عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
متى تتوقف ماكينة الشائعات عن الدوران؟ (1)

متى تتوقف ماكينة الشائعات عن الدوران؟ (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

​​إن انتشار الشائعات بصورة واسعة في المجتمعات هو إحدى سمات عصر الثورة التكنولوجية وابتكار التقنيات الاتصالية الحديثة، فكل شيء في العالم الافتراضي يتم التعامل معه على أساس أنه معلومة، بغض النظر عن صحتها أو خطئها، كما أن المعلومة لم يعد إنتاجها حكرًا على جهة بعينها، أو شخص محدد يمتهن إنتاج المعلومات وفقًا لمعايير محددة، بل أصبح بإمكان أي شخص أن يكون بنفسه منتجًا وناشرًا للمعلومة.



وفي ظل هذه الوفرة المعلوماتية فإنه من الصعب على من يتلقى هذا الكم من المعلومات أن يميز الصحيح من الخاطئ، والجيد من الرديء، والحقيقة من الإشاعة، وعلى الرغم من تطور شبكات التواصل الاجتماعي، وتزايد كمية المعلومات بشكل ضخم، إلا أن جودة المعلومات لم تصبح أفضل، وتخللت كل أنواع المعلومات المغلوطة خاصة الشائعات كل الشبكات الاجتماعية تقريبًا.

لقد أصبحت الشائعة بوسائل التواصل الاجتماعي تنتقي مادتها وأدواتها، وتعبر عن محتواها بالنص، والصوت، والصورة، والرسم، والفيديو، علاوة على انتشار الشائعات عبر تلك الوسائل بسهولة، لا سيما مع تحصين هوية المرسل وإخفائها، وكذلك ضعف قدرة مستهلكي الأخبار على تقدير دقة تلك الأخبار؛ نظرًا للكم الهائل من تدفق المعلومات على مستقبليها، بالتزامن مع عدم وجود حارس بوابة لتلك المواقع، وإتاحة كمية ضخمة من المعلومات خارج النطاق الجغرافي الخاص بالمستقبلين، فيصعب التحقق من الحدث، ويسهل على الآخرين القيام بمهمة التضليل.

وفي هذا الإطار أجرت الباحثة الدكتورة يسرا حسني عبد الخالق، الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة أسيوط، دراسة مهمة للتعرف على دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات، وأهم العوامل التي تسهم في ذلك الانتشار، وتأثير انتشار الشائعات على الأمن القومي المصري، وكذلك اهتمت الدراسة بكيفية مواجهة الشائعات من وجهة نظر الجمهور، ودور الأجهزة الرسمية في مجابهتها والحد من نطاق انتشارها.

وأوضحت نتائج الدراسة أن من أهم العوامل المؤثرة على نمو وانتشار الشائعات بالمجتمع وفقًا لرؤية عينة الدراسة هي غياب المعلومات الواضحة والدقيقة بنسبة (61.3%)، وتعكس هذه النتيجة أهمية المعلومات في العصر الراهن كقوة استراتيجية تؤثر على فاعلية إدارة الدولة لاستراتيجياتها الاتصالية في التعامل مع الرأي العام، فالتعامل مع الشائعات جزء مهم ورئيس في إدارة الدولة لأمنها القومي، لا سيما في ظل أوقات التحول الديمقراطي والتي يمثل فيها عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بيئة خصبة مهيأة بها سرعة انتشار الشائعات، وهو ما يتعين معه أن تطور الدولة استراتيجياتها في الاتصال، ومد الجمهور بالمعلومات والبيانات الصحيحة والدقيقة؛ وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن منظومة إتاحة المعلومات في مصر تواجه عدة تحديات، منها:

تفشي ثقافة السرية وعدم شفافية إتاحة المعلومات داخل المؤسسات.
عدم وجود سياسة أو استراتيجية قومية للإحصاء والمعلومات، وعدم وضوح دور "المنظم" في إطار النظام القومي للإحصاء والمعلومات.
ضعف آليات التنسيق بين الجهات المنتجة والمستخدمة للبيانات، وما يرتبط بذلك من تضارب البيانات، وعدم اتساقها، واختلاف التعريفات والمنهجيات، وكذلك تعدد الجهات المنتجة للبيانات والمعلومات حول نفس الموضوع.
غياب آليات مراقبة جودة البيانات، بما يؤثر على المصداقية والثقة في البيانات الصادرة، فضلًا على تأثيرها السلبي على اتخاذ القرار.

عدم تحديث الإطار التشريعي بما يتناسب مع تطبيق المعايير العالمية لتنظيم جمع ونشر وتداول البيانات بسهولة، وفي التوقيت المناسب.
قصور برامج إعداد القدرات البشرية المؤهلة، وغياب المهارات المطلوبة لدعم فاعلية وكفاءة النظام القومي للإحصاء والمعلومات.   
الطبيعة المزدوجة للجهات العاملة في منظومة الإحصاءات والمعلومات في مصر، حيث تقوم بعض هذه الجهات بإنتاج بيانات خام باعتبارها المصدر الرئيس لها، في الوقت الذي تقوم فيه بنشر بيانات ومعلومات منقولة عن مصادرها الأساسية.

أما كيف نوقف ماكينة الشائعات عن العمل، أو نقوم بإعطابها أو تقليل سرعة دورانها، فهذا ما سوف نتحدث عنه في المقال القادم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز