عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الطوفان الالكتروني

الطوفان الالكتروني

بقلم : عصام عبد الجواد

الدول الكبرى والأكثر تقدما منا توصلت إلى نتيجة حتمية بأن هناك وجها قبيحا لوسائل التواصل الإلكتروني، وأصبح لها مخالب شرسة لا بد من تهذيبها، واكتشفت الدول الكبرى التي تتفاخر بدعمها وحرصها على الديمقراطية أن استخدام الوسائل الإلكترونية بكل حرية خطر على مستقبلها، فلم تجد أي غضاضة في اللجوء إلى المحاكم لاتخاذ الإجراءات التشريعية للتصدي للحرية المفرطة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن وجدت أنها خرجت عن السيطرة وتهدد استقرارها واستمرارها.



وعلى الرغم من أن أمريكا بجلالة قدرها والدول الأوروبية الكبرى كانت تنظر إلى القيود التي تفرضها دولة مثل الصين على الإنترنت بمثابة وصمة عار مشينة، فإن هذا لم يمنع رئيس وزراء بريطانيا السابق بالتلويح بفرض قيود الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى في عام 2012 كوسيلة للتصدي للمظاهرات الاحتجاجية الرافضة لسياسات التقشف وضرب عرض الحائط بكل وسائل الحرية، بعد أن قال مقولته الشهيرة إن أمن واستقرار بريطانيا فوق أي اعتبار، وبعد مرور سنوات وتزايد حدة الأحداث التي كانت وسائل التواصل الاجتماعي سببا فيها أو سببا لسرعة تواصلها، تزايدت التحركات الدولية لفرض قيود قانونية ورسمية تقنن استخدام وسائل التواصل الإلكتروني لتنتهك خصوصية الأفراد وتتابع اتصالاتهم  بشكل رسمي ومعلن في إطار قوانين مكافحة الإرهاب، في محاولة لكشف شبكات الجماعات الإرهابية التي تخترق هذه الدول.

فالولايات المتحدة الأمريكية لم تقف مكتوفة الأيدي، وبدا انزعاجها الشديد في أعقاب ما تردد حول نجاح موسكو في التلاعب بالرأي العام الأمريكي وتوجيهه وفقا لأهوائها، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبدأت هي الأخرى في وضع يدها على الصفحات المحرضة والمخترقة لدرجة وصلت أن هناك أكثر من سبع دول نجحت في تمرير قوانين تضمن السيطرة على كل وسائل التواصل الإلكتروني، وإن كانت  الصين إحدى أهم هذه الدول وأكثرها صرامة وتأتى بعدها دولة إيران التي تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي رجسا من عمل الشيطان، ثم المجر ورسيا والمملكة المتحدة وفيتنام وتايلاند وبعض الدول الإفريقية القمعية التي ترفض استخدام التطور الإلكتروني في دولها حتى الآن وأصبح القانون في هذه الدول يسمح للسلطات الحاكمة بفك شفرات الاتصالات السرية الإلكترونية، سواء للشركات أو الأفراد، وكان الإرهاب هو العامل المشتركة في اتخاذ هذه القوانين.

الأمر الذي يؤكد أن السنوات القادمة سوف تشهد وضع رقابة صارمة على وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني بعد أن اتضح للجميع أن هذه التكنولوجيا تجيد استخدامها الجماعات الإرهابية لتخطيط وتنفيذ اعتدائها أو التمرد على الحكومات وتحول عدد كبير من وسائل التواصل الإلكتروني إلى بيئة خصبة لتجارة وبيع الأعضاء البشرية وإلى عصابات خطف الأطفال واستخدامهم في عمليات جنسية قذرة.

لذلك كانت هذه الدول أكثر تيقنا لضبط عملية استخدام شبكات التواصل الإلكتروني واستخدام القانون الذي هو حلال لهم وحرام علينا.

فإذا حدث في أي دولة من دول العالم الثالث وضع قانون للسيطرة على هذه الشبكات لمنع حدوث عمليات إرهابية تجد من يهاجمنا في الغرب بدعوى أننا ضد الحرية والديمقراطية، وهو أمر غير صحيح بعد أن أضاع هذا التطور الكثير من عاداتنا وتقاليدنا وساعد على قتل أوصال المودة بيننا، وجعل الأسرة تعيش في جزر منعزلة داخل المنزل وتركنا أحوالنا التي كانت تتسم بالود والمحبة والتواصل الإنساني الذي نحن في أشد الحاجة له في هذه الأيام إلى عالم آخر غير واقعي.

يبدو أن الأيام القادمة سوف تشهد بدون شك أن العالم كله سوف يتدخل للحد من هذا الطوفان المسمى بالتواصل الإلكتروني على الأقل لضبطه ووضعه في مكانه الصحيح الذي أنشئ من أجله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز