عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حرب الغاز!
بقلم
محمد نجم

حرب الغاز!

بقلم : محمد نجم

القواعد المعروفة للأسواق تقول: «إذا دخلت للسوق- أي سوق- فلا بد أن تتعامل فيها كما يتعامل جميع المتواجدين فيها».



وطالما دخلنا «سوق الغاز الطبيعي» سواء كنا- من قبل- مستهلكين أو منتجين حاليا، فلا بد أن نتعامل فيه كما يتعامل الآخرون.

أي نشتري ونبيع.. ونستورد ونُصدَّر.

وعلشان نفهم «الحكاية»، لازم نحكي من البداية.

في عهد وزير البترول الأسبق سامح فهمي، نجحت مصر في اكتشاف العديد من حقول الغاز الطبيعي، وأصبح ما ينتج يفوق احتياجات السوق المصرية، ومن ثم بدأ التفكير في إقامة وحدات لتسييل هذا الغاز الفائض تمهيدًا لتصديره إلى الخارج، وكنا قبل ذلك أنشأنا معامل تكرير البترول «ميدور».

وبالفعل أقامت الشركة المصرية للغاز مصنع إدكو بكفر الشيخ الذي تضمن وحدتين لإسالة الغاز.

كما أنشأ «تحالف» إيطالي / إسباني مصنعًا آخر في دمياط وتم توقيع اتفاقية لتصدير الغاز المُسال لكل من إسرائيل وأوروبا.

وكان الطرف الثاني مع الشركات المصرية.. تحالفا من شركة ميرهان الإسرائيلية، وآميال الأمريكية، وبي تي تي التايلندية، ورجل أعمال أمريكي يدعى سام زويل.

وقيل، وقتها إننا نصدر الغاز بثمن بخس!

وأقام البعض دعاوى بوقف التصدير، وصدرت أحكام، والمهم.. عمليًا.. توقف تصدير الغاز في فترة حُكم الإخوان بسبب التفجير المتكرر للأنبوب الناقل للغاز في سيناء، وحصلت الشركات المستوردة للغاز المصري على حكم بتعويض ملياري دولار، وحدث تدهور بعد ثورة يناير في جميع القطاعات الاقتصادية.. بما فيها إنتاج الغاز، واضطررنا لاستيراده من الخارج.

وبعد ثورة التصحيح في يونيو 2013 وبعد أن بدأت الأوضاع الداخلية في الاستقرار، عرضت مصر مساحات جديدة على الشركات الأجنبية للاستكشاف في البحرين (المتوسط والأحمر) وفي منطقة الدلتا.

وبعد التأكد من وجود الغاز في تلك المناطق الجديدة، خاصة المياه الإقليمية في المتوسط، كان لا بد من توقيع اتفاقية «ترسيم الحدود البحرية» مع الشركاء ودول الجوار وهما قبرص واليونان.

ولأن مصر «محروسة» بعناية الله دائمًا، فقد رزقنا الله بحقل «ظهر».. وحقول أخرى.. وبدأنا في الإنتاج واكتشف العالم- فجأة- أن مصر ستتحول إلى مركز لتصدير «الطاقة» سواء من الغاز أو الكهرباء أو البترول.. إن شاء الله.

أي.. أننا أصبحنا «رقمًا» مهمًا في سوق الغاز.. فالاكتشافات الجديدة تحقق لنا الاكتفاء الذاتي لاحتياجاتنا، وبالطبع سوف نصدر ما يزيد على تلك الاحتياجات، خاصة أننا نمتلك وحدات التكرير والإسالة على الأراضي المصرية، بخلاف شبكة من الأنابيب الناقلة لهذا الغاز إلى موانئ التصدير سواء في دمياط أو العريش أو غيرهما.

وهنا.. بدأت.. قوى الشر.. والمنافسون في التحرك.. وأقصد بالأولي قطر وتركيا، والثانية روسيا وإسرائيل بعدما نجحت في اكتشاف حقل ضخم لإنتاج الغاز بالبحر المتوسط أيضًا.

الأخ أردوغان التركي.. استعرض عضلاته على قبرص ومنع سفن البحث الخاصة بشركة إيني الإيطالية التي تدير حقل «ظهر» المصري من التنقيب والحفر وهدد أيضا بمنع اليونان! لكنه «كش ملك» بعد أن استعرضت قواتنا البحرية عضلاتها في مياهنا الإقليمية.

الإخوة الروس- المنافسون- قالوا: طالما أنكم هتنافسونا في تصدير الغاز لأوروبا ونحن المصدر الأساسي لهم- وبأسعار أرخص.. فلا مجال لعودة السياحة الروسية إلى مصر في الوقت الحالي.. وأجلوا رحلات الطيران إلى إبريل القادم!

وماذا عن إسرائيل؟ تروح فين؟ وتكون مع مين؟ بالطبع كانت الدعوة من المصريين أسرع.. وأفضل اقتصاديًا، حيث دارت مفاوضات مع شركة ديليك دريلنج الإسرائيلية وشركة دولفنيوس المصرية- والمملوكة لمجموعة من رجال الأعمال- انتهت إلى استيراد الغاز الإسرائيلي على مدى عشر سنوات بإجمالي 15 مليار دولار، لتسييله في المصانع المصرية وتصديره إلى أوروبا.

مع ملاحظة أن الحكومة المصرية ليست طرفا في هذا الاتفاق.. الذي يعد اتفاقا تجاريًا.. أي «بيزنس» بين رجال أعمال وشركات خاصة في البلدين.

لكن الحكومة المصرية- ممثلة في وزارة البترول- اشترطت أن يتم هذا الاتفاق طبقا للقوانين واللوائح المصرية المنظمة لهذا النشاط، وأن يتم التصالح على الحُكم الذي حصلت عليه بعض الشركات الإسرائيلية من قبل بالتعويض، وأن تكون هناك قيمة مضافة للاقتصاد المصري.. وهذا أمر لا شك فيه.

والسؤال الآن: هل هناك تعامل تجاري بيننا وبين إسرائيل من قبل أم لا؟ وماذا عن اتفاقية الكويز؟ وماذا أيضا عن اتفاقية تصدير الغاز التي توقفت بسبب توابع يناير 2011؟

أعتقد أن الجميع يعلم قواعد الأسواق التجارية بيع وشراء، واستيراد وتصدير، ومنافع ومصالح مشتركة أو متبادلة.. أم أن المطلوب أن «نستنشق» نحن الغاز المستخرج من حقولنا والفائض عن حاجتنا؟

أم نحرق هذا الغاز الفائض أو نسيله ونرميه في البحر؟

ونخرج من هذه السوق.. بخفي حنين؟!

الدول لا تدار بالعواطف.. وإنما بالمصالح المتبادلة أو المشتركة.. وبشرط الحفاظ على الأمن القومي.

وأعتقد أن هذا ما حدث.. وما وصفه الرئيس السيسي.. بأننا سجلنا في سوق الغاز «جووون».. و«جووون» كبير.. مثل «أجوان» محمد صلاح.. الفرعون المصري!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز