عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سيناء في قلب مصر

سيناء في قلب مصر

بقلم : د. شريف درويش اللبان

تُعد سيناء ذات أهمية فريدة ضمن أقاليم مصر المختلفة، فلا يوجد في مصر منطقة لها ثلاثة سواحل تحيط بها سوى سيناء، وقد حولت قناة السويس السواحل المنفصلة في الشمال والجنوب إلى ساحل واحد متصل من جميع الجهات باستثناء حدودها الشرقية مع فلسطين ؛ فهي مجال خصب للهجرات البشرية كما أنها ممرٌ مهم يربط بين آسيا وأفريقيا بالإضافة إلى أهميتها الاستراتيجية والدفاعية والاقتصادية على حد سواء.



ولكن هذا الجزء الغالي من أرض مصر والذي استعادته بعد عناء من الاحتلال الإسرائيلي، تعرضت لمجموعة من العمليات الإرهابية وخصوصًا بعد حالة الفراغ الأمني التي واكبت ثورة 25 يناير 2011، ويعلم كل مَن هو مهتم بالشأن المصري أن سيناء هي مسرح العمليات الأساسي الذي يعتمد عليه الإرهاب في ضرب الدولة المصرية وذلك لعدة أسباب يأتي على رأسها: طبيعتها الجغرافية، إهمال الدولة لها على مدار أكثر من 30عامًا، وأيضا لأنها غير آهلة بالسكان فضلاً عن اتساع مساحتها، فأصبحت هي المأوى الأهم للإرهاب لتصفية الحسابات مع القوات المسلحة أولاً ثم مع الدولة ثانيًا، بالإضافة إلى نشر الخوف داخل نفوس المصريين وإعاقة أي فكر يهدف لتنمية تلك المنطقة وخلق مجتمع جديد هناك يؤمن حدود الدولة مع إسرائيل ويحل مشكلة التكدس السكاني مع الاستغلال الأمثل للموارد.

ولعبت طبيعة الموقع في شبه جزيرة سيناء دورًا مهمًا وحرجًا في تردي الأوضاع وخصوصًا في الجزء الشمالي منها؛ ففي القدم كان الاستعمار يتم عن طريق الحروب للوصول إلى الهدف، وكان ذلك يكلف تلك الدول كثيرًا من الأموال التي تضر باقتصادها، فبدأ تبني سياسات جديدة تتمثل في العمل على نشوب الصراعات السياسية بين الأحزاب السياسية بعضها البعض، وإضفاء بعض الصبغة الدينية على بعض الأحزاب في محاولة لنشر فكرة قيام الدولة على أساس الحرية والديمقراطية.

بل واستغلت بعض الدول عدم الوعي الديني لدى البعض ليكون ذريعة تنشأ عليها الصراعات في مصر والوطن العربي لنشر الفوضى الخلاقة في المنطقة، وبث روح الفرقة والتحزب والتعصب الديني والقبلية والطائفية من أجل إنهاك المؤسسات الأمنية وانغماسها في دور آخر غير الأمن والاستقرار الذي يعزز استقرار الدولة. وكان لشبه جزيرة سيناء النصيب الأكبر من ذلك المخطط في تلك الفوضى استنادًا على الظروف الاجتماعية لتلك المنطقة والفقر والجهل الذي يصيب بعض المناطق بها، نظرًا لافتقارها للمرافق والخدمات العامة والاجتماعية. ولكل العوامل السابقة مجتمعة أخذت منابع الجريمة والإرهاب تنضج وتظهر مرةً أخرى متدثرة في عباءة الإسلام ومنضوية تحت لوائه، وهي لا تعي بذلك أنها بتلك الأفعال تسئ إلى صورة الإسلام والمسلمين معتمدين على جهلهم الديني وضعف النزعة الإيمانية لديهم.

وعاشت شبه جزيرة سيناء وحتى عهد قريب في عزلة تكاد تكون كاملة عن مصر، وعاش أهل سيناء وكأنهم ليسوا مصريين بالرغم من كل حقائق التاريخ والجغرافيا. وعلى الرغم أن وسائل الإعلام لها أهميتها الكبرى في تعميق الولاء والانتماء وتقدم المجتمعات، فقد كانت عزلة سيناء إعلاميًا سببًا رئيسًا في التأخر وعدم التكامل، إذ ظلت سيناء كتابًا مغلقًا على المواطن المصري. ولما كان الإعلام هو عملية نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة التي ترتكز على الصدق والصراحة ومخاطبة عقول الجماهير، كانت أهمية تزويد الناس بالمعلومة الدقيقة والأخبار الصحيحة والحقائق الثابتة التي تساعدهم في تكوين الرأي الصائب لكل ما يواجهونه في واقعهم ومشكلاتهم، ويُعد تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.

وكانت مؤشرات التعتيم والعزلة الإعلامية التي تعاني منها سيناء واضحةً جلية تتمثل في غيابها عن الاهتمامات الإعلامية فلا يعرف أبناء الوادي عن سيناء شيئًا سوى أنها منطقة الحروب ومنطقة التهريب والمخدرات، بل أكثرهم يظنها جزءًا من فلسطين، وغياب العقل الإعلامي في مصر عن مشاكل سيناء وأهميتها، واعتبار المنطقة منطقة عسكرية. وإذا كان الاهتمام الإعلامي بسيناء قد انحسر في أُطرٍ محددة ومناسبات قومية سنوية، إلا أن سيناء المستهدفة إعلاميًا اليوم أصبحت بحق غير سيناء الأمس التي كانت نسيًا منسيًا سواء من الإعلام أو الدولة.

وفى الحرب الضروس التي تخوضها الدولة المصرية حاليًا ضد الإرهاب في سيناء نجد تربةً خصبة لنمو الشائعات والأكاذيب، نظرًا للتعتيم والتجاهل الإعلامي بل والتضليل في بعض الأحيان، ونشر المعلومات الخاطئة وغير المتحقق من مدى صحتها ودقتها، وبخاصة في ظل ظروف قاسية كانقطاع شبكات الاتصالات المختلفة الأرضية والمحمولة وشبكة الإنترنت، مما يعيد الاتصال إلى صورته البدائية كاتصالٍ شخصي، يعتمد على ما يقال وما يتردد من الأفواه ويصل إلى الآذان.

ينبغي أن يدرك الجميع أننا في حالة حرب، وما يحدث الآن على أرض سيناء يعد غير مسبوق منذ حرب أكتوبر 1973؛ فلم تُرصد تحركات ضخمة للجيش المصري بأفرعه الرئيسة من قبل الأقمار الصناعية الغربية منذ تلك الحرب إلا فجر الجمعة الماضية مع انطلاق قواتنا المسلحة للثأر كل شهداء مصر من الإرهابيين الجبناء، وهو ما يؤكد إرادة الدولة المصرية في تطهير سيناء من الإرهاب.
إن العملية سيناء 2018 تعني أن سيناء كانت ولا زالت وستبقى في قلب مصر.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز