عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الرحمة أقوى من الحب

الرحمة أقوى من الحب

بقلم : محسن عبدالستار

"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".. تشترك التشريعات كافة في شيء واحد وهو الرحمة، وهي تجمع بين الحب والعطف والتسامح والود، فالناس جميعًا قادرون على الحب لكن القليل منهم من يمتلك الرحمة في قلبه.



الرحمة ترتبط بالحب ارتباطًا قويًا، فلولا محبتنا لأولادنا لما رحمناهم عند أخطائهم وأصفحنا عنهم، ولولا محبتنا لأهلنا لما غفرنا الأخطاء التي قد تحصل لنا بسببهم. فالحب هو الحياة، ولولاه ما كان للحياة طعم حتى إن الله خاطب إبراهيم عليه السلام بـ"خليلي"، وهو أسمى شيء في الحب.

الرحمة، كلمة جامعة لكل أنواع العطاء الإلهي، فحينما تكون معافى في بدنك فهذه رحمة من الله سبحانه، وحينما تكون ذا رزق كثير فهذه رحمة، وحينما تكون مرتاحًا في نفسك، متوازنًا في ردود أفعالك فهذه رحمة، رحمة الله عز وجل تشمل كل شيء، عطاؤه رحمة، وتأديبه لنا رحمة، نعمه الظاهرة علينا جميعًا رحمة، ونعمه الباطنة- كالمصائب رحمة- هناك رحمة عاجلة، وهناك رحمة آجلة، هناك رحمة مادية، ورحمة معنوية، وهناك رحمة روحية، ورحمة تشمل الدنيا والآخرة.

ومن دلائل عظمة القرآن الكريم وإعجازه أنه حينما ذكر "الزواج" لم يذكر "الحب" فقط، وإنما ذكر الرحمة والمودة والسكن، فالرحمة والمودة مفتاح البيوت.. وأساس الحياة،فقال الله سبحانه وتعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".. أي أن يرحم الزوج زوجته فيحسن إليها ويشفق عليها، ويحسن عشرتها فلا يظلمها ولا يؤذيها.. وأن ترحم الزوجة زوجها فلا تؤذيه، ولا تحمله ما لا يطيق، بل تساعده وتقف إلى جانبه.. إنها الرحمة التي جعلها الله تعالى بين الزوجين تفضلًا منه ونعمة، فبها تستقيم الحياة الزوجية وتهنأ، وبدونها تضطرب الحياة الزوجية وتشقى.

يقول الدكتور مصطفى محمود في كتاب "عصر القرود": "الرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر، والرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، وفيها التضحية، وفيها إنكار الذات، وفيها التسامح، وفيها العطف، وفيها العفو، وفيها الكرم.. وكلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية وقليل منا هم القادرون على الرحمة".. لقد غابت عن بعضنا معاني الرحمة فأين الرحمة بين العباد؟

نجد بعضًا من الناس يشبع وجاره جائع، ومنهم من يلبس أفخر الثياب وجاره لا يجد ما يستر عورته، ومنهم من يسكن القصور الشاهقة، والناس ينامون على الأرصفة، فهل هذه هي الرحمة التي أتى بها النبي، صلى الله عليه وسلم؟

وإنك لترى في مجتمعاتنا اليوم العجب، وتتملكك الدهشة وأنت ترى أناسًا يصلون ويركعون ويسجدون لله، ويحافظون على الصلوات والجمع والجماعات، ثم ترى منهم بعد ذلك من يظلم ويعتدي، ترى منهم من يأكل حق غيره ولا ينتهي، ترى من يشهد بالزور ويرتشي، ترى القاطع لرحمه الهاجر لقراباته، ترى العاق لوالديه المسيء إلى من له حق عليه.. يقول أحمد شوقي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:

فإذا رحمت فأنت أم أو أب

هذان في الدنيا هما الرحماء

فالرحمة عاطفة إنسانية راقية، فيها الحب وفيها الأخوة، فيها الصداقة والحنان والتضحية، وفيها إنكار الذات والتسامح والعطف والعفو، وفيها الكرم أيضًا، فكلنا قادرون على الحب وقليل منا هم القادرون على الرحمة.

وختامًا.. ينبغي أن يتعامل المجتمع الذي نعيش فيه، بالرحمة، وأن يتواصوا بها، وأن يدعو بعضهم بعضًا إليها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز