عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تحذير شديد اللهجة

تحذير شديد اللهجة

بقلم : أيمن عبد المجيد

تحذيرات هي الأقوي، من حيث المضمون، وشدة اللهجة، والتوقيت، والمناخ السياسي، الباعث على إطلاقها، ولا شك المقدمات والمعطيات التي قطعًا تتاح لرأس الدولة بالقدر والعمق والدقة - دون غيره - بحكم منصبه.



لإدراك أبعاد تلك الرسائل الأشد لهجة وأهمية، وفق المعايير السابق الإشارة إليها، قبل التطرق لقراءة الرسائل ذاتها، يجب الانتباه لبُعد آخر دقيق، وهو أن الرئيس يمتلك القدرة التحليلية لما يتوافر من معلومات، والقدرة على تقدير الموقف لطبيعته العسكرية المخابراتية وهي الميزة  التي لم تتوافر لرئيس مصري سابق - باستثناء الرئيس الأسبق السادات.

تلك التحليلات والسيناريوهات المتوقعة توضع على مكتب كل رئيس، لكن نادرًا ما تجد الرئيس ذاته، بارعًا في التحليلات، وتقدير الموقف، بل وتحليلها، والجرأة في اتخاذ القرارات في التوقيتات الحاسمة بما يخالف نصائح الخبراء أحيانًا، فالرئيس بطبيعة عمله رئيس للمخابرات الحربية قبل قيادة الجيش كان منوطًا به تقديم الرؤية وتقديرات الموقف.

الإلمام بكل هذه الأبعاد، لطبيعة التكوين المعرفي، لمصدر الرسائل، المناخ والتوقيت الذي صدرت فيه، ومدى الشدة يحدد أهميتها.

معيار آخر مهم يسهم في الإلمام التام بمدى قوة الرسالة، وهو جمهورها المستهدف أن تصل إليه.

وفي تقديري الرسائل الأشد للرئيس منذ توليه سدة الحكم، هي التي أطلقها اليوم في مداخلة له على هامش افتتاح مرحلة الإنتاج المبكر لحقل "ظهر" المنتج للغاز، والمنتظر أن تصل عوائده لمئة مليار دولار سنويًا.

فهذه الرسالة موجهة بالأساس إلى تلك الجهات المعادية الخارجية، التي سعت في ٢٠١١، وما بعدها لتوجيه الحراك الجماهيري باتجاه تدمير الدولة، ثم لذيولهم وأدواتهم بالداخل: "أن ما حدث بالماضي وفشلتم في تحقيق أهدافه من المستحيل أن تنجحوا فيه اليوم".

الرئيس قالها بلغة المواجهة الحاسمة القاطعة، التي إذا جاز التعبير يمكن القول، لعب مع الأعداء على المكشوف، "لن تستطيعوا تحقيق أهدافكم بالنيل من مصر الدولة وشعبها وأنا موجود"، "عليكم الخلاص مني أولًا قبل تحقيق أهدافكم".

مضامين الرسالة، تقول للأعداء، نحن نقرأ بدقة مخططتاكم، ونرصد تحركاتكم، أما توقيت الرسالة فإنه يؤكد إمساك الرئيس بدلائل شروع أهل الشر في تنفيذ مؤامراتهم الخبيثة، فقرر مواجهتهم بما يفيد أنه صخرة ودرع واقية للوطن، لا سبيل للنيل من الدولة المصرية في ظل يقظته.

الرسالة الثانية: للشعب المصري، وعيكم وإدراككم لحجم التحديات والمؤامرات هو الحصن المنيع، والتفافكم حول القيادة يمثل دعمًا معنويًا في مواجهة الأعداء، لذا قال الرئيس إنه قد يلجأ إلى طلب تفويض جديد من الشعب لاتخاذ إجراءات رادعة لمن يهدد أمن واستقرار الدولة.

في اعتقادي أن ليس ثمة تفويض يستوجب نزول ملايين الشعب المصري، من الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالشعب عليه النزول وبكثافة للصناديق في الانتخابات الرئاسية، ليبعث هو الآخر برسالة للمتآمرين على مصر، أن الشعب المصري قرر السير في الطريق الصحيح، وهو المسار الديمقراطي الدستوري، الهادف لبناء وطن قوي.. إن محاولات التحريض الخبيثة لتأليب الرأي العام تتحطم على صخرة الوعي الشعبي.

الوطن يشهد إنجازات يومية، تحطم حاجز الزمن، نعم هناك قطاعات من الشعب تعاني ضيق العيش، نألم لمعاناتها، والرئيس كثيرًا ما يشير لها، ويسعى لتحسين ظروفها، ببرامج الرعاية الاجتماعية، وتوجيه الدعم لمستحقيه، لكن في المقابل يسعى للنهوض باقتصاد الدولة على أسس صلبة، تنعكس تدريجيًا على تحسين دائم لحياة المواطنين وأبنائهم والأجيال القادمة.

على سبيل المثال، معاناة الطبقة الفقيرة بسبب ارتفاع الأسعار، تتحسن تدريجيًا، فمشروع "ظهر" سيوفر الغاز الطبيعي لكل ربوع مصر اكتفاءً ذاتيًا للدولة، ومعنى ذلك سيزول بند استيراد الغاز من الموازنة، ليذهب لتحسين منظومة الصحة والتعليم.

إلى جانب إتاحة آلاف فرص العمل، وتوصيل الغاز الطبيعي للمحافظات، بما يحسن الخدمة ويخفض تكلفة استهلاك الأسطوانات.

وغيرها من مشروعات البنية التحتية، والثروة السمكية والزراعية، حتى التنمية العمرانية انعكست جميعها على المواطنين إيجابيًا، لذا فإن المعاناة في مواجهة ارتفاع الأسعار لم تذهب سدى، ففي المقابل وفرت الدولة الأمن والاستقرار بما انعكس إيجابيًا على الاستثمارات والتنمية.

تبقى الرسالة الثالثة: للإعلام وضيوفه، ليس مطلوبًا من الدولة أن تتحمل مسؤولية فشل الأحزاب في صناعة كوادر سياسية، فالتصدي لمسؤولية إدارة الحكم يتطلب رجال دولة، محترفين يقدرون حجم المسؤولية وليس هواة، وليس مطلوبًا من الدولة أن تصنع ديكورات حتى يرضى المحللون ويتشدقون بالديمقراطية، التنافسية ستأتي تدريجيًا، بقدر توافر كوادر قادرة على تحمل المسؤولية.

وحتى لا نترك المستقبل رهينة لمدى قدرة المؤسسات الحزبية على إعداد كوادر قادرة على إدارة مؤسسات الدولة، فإن الدولة تصدت لمسؤوليتها، بأن أسست أكاديمية لتنشئ الكوادر بمواصفات رجل الدولة النموذجية، المتسلح بالعلم والمعرفة، والقدرة على اتخاذ القرارات.

أعتقد الرئيس لخص ذلك، عندما تحدث عن خطورة أن يتولى غير مؤهل مسؤولية فيصدر قرارًا خاطئًا يدمر الدولة، ومئة مليون، وعندما تحدث عن أنه ظل يدرس معنى دولة خمسين سنة، وعندما تحدث عن ضرورة الإلمام بكل التفاصيل قبل إطلاق أحكام في وسائل الإعلام، ضاربًا بترسيم الحدود نموذجًا، فلولاه ما استثمرت مصر في مياهها الدولية، ولا كان حقل "ظهر".

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز