عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تجار السياسة واللعب بورقة الغلابة!

تجار السياسة واللعب بورقة الغلابة!

بقلم : محمد يوسف العزيزى

الغلابة ومحدودو الدخل هم ورقة الجوكر التي يلعب بها تجار السياسة ونشطاء السبوبة وأصحاب دكاكين حقوق الإنسان خصوصا منذ أحداث يناير بشكل مكثف، ولأن الورقة قديمة فقد كنت أعرف أحد أقطاب اليسار الذي كان يرفع شعارات تتحدث عن الغلابة والمقهورين والذين يكملون عشاءهم نوما أو يبيتون وليس في بطونهم غير الماء.. هذا القطب اليساري الجامد جدا كان طعامه لا يخلو من اللحم المشوي في وجبتي الغداء والعشاء، وكان النبيذ الفاخر لا يغادر مائدة العشاء تحديدا، وكانت جلسات كلام الليل الخاصة تتحدث عن الرفاهية والتمتع بالحياة بينما جلسات النهار بين الناس والمريدين تقطر ألمًا عن الغلابة وتخلع قلوب السامعين الذين تختطفهم كلمات التعاطف فينامون تنويما مغناطيسيا وهم في يقظة تامة وكأنهم مسحورون!



اللعب على هذا الوتر صار حرفة ومهنة يجيدها هؤلاء.. يتكسبون منها فتزداد أرقام حساباتهم في البنوك فيزيد سعارهم، ويطلون علينا من الشاشات ويخرجون علينا من أي نافذة وعبر أي وسيلة.. والكلام معروف والخطاب منسوخ وممجوج، والنماذج كثيرة.. مختلفة لكنها تشبه بعضها.. وسائلها متعددة لكن هدفها واحد.. معظمهم لا ينتمون إلى طبقة الغلابة ولا محدودي الدخل.. معظمهم من أصحاب دخول الملايين في السنة الواحدة، وبعضهم من أصحاب دخول الملايين في الشهر.. الغلابة بالنسبة لهم سلعة يبيعونها كل ليلة– للأسف– للغلابة أنفسهم!

ما عرفت منهم أحدًا ليس صاحب ملايين، ولا أحدًا يعيش في شقة متواضعة، ولا أحدا يأكل طعام الغلابة، ولا أحدا يلبس كما يلبس الغالبية من المصريين.. كلهم يسكنون الفيلات والقصور، ويأكلون أغلى الأطعمة، ويلبسون أشهر الماركات من الملابس والساعات، ويركبون أحدث السيارات، ولو بحثت في البدايات لأدركت أن اللعب بورقة الغلابة هي التي أوصلتهم لتلك الحالات!

لذلك لا عجب ولا استغراب أن يكون هؤلاء المتاجرون بالغلابة ومحدودي الدخل هم أشد كرها وحقدا وإنكارا لكل انحياز للغلابة في هذا البلد، وهم أكثر من يشوهون الحقائق ويطمسون معالم أي إنجاز يحدث ولو كان بسيطا.. لا يهمهم شيء غير أن يستمر السخط ويزداد حتى تظل تجارتهم رابحة، ويظل سوقهم رائجا، وتظل الأموال تتدفق على جيوبهم.. هؤلاء لن يتغيروا، ولن يتوقفوا.. هؤلاء قبلوا على أنفسهم الحرام وسكروا منه حتى الثمالة فماتت ضمائرهم وغشي العمى أبصارهم وبصائرهم !

هؤلاء لا يعنيهم علاج أكثر من مليون مواطن من مرضى فيروس سي كان يأكل أكبادهم ليحصدهم الموت حصدا بلا هوادة، ولا يعنيهم أن كابوس الموت غادر المرضى الذين يخضعون للعلاج بأقل التكاليف وبالمجان لمن لا يملك القدرة عليه، ولو أن ما قامت به القيادة السياسية توقف عند هذا الحد فقط لوجب لها الشكر والتقدير والامتنان.. لكن هل يدرك تجار الغلابة معاناة المرض وآلامه، وهل يشعرون بحال مريض يجافيه النوم خوفا من الموت الذي يتسلل إليه؟

تجار ورقة الغلابة لا يؤرقهم موت الغلابة تحت أنقاض بيوت متهالكة وعشوائية، ولا يؤرقهم إصابتهم بأمراض وبائية بسبب حياة غير آدمية.. لذلك هم غير سعداء بإسكان حضاري يحفظ للغلابة آدميتهم في مشروع من أكبر مشروعات الانحياز لفئة كبيرة من محدودي الدخل وغير القادرين.. ولو اكتفت القيادة السياسية بالقضاء على العشوائيات الخطرة وتوفير سكن مناسب وآدمي للغلابة ومحدودي الدخل لكان ذلك يكفي ويفيض.

تجار ورقة الغلابة تميد الأرض بهم بعد الخطوة الكبيرة التي اتخذتها القيادة السياسية بالتأمين على كل العمالة الموقتة وأصحاب الحرف البسيطة وعمال اليومية لتضمن لهم معاشا أو تعويضا- لا قدر الله– في حالات الوفاة بالإضافة إلى برنامج تكافل وكرامة الذي حفظ وجوه الغلابة من ذل السؤال وغلبة الدين.

تجار ورقة الغلابة لم يلفت انتباههم مواجهة الدولة لعلاج مسببات العمى الذي يعاني منه أكثر من 4 ملايين مواطن ينطفئ نور عيونهم بالتدريج لعدم قدرتهم على إجراء جراحات في العيون لإزالة أسباب العمى عندما تم رصد مليار جنيه من صندوق تحيا مصر للبدء فورا في علاجهم.

هذه بعض أمثلة للانحياز الحقيقي للغلابة ومحدودي الدخل، والكثير يمكن سرده في هذا المقام، ومع ذلك ما زال تجار ورقة الغلابة يسعون بكل قوة لطمر هذه الإنجازات ووضع الركام عليها!

قريبا ستتلف تلك الورقة، ويصيب الكساد تجارتهم.. وإن غدا لناظره قريب.. لذلك ومن أجل ما سبق وليس أكثر- وهو كثير بالفعل- أري أن الرئيس السيسي ما زال هو رئيس الضرورة، وما زلت على قناعتي أكثر من قبل أنه رئيسي القادم.. وتحيا مصر رغم أنف تجار السبوبة وتجار الوطن.

بقلم محمد يوسف العزيزي

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز