عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مقاتل حي في تجربة حزبية ميتة

مقاتل حي في تجربة حزبية ميتة

بقلم : وليد الغمرى

كنت قد هجرت الكتابة منذ سنوات عن الحياة الحزبية في مصر.. ليقيني أن التجربة الحزبية في هذا البلد قد ماتت..  وأذكر أنه في أحد الملفات الصحفية عن أحزاب ما بعد الثورة.. كنت وزملائي نحاول أن نبحث عن توثيق دقيق لعدد الاحزاب السياسية فى مصر.. فكان رد رئيس لجنة شؤون الأحزاب أنها بالتقريب 108 حزب سياسي وهناك أربعة أحزاب لاتزال تحت التأسيس.. وكانت كلمة "تقريبا" من الشخص المسؤول الأول عن الأحزاب في بلادنا.. كلمة صادمة فى توثيق صحفي لا يحتمل التقريب في العدد.. وحتى يومنا هذا فلازال معظم المصريين من النخبة السياسية لا يمكن أن يعطيك رقم دقيق لعدد الاحزاب السياسية..



منذ أيام.. ساقتني الصدفة البحتة لمتابعة فعاليات المؤتمر العام الاول لحزب "حماة الوطن".. وهو الحزب الذى أرتبط تأسيسه على حد معلوماتي البسيطة فى  هذه اللحظة بجنرالات الجيش المتقاعدين.. وكنت دائما في مخيلتي السياسية المتواضعة.. أعتقد أن الحزب مجرد واجهة اجتماعية لعدد من الجنرالات المتقاعدين الذى يحاول كل منهم البحث عن دائرة ضوء وسط مشهد سياسي حزبي غير موجود من الاساس..

ولكن دعوني أعترف أن هذه الرؤيا المتواضعة.. كانت خاطئة جملة وتفصيلا.. حيث كانت المفاجأة بالنسبة لي.. حين وقف نائب رئيس الحزب اللواء فؤاد عرفة ليتحدث عن إنجازات الحزب خلال السنوات الثلاث المنصرمة، وشاهدت لأول مرة نشاط حزبي جعلني أتأمل كيف حدث كل هذا والاعلام والصحافة السياسية في مصر لم تراه؟!

والحقيقة أن المفاجأة الثانية، تمثلت في شخص رئيس الحزب الفريق جلال هريدي، والذى كان شخصيا السبب في تأخر كتابة هذه السطور، بعد أن دفعتني هذه القامة العسكرية المصرية للعكوف على دراسته، والتعرف عليه لأكثر من بضعة أيام متتالية وأنا أبحر بزورق صغير في بحار هذا الرجل وهذا المقاتل المصري وأفتش في كل وسائل المعرفة المتاحة للتعرف عليه..

الفريق جلال هريدي هو ببساطة الرجل الذى وقفت أمام تاريخه فتضاءلت قيمة ومعنى.. ووقفت كلماتي عاجزة عن وصفه، وبات السؤال الصعب الأن أمامي.. كيف سأكتب عن تاريخ تجاوز الثمانون عاما لأول ضابط في تاريخ العسكرية في العالم، يصبح قائد عسكري لقوات خاصة وهو برتبة نقيب، وعن عمر 27 عام فقط ؟.

كيف وماذا سأكتب عن الضابط الذى أسس سلاح الصاعقة المصري.. وعن المقاتل الوحيد في تاريخ الجيوش الذى يذاع بيان إحالته للتقاعد عبر أسير الاذاعة المصرية؟!

كيف سأكتب عن التاريخ العسكري المصري حين يتجسد أمامي فى "شخص" مقاتل، رزقني الله أنا وأبناء جيلي أن نراه حيا بيننا.. ليكون شاهدا على تاريخ من المجد العسكري لأمة كاملة منذ عصر الملك فاروق وحتى عصر الرئيس السيسي؟..

وحتى لا أقع فى فخ الإعجاب الشخصي بهذا المقاتل العملاق.. فيكفى أن أضعك عزيزي القارئ أمام محطات.. أعي تماما أنك سوف تفتش ورائي في كل كلمة سأرويها.. لأنها ببساطة عناوين لتاريخ وطن، وليست عناوين لمسيرة وحياة الفريق جلال هريدي.

ودعوني أبدأ هذه المحطات السريعة بمشهد وقفت أمامه كثيرا كي أتأمله في رحلة المقاتل جلال هريدي، وهو مشهد منح الجنرال المقاتل، رتبة الفريق الشرفي والتي حظى عليها بعد تقاعده وفى عصر الاخوان.. وكيف أجرى الله التكريم والعطايا على يد أعدائه ومن حيث لا يحتسب!!.. ففي عهد محمد مرسي وبالتحديد في احتفالات حرب أكتوبر لعام 2012 تم استدعاء الجنرال هريدي بوصفه مؤسس سلاح الصاعقة المصرية للتكريم بمنحه رتبة فريق فخري.. ووقتها قال هريدي نفسه : "أنه بمنحه درجة الفريق الفخري من رئيس الجمهورية فهو يشعر أن كرامته عادت له مرة أخرى في أخر أيام عمره وبعد وصوله لسن الـ83 سنة".

الفريق هريدي الذى أنصفه المشير عبد الحكيم عامر.. وسجنه الرئيس عبد الناصر.. ونجاه الله من حكم الاعدام مرتين.. وخاف منه السادات.. ولم يخشاه مبارك .. وتم تكريمه في عهد محمد مرسى.. وأسس حزبه في عهد الرئيس السيسي.. هو ببساطة رجل من زمن الرجال.. يبلغ الأن وكما قال في المؤتمر العام للحزب 88 عام.. ويقف في خانة الرئيس السيسي ليدعمه لفترة ولاية ثانية.. هو ببساطة حلقة مضيئة من تاريخ وطنكم.. أرى أن التاريخ حتى الان لم يمنحه حقه اللائق..

ويضعنا جميعا أمام حقيقة هامة.. تقول أن جنرالات الجيش المصري حين خلعوا عن أجسادهم "الافارول العسكري" اكتست ياقاتهم البيضاء والوان بدلهم بلون أرواحهم العسكرية وهم فى أرض المدنية.. فخاضوا معارك الأمة بشرف المقاتل.. وعزة من تحكمه قاعدة "إما النصر أو الشهادة"..

هؤلاء أبناء العسكرية المصرية الذين ملأوا الارض فى بلادنا نورا فى كل مكان وجدوا فيه.. فتحية لهم وتحية لقامة عسكرية وسياسية وحزبية عظيمة.. هو الفريق جلال هريدي.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز