عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أحمد بهاء الدين وأكاذيب الغرام!

أحمد بهاء الدين وأكاذيب الغرام!

بقلم : رشاد كامل

غير صحيح أن الكاتب الصحفى الجاد يستطيع أن يكتب فى كل شىء وعن أى شىء، إلا إذا كان ما يكتبه مجرد «رص كلام بجوار بعضه» لا أكثر ولا أقل!!
انتهى زمن الكاتب أو الصحفى الذى يفهم فى كل شىء ويعرف كل شىء من السياسة إلى الاقتصاد ومن الفن إلى الرياضة.
لكن فى مصر - بلد العجائب والغرائب - مازال هناك الصحفى بتاع كله، لا بأس أن يكتب يوميا وأسبوعيًّا وشهريًّا فى كل شىء!!

وربما من أهم مميزات الكاتب الحقيقى أنه لا يكتب إلا ما يكون إضافة لقارئه، ومن هذا الطراز النادر الكاتب الكبير الأستاذ «أحمد بهاء الدين» وفى حياته قصة صحفية تستحق أن تقرأها وتستخلص دروسها.
ذات يوم ذهب الكاتب الصحفى الشاب - وقتها - الأستاذ «أحمد بهجت» وكان لايزال محررًا بمجلة «الجيل» التى تصدر عن «أخبار اليوم» وطلب من الأستاذ «بهاء» الاشتراك بإبداء رأيه فى تحقيق صحفى اجتماعى وهو أن يقوم بكتابة خطاب غرامى إلى فتاة يقنعها فيه بأنه يحبها!!
ويقول الأستاذ «بهاء»: تذكرت حقيقة غريبة، هى أننى لم أكتب فى حياتى خطابا غراميًّا واحدا!! وليس معنى هذا أننى لم أكتب خطابًا إلى فتاة أحبها.. ولكننى أقصد أننى لم أكتب خطابًا غراميًّا بالمعنى المفهوم من هذه الكلمة!!
عندما نقول خطابًا غراميًّا «يتبادر إلى ذهننا خطاب يقول فيه كاتبه أنه قد كتبه بدموعه أو بدمه حسب الظروف فى ساعة فجر أو سحر، إذ لابد أن يكون الخطاب الغرامى مكتوبًا بعد أرق طويل!! ثم يمضى كاتبه مسترسلاً فى سرد عواطفه، ووحشته من غير حبيبته، ثم يدبج سطورا طويلة يتغزل فيها ويتغنى بمحاسنها، فإذا كانت عيونها زرقاء فهو يحب كل شىء أزرق!! وإذا كان شعرها مثل ذيل الحصان فهو يقبل كل حصان يصادفه!!
ويمضى الأستاذ «بهاء» فى اعترافه: «لم أكتب فى حياتى خطابا من هذا النوع حتى وأنا صبى صغير كنت أجد هذا الكلام سخيفا ولا يستحق أن يكتب الإنسان من أجله خطابًا، والخطابات القليلة التى كتبتها إلى الفتيات، لو قرأها أحد لظن أنى أكتبها إلى صديق، فإذا كنت مسافرا فإننى أكتب عن مشاهدات وانطباعات السفر، وإذا كنت غير مسافر فإننى أكتب عن مشكلة أو موضوع يحتاج إلى خطاب!!
ثم إننى أعتقد أن كتابة الخطابات الغرامية تحتاج دائما إلى قدرة على الكذب، فالرجل الذى يكون فى باريس مثلا ويكتب إلى فتاته قائلا: إن باريس مظلمة من غيرها يكذب!! والرجل الذى يكتب إلى فتاته إذا كانت هى غائبة فيقول لها إنه يفكر طول الليل والنهار، إما أنه يكذب وإما أنه متعطل لا عمل له!!
ربما كنت متطرفا فى هذا الرأى، وربما السبب فى هذا يرجع إلى أننى تعودت أن أكتب فى المشاكل السياسية والاقتصادية وهى مشاكل لا تحتمل الكذب والخيال، ولو كنت شاعرا أو كاتب قصة مثلا لتغير الأمر، ولكننى أفضل على أى حال أن يكون الحب بغير جعجعة ولا مرافعات وأعتقد أن عواطف الإنسان لا يجب أن تكون فى حاجة إلى إثبات.
إننا عندما نحتك بواحد من الناس نستطيع أن نشعر ونحس بأنه شريف أو غير شريف، مخلص أو غير مخلص، دون حاجة إلى دعاية أو كلام كثير، وكذلك الحب، فالمرأة إذا كانت سليمة الإحساس تستطيع أن تحس وتمتلئ إحساسا بأن رجلها يحبها، من مجرد حنان سلوكه وعميق اهتمامه وتصرفه اليومى البسيط معها، دون حاجة إلى مواقف دراماتيكية أو كلمات مقتبسة من أفلام السينما، ومثل هذا الحب هو الحب الحقيقى!!
إن الكذب فى الكلام أسهل ألف مرة من الكذب فى السلوك والتصرفات، ولهذا السبب فأنا لا أوافق الكتاب الاجتماعيين الذين يقولون إن حل كل مشاكل الزواج وتحقيق البيت السعيد يتلخص فى أن يقول الزوج لزوجته ثلاث مرات كل يوم إنه يحبها، وأن يودعها كل صباح وهو خارج إلى عمله بقبلة ويلقاها عند عودته فى الظهر بقبلة!
إننى أعتقد أن هذا فظيع! وأن له رائحة الخطة الموضوعة، لا الطبيعة البسيطة المرسلة، والمرأة التى تخدعها هذه المؤثرات الكلامية والحركية لابد أن تكون امرأة ساذجة سطحية العقل والشعور!!
أما المرأة السليمة الإحساس، الذكية الفؤاد، فلربما وجدت أن لفتة طبيعية صغيرة أكثر دلالة على الحب من قوله لها: إنه يعبد التراب الذى يخطر عليه قدماها»!
صحيح يا أستاذ «بهاء» ولكن الستات تعشق الكذب الجميل!!



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز