محترمة وأصحاب خبرة في مجالات عملهم السابقة.. لكن ماذا سيفعلون في المهام الجديدة الموكلة إليهم.. لا أعرف وإن كنت أتمنى نجاحهم جميعا فأغلبهم أصدقاء!

ومع ذلك أعتقد أن قطاع السياحة كان في حاجة للخبرة المصرفية المتوافرة لدى د. رانيا المشاط.. بسبب احتكاكها المتواصل مع البنوك وشكوى العاملين في هذا القطاع من عدم مساندة الجهاز المصرفي لهم.

وكذلك قطاع الأعمال العام الذي يحتاج لخبرة مصرفية استثمارية من أمثال وزيره الجديد خالد بدوي.

أما د. إيناس عبد الدايم.. فهي فنانة وعازفة ماهرة وأحسنت إدارة دار الأوبرا المصرية.. ونتمنى نجاحها في إدارة الثقافة المصرية بكل قطاعاتها من سينما ومسرح وكتب وفن تشكيلي وغناء.. إلخ.

المسألة صعبة.. لكنها ليست مستحيلة!

وبهذه المناسبة يسعدني أن أتقدم بالتحية والتقدير للصديق العزيز والمثقف الواعي حلمي النمنم، الذي حاول بكل ما يملك من ذكاء النهوض بقطاعات وزارة الثقافة لكن البيروقراطية العتيقة والمصالح المتشابكة عطّلت جهوده!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز