عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
متى تتوقف ماكينة الشائعات عن الدوران؟ (2)

متى تتوقف ماكينة الشائعات عن الدوران؟ (2)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

أظهرت نتائج الدراسة الضافية التي أجرتها الباحثة الدكتورة يسرا حسني عبد الخالق الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة أسيوط أن من بين أدوار الأجهزة الرسمية لمكافحة الشائعات ضرورة إصدار البيانات الصحفية فور ظهور الشائعات؛ وهو ما يتعين معه زيادة النشاط الاتصالي من أجهزة الدولة لمواجهة الشائعات، وتوفير آلية لإدارة الرسائل ومحتواها، وشكل التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة وبشكل خاص أثناء الأزمات، وكذلك تكوين وتجهيز ردود فورية للأحداث الطارئة، ومد وسائل الإعلام بكل المعلومات للحد من انتشار المعلومات المغلوطة، والتي يستغلها بعض الأفراد أو الجهات لزعزعة استقرار الدولة.



وأوضحت نتائج الدراسة ذاتها ارتفاع وعي المجتمع وإدراكه لخطورة الشائعات، حيث جاءت الموافقة بشكل مرتفع جدًا على العبارات المتعلقة بالشائعات وتأثيرها على الأمن القومي، فقد اتفقت عينة الدراسة على أن الشائعات من شأنها التأثير على الأمن القومي بمجالاته المختلفة كافة، وترتبط هذه النتيجة بما يعيشه الشعب المصري من حالة انتشار الشائعات بشكلٍ كبير، وبتداعياته على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتي تظهر بوضوح في حالة الاستقطاب الفكري بنشر المعلومات المضللة، والتي تعمل على زيادة حالة الفُرقة والانقسام بين أفراد المجتمع، كذلك حالة التوتر التي يشهدها المجتمع منذ إزاحة جماعة "الإخوان" عن الحُكم عقب ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013؛ نتيجة انتشار المعلومات المضللة، والتي تستهدف التشكيك في جهود التنمية الاقتصادية للدولة، وبلبلة الرأي العام ونقص الثقة في الحكومة وأجهزتها.

إن ذلك كله يتطلب– في رأينا- تحليل الشائعات بمختلف أبعادها؛ لتحقيق إدراكٍ جيدٍ ودقيقٍ لطبيعة وحجم الشائعات المثارة؛ ومن ثم توقع التطورات المستقبلية لها، للحفاظ على استقرار المجتمع، وهذا يستدعي مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي ليس لفرض الرقابة عليها، ولكن لرصد كل ما هو مخالف لمحاولة تداركه، ومن بين هذه المخالفات بث الشائعات، وهذا أصبح تكنولوجيًا أمرًا متاحًا ولا غبار عليه.

وقد ابتكرت التكنولوجيا الأمريكية برامج متقدمة Software لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي لرصد ما يُبَثُ عليها من شائعات. وقد نجحت دولة الكويت منذ ما يزيد على عامين في الاستعانة بشركة كويتية في تقنية المعلومات لديها شراكة مع إحدى الشركات الأمريكية لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أبلت هذه الشركة بلاءً حسنًا في رصد الشائعات، وقامت بإمداد صانعي القرار بمعلومات مهمة أفادت أيما إفادة في وأد عديدٍ من الشائعات في مهدها، ومن بينها شائعة تخفيض رواتب الموظفين الحكوميين عندما انخفض سعر برميل البترول، ما أدى إلى قيام الحكومة الكويتية بإصدار بيانٍ عاجل يستدرك انتشار هذه الشائعة التي كانت ستتسبب فيما لا يُحْمَدُ عُقْبَاه.

وفي مصر، يقوم مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء بدورٍ مماثل لكن دون الاستعانة بتقنيات متقدمة في هذه السبيل، لذا فإن بيانات المركز لا تشمل الشائعات كافة التي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، ما يستلزم معه تطوير أداء المركز في هذه السبيل، بحيث يتم دعم المركز بالتقنيات المطلوبة، وقيام المركز صباح كل يوم بإمداد صانعي القرار بالشائعات التي تمس عملهم للرد عليها أو التعامل معها.

وعلاوة على ذلك، لا بد أن يقوم المشرعون في مجلس النواب المصري بسَنِ تشريعٍ يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي لتجريم عمليات سوء الاستخدام بأشكاله المختلفة من بث الشائعات، والتحريض على الجيش والشرطة والمدنيين، والسب والقذف والتشهير، وتشويه الرموز السياسية والدينية والشخصيات العامة، واستخدام هذه الشبكات في الترويج لزنا المحارم والعلاقات المثلية، وارتكاب الأعمال العنيفة، وتبادل الزوجات، والمتاجرة بالنقد الأجنبي، والترويج للإلحاد وازدراء الأديان.. وغيرها من الأمور المخالفة التي يتم ارتكابها عَيَانًا بَيَانًا على هذه النوعية من الشبكات دون رادع.

وكما نعلم أنه توجد ثمة ميليشيات منظمة لجماعة "الإخوان" على شبكات التواصل الاجتماعي، نعلمُ بعضَ أعضائِها والبعضُ الآخر مجهولٌ بالنسبة لنا، وهؤلاء جميعًا يمكنُ الوصولُ إليهم من على صفحاتهم وحساباتهم على "الفيس بوك" و"تويتر" من خلال برامج "التحليل الشبكي" Network Analysis التي يمكن أن توضحَ لنا مدى قُرب الأشخاص الذين يتواصلون مع حسابات أحد أعضاء هذه الميليشيات، مما يمكننا من معرفة بياناتهم وحساباتهم على هذه الشبكات، ووضعهم تحت المراقبة، وإخضاعهم لسيادة القانون عند ارتكابهم أي مخالفات أو جرائم.

إننا نعتقد أن هذه "الروشتة" سوف تكون فعالة في إيقافِ ماكينةِ الشائعاتِ عن الدوران أو توقف هذه الماكينة عن العمل تمامًا، ولكن لا بُدَ في المقابل من إقرار قانون لتداول المعلومات بنزاهة وشفافية حتى نقضي على البيئة التي يمكن أن تتنامى فيها الشائعات لنقص المعلومات أو تداول معلوماتٍ خاطئة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز